فشل إعمار غزة 2009 يحبط الغزيين من 2014

فشل إعمار غزة 2009 يحبط الغزيين من 2014

11 أكتوبر 2014
غزة تترقب نتائج مؤتمر المانحين(عبدالحكيم أبو رياش/خاص)
+ الخط -

تناثرت آمال 4100 من أصحاب الشقق السكنية التي دُمرت بشكل كلي خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2009 بإعادة إعمارها، بعدما تلاشت الوعود المالية التي رصدت في مؤتمر إعادة إعمار القطاع، الذي عقد في الثاني من مارس/آذار 2009 في مدينة شرم الشيخ المصرية، فبقيت معالم الدمار على حالها، قبل أن تتضاعف في العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع والذي خلف تدميرا واسعا في مختلف مناحي الحياة.
ومع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر إعادة إعمار غزة، والمقرر غدا الأحد في القاهرة، امتزجت آمال أصحاب نحو 20 ألف شقة سكنية تعرضت لتدمير كلي خلال العدوان الأخير، فضلا عن عشرات المنشآت الاقتصادية والحياتية بالخوف، خشية أن تتكرر تجربة مؤتمر 2009، ولكن مسؤولون واقتصاديون أكدوا في أحاديث منفصلة لـ "العربي الجديد" أن الذرائع التي حالت دون تفعيل خطط الإعمار السابقة تلاشت، والتي كان أبرزها الانقسام الفلسطيني الداخلي وغياب القرار الموحد.
وتعرض قطاع غزة في 27 ديسمبر/أيلول 2008 لعدوان إسرائيلي استمر 23 يوما، وقدرت مجموع خسائر البنية التحتية والمباني بنحو 1.098 مليار دولار، وبعد نحو شهر ونصف من انتهاء العدوان اجتمعت 70 دولة و16 منظمة إقليمية ودولية، لتقديم الدعم المالي لإعمار غزة، ومثل الجانب الفلسطيني حينها حكومة سلام فياض ولم يشارك أحد من غزة، وفي نهاية الاجتماع تعهد المانحون بدفع نحو أربعة مليارات و481 مليون دولار من أجل إعادة الإعمار.
ويقول وكيل وزارة الاقتصاد الوطني في غزة، حاتم عويضة، لـ "العربي الجديد"، إن حجم الدمار الذي خلفه العدوان الأخير لا يحتمل التأجيل في تنفيذ خطط إعمار القطاع وإنعاش الحياة الاقتصادية، داعياً إلى أن تتوازى مخرجات مؤتمر القاهرة مع حجم الكارثة التي تركها العدوان، وأن تتضمن إحداث تغييرات جذرية في كافة مناحي الحياة والتي أصيبت بالشلل الكامل منذ ثماني سنوات نتيجة فرض الحصار وإغلاق المنافذ الحدودية.
وطرح عويضة ثلاثة أركان لإنجاح مؤتمر القاهرة حول إعمار غزة، وهي وحدة القرار والموقف الفلسطيني، الأمر الذي حصل بالفعل، والتزام الدول المانحة بالوعود المالية التي ستقدمها وتسليمها للجهات المشرفة بالتوقيت المناسب على ملف الإعمار، ومن ثم فتح كافة المعابر التجارية التي تربط قطاع غزة مع الاحتلال ورفع القيود التي فرضت منذ عام 2007 على الحركة التجارية من وإلى القطاع.
وأوضح عويضة أن القطاع الخاص سيلعب دورا بارزا في ملف الإعمار، والذي يعتبر الحاضنة الأكبر للمنشآت الاقتصادية وخاصة الإنشائية منها لدورها الأساسي في إمداد قطاع غزة باحتياجات الإعمار ومستلزماته، مبينا أن الخطة الحكومية التي ستطرح في المؤتمر أعدت من لجنة وزارية عليا شملت غالبية الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، وجاءت بعد دراسة احتياجات المواطن على المديين القريب والبعيد.
بدوره، حذر أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة، الدكتور معين رجب، من تكرار تجربة مؤتمر إعمار 2009 التي وصفها بـ "الفاشلة" في حال بقاء الحصار الإسرائيلي على حاله، وإغلاق المعابر الحدودية وعدم إدخال مواد البناء والإعمار بالكميات المطلوب وبدون قيود، مشددا على أهمية تشكيل جبهة ضغط من خلال المؤتمر لإجبار الاحتلال على رفع الحصار فورا، كمقدمة نحو إعمار حقيقي للقطاع.
ونبه رجب إلى أن إعمار غزة هو عملية إنسانية وأخلاقية لا مجال فيها للاستثمار السياسي من أي طرف خاصة بعد التدمير الكبير الذي أصاب القطاع في عدوان 2009 و2012، وقال لـ "العربي الجديد": إن "الدول المانحة ستقدم الدعم المالي وفقا للخطة الحكومية للإعمار التي سيقدمها الوفد الفلسطيني الموحد، ولكن تبقى الركيزة الأساسية في تحويل التعهدات إلى واقع ملموس في أقرب فرصة".
واقترح رجب إنشاء صندوق مالي تجمع به الأموال المقدمة للإعمار ويخضع لإشراف السلطة الفلسطينية والدول المانحة، ويضمن تنفيذ خطط الإعمار بمرونة وشفافية، ويتكلف بوضع نظام لآلية العمل خلال فترة الإعمار كالتعويض النقدي للمتضررين أو تكليف شركات محلية بعملية الترميم أو الجمع بين الأمرين وفق متطلبات الواقع وسلم الأولويات، موضحا أن نتائج المؤتمر لا بد أن تؤكد على استمرار الإغاثة العاجلة للمواطنين المنكوبين بعد العدوان.
في السياق ذاته، قال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان، ناجي سرحان لـ"العربي الجديد" إن إعمار ما دمر خلال العدوان في كافة المجالات مرتبط بأمرين أساسيين، وهما توفر الأموال بالصورة الكافية وبالتوقيت المناسب، وإدخال كافة مستلزمات البناء والتي ترتبط بفتح المعابر التجارية، محذرا من تخفيف الحصار بدلا من رفعه وإطالة فترة الإعمار إن وضعت القيود على إدخال مواد البناء ومستلزماته وحركة المعابر.
وأضاف سرحان أن كافة الذرائع التي عطلت تنفيذ مخرجات مؤتمر إعمار 2009 تلاشت في الفترة الحالية فحكومة التوافق الوطني ستكون العنصر الأساسي في تنفيذ الخطة بالتعاون مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية.
وأوضح سرحان أن الخطة الحكومية التي ستقدم في مؤتمر المانحين تسير وفقا لثلاثة مستويات، إنعاش قريب ومتوسط وبعيد المدى، وسينال ملف إعادة إعمار المنازل التي دمرت بشكل كامل، وترميم ما تعرض لتدمير جزئي أو طفيف النصيب الأكبر منها.
وقدرت الخطة الوطنية للإنعاش المبكر وإعادة الإعمار تكاليف بناء وترميم الوحدات السكانية 1.182 مليار دولار، وسيكلف القطاع الاجتماعي بما يشمله من الصحة والدعم النفسي والتربية والتعليم العالي والمنظمات المجتمعية 701 مليون دولار، وسيحتاج القطاع الاقتصادي 1.235 مليار دولار، أما البنية التحتية فستكلف 1.910 مليون دولار، ويتطلب قطاع الحوكمة 186 مليون دولار. وستطلب السلطة الفلسطينية نحو أربعة مليارات دولار من الدول المانحة في مؤتمر الإعمار في القاهرة.

المساهمون