نفط ليبيا.. الإنتاج على "ميزان" المجموعات المسلحة

نفط ليبيا.. الإنتاج على "ميزان" المجموعات المسلحة

10 يوليو 2014
صهريج نفط في ميناء الحريقة شرقي ليبيا (أرشيف/Getty)
+ الخط -

 لم يعد واضحا بعد ما إذا كانت ليبيا الغنية بالنفط، مؤَهّلة لاستئناف خططها التوسعية فيما يتعلق بالإنتاج في ظل التراجع النسبي في وتيرة الاحتجاجات والاضطرابات، بعدما رسخت لفوضى ضيّعت على البلاد مليارات الدولارات على مدار نحو عام.

ولم يتمتع إنتاج النفط الليبي بالعافية منذ سيطرة المسلحين على موانئ النفط شرقي البلاد، في يوليو/تموز الماضي، وما تبعها من احتجاجات كبيرة عطلت الإنتاج في أغلب حقول النفط، سيما الكبرى منها مثل حقل الشرارة (شرق).

وتراجع الإنتاج إلى حدود مائتي ألف برميل يوميا حاليا، مقابل نحو 1.4 مليون برميل يوميا قبل عام تقريباً.

ووافقت مجموعة من المسلحين في شرق البلاد، الأسبوع الماضي، على إعادة فتح ميناءين رئيسيين من الموانئ الأربعة التي كانت قد سيطرت عليها، للضغط على طرابلس في حصة أكبر من إيرادات النفط والحصول على حكم ذاتي.

ومع انتهاء حصار حقل الشرارة الجنوبي قد يعزز استئناف العمل في الموانئ صادرات النفط بنحو 650 ألف برميل يوميا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مما يساعد على استعادة معظم الإنتاج الليبي.

ووافق المسلحون على إنهاء حصارهم بعد أن صوت الليبيون لانتخاب برلمان جديد الشهر الماضي. وأظهرت النتائج الأولية أن المرشحين الذين قامت حملاتهم الانتخابية على الدعوة إلى دولة اتحادية تتقاسم فيها المناطق الثروة النفطية، حققوا نتائج طيبة في شرق البلاد الذي يعاني الإهمال.

لكن احتجاجات جديد قد تتفجر في أي وقت مع عجز الحكومة عن السيطرة على الميليشيات التي ساعدت على الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011 والتي بوسعها السيطرة على المنشآت النفطية متى أرادت سعيا للحصول على النفوذ السياسي والعائدات النفطية.

وتضمّن اتفاق إعادة فتح الموانئ الشرقية حصول المسلحين على مرتبات من الحكومة، الأمر الذي قد يشجع ميليشيات أخرى للسيطرة على بنية تحتية نفطية لاغتنام مكاسب مماثلة.

وقال جيفري هوارد المحلل لدى كونترول ريسك، ومقرها لندن، والذي عاد لتوه من رحلة إلى ليبيا "ستظل أصول الطاقة ورقة مساومة رئيسية في يد المجموعات الراغبة في الضغط على الساسة على المستوى الوطني".

وأضاف في تصريحات لرويترز "من المرجح أن يستمر إغلاق المنشآت النفطية خلال العام المقبل على الأقل. العودة إلى مستويات التصدير الكاملة أمر مستبعد إلى حد كبير".

وقال حسني بي، رئيس واحدة من الشركات الخاصة الكبيرة في ليبيا، إن فرصة الابتزاز المحتملة تتمثل في زيادة مرتبات عمال النفط بنسبة 70 في المائة، وهو ما وافقت عليه الحكومة في الخريف الماضي في محاولة فاشلة للسيطرة على الاحتجاجات.

وحذر مصرف ليبيا المركزي من المضي قدما في رفع الأجور نظرا لأنه قد يدمر المالية العامة التي تعاني بشدة بالفعل بعد عام من الاحتجاجات التي عصفت بقطاع النفط.

زيادة الأجور

وفي مؤشر على أن الحكومة قد ترضخ للضغوط، قالت حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبد الله الثني، إن لديها "تحفظات" على تجميد الزيادات في الرواتب.

في الوقت نفسه، قالت الحكومة إنها قد تضطر إلى بيع صكوك إسلامية لتمويل الميزانية البالغ حجمها 47 مليار دولار في خطوة غير معتادة بالنسبة للبلد المنتج للنفط الذي كان يفيض عادة بالسيولة النقدية.

ومن بين المشكلات الرئيسية أن الإنتاج النفطي سيزيد تدريجيا مما سيجبر المصرف المركزي على استهلاك المزيد من الاحتياطيات الأجنبية التي تراجعت إلى 109 مليارات دولار من نحو 130 مليارا قبل عام.

وباستطاعة ليبيا أن تبيع سريعا 7.5 مليون برميل من النفط المخزن في مرفأي راس لانوف والسدر اللذين أعيد فتحهما مؤخرا. لكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت لاستئناف ربط الحقول بخطوط الأنابيب التي توقفت عن العمل لفترة أطول من ثمانية شهور خلال الثورة التي أطاحت بالقذافي عام 2011.

وذكرت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أن حقل الشرارة خسر 20 مضخة على الأقل بسبب الإغلاقات المتكررة ويحتاج إصلاحها لأشهر عدة، كي يتسنى استئناف طاقة الإنتاج بالكامل، والبالغة 340 ألف برميل يوميا.

وبينما يبذل مهندسو النفط ما بوسعهم لاستعادة الإنتاج، تواجه طرابلس مأزقا يتمثل في عدم قدرتها على خفض الميزانية التي تنفق نحو 70 في المائة منها على القطاع العام ودعم الوقود والغذاء وعلى الميليشيات في محاول لإبقاء الاحباط الشعبي تحت السيطرة.

وفي الأسبوع الماضي قال الصديق عمر الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي إن الدولة خسرت 40 مليار دولار من العائدات النفطية بسبب الاحتجاجات.

وذكر أنه حتى مع ارتفاع صادرات النفط إلى مليون برميل يوميا بنهاية سبتمبر/أيلول سيبقى العجز في الميزانية عند مستوى 50 في المائة، حسب رويترز.

وانتهت الاحتجاجات في المنشآت النفطية بعد أن قدمت السلطات موعد الانتخابات إلى 25 يونيو/حزيران لتتخلص من المؤتمر الوطني العام القديم (البرلمان) الذي يحمله كثيرون مسؤولية الصراع السياسي الذي تعاني منه ليبيا منذ سقوط القذافي.

ومن غير المتوقع أن تعلن النتائج النهائية قبل الأسبوع القادم لكن عمليات الفرز الجزئية تظهر تقدما كبيرا للمرشحين الاتحاديين في الشرق الذين يؤيدون أجندة إبراهيم الجضران زعيم الاحتجاجات في المرافئ النفطية.

لكن تظل التساؤلات مشروعة حول شكل النظام السياسي الذي ستتبناه ليبيا في نهاية المطاف، إذ لم تنته هيئة خاصة موكلة بوضع مسودة لدستور البلاد من عملها بعد.

 

المساهمون