الجيش يُدير "بيزنس" الأمن الخاص في مصر

الجيش يُدير "بيزنس" الأمن الخاص في مصر

23 أكتوبر 2014
أمن لشركة "فالكون" عند جامعة القاهرة (فرانس برس)
+ الخط -
مع الانفلات الأمني وتأخر وزارة الداخلية في مصر عن دورها المنوط بها، منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011، زاد إقبال أصحاب الأعمال والمصانع على شركات الحراسات الخاصة لتأمين مصالحهم، لكنّ أحداً لم يكن يتوقع أن يتطور الاعتماد على شركات الأمن الخاصة في التصدي للتظاهرات والاحتجاجات الطلابية التي تأتي في سياق معارضة الحكم العسكري الذي يربط كثيرون عودته بتولي وزير الدفاع السابق، عبد الفتاح السيسي، رئاسة البلاد.

المستفيد الأكبر

قال عضو شعبة الحراسة والأمن في الاتحاد المصري للغرف التجارية، السيد عبد الونيس، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن الطلب على شركات الحراسة والأمن الخاص سجل نمواً بنحو 300% خلال السنوات الأربع الماضية جراء الاضطرابات الأمنية التي تعيشها مصر منذ ثورة 25 يناير 2011.
وأضاف عبد الونيس، أن تزايد الطلب على شركات الأمن والحراسة في مصر خلال العامين الأخيرين تحديداً، عزز الاستثمار في قطاع الأمن الخاص، مقدراً حجم الاستثمارات بهذا القطاع، بين 4 إلى 6 مليارات جنيه (560 إلى 835 مليون دولار).
وعن إمكانية رصد حجم الاستثمارات في هذا القطاع الذي يأخذ مراحل متطورة جدّاً في مصر، قال عبد الونيس: "هذا النشاط يعاني من العشوائية. لا يوجد أية بيانات دقيقة في شأنه وكلها تقديرات. ولأجل ذلك ننتظر صدور قانون منظم له".

وقال العميد، محمود قطري، المسؤول الأمني السابق في وزارة الداخلية المصرية: هذا النشاط عشوائي ولا يمكن تقدير حجم الاستثمارات فيه لأن العمل فيه غير مرتبط بقانون منظم ويمكن لأي شخص أن يؤسس شركة.
تحصل شركة فالكون التي أسندت إليها الحكومة مهمة تأمين 15 جامعة حكومية في أقاليم مختلفة، على 5 ملايين جنيه شهريّاً من وزارة التعليم العالي، بحسب مسؤول أمني سابق في وزارة الداخلية المصرية.
وقال المسؤول الذي طلب من "العربي الجديد" عدم الكشف عن هويته: إن جهات سيادية طلبت من وزارة التعليم العالي إسناد مهمة تأمين الجامعات الحكومية إلى شركة أمن خاص، وكانت أبرز الشركات المرشحة للمهمة فالكون.
وسبق أن قامت فالكون بنقل التوكيلات الخاصة بترشيح الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات في أبريل/نيسان الماضي.
وتأسست شركة فالكون للأمن والحراسة في 2006 من البنك التجاري الدولي وتضم 12 ألف عنصر أكثر من 20% منهم قيادات أمنية سابقة عملت في الجيش ووزارة الداخلية، وفق معلومات قدمها للعربي الجديد مسؤول سابق في وزارة الداخلية.
ويرأس شركة فالكون، حاليّاً، وكيل المخابرات الحربية السابق، خالد شريف.
ويمتلك البنك التجاري الدولي 40% من أسهم الشركة، وصندوق البنك التجاري الدولي 19.59% و5.46% لشركة الأهلي للتسويق والخدمات، و35% لمساهمين آخرين ينتمون إلى المؤسسة العسكرية في مصر.
وقال المسؤول الأمني السابق، والذي شغل رتبة لواء في وزارة الداخلية وعمل مدرساً لمكافحة الإرهاب في أكاديمية الشرطة لمدة تزيد عن 15 عاماً: إن أبرز المسؤولين المشاركين في رأسمال الشركة هو اللواء، سامح سيف اليزل، مدير مكتب شركة جي فور اس.
و"جي فور اس"، شركة متعددة الجنسيات بريطانية الأصل للخدمات الأمنية، وتوصف بأنها أكبر «جيش خاص» في العالم، ولها أعمال في 125 دولة، وتوجد في مصر منذ عام 2001، وهي شركة الأمن الوحيدة العابرة للقارات التي سمحت لها مصر بالعمل فيها.
وعمل اليزل، في جهاز المخابرات العامة المصرية، ويدير مكتب شركة "جي فور اس" في القاهرة منذ 2001 وحتى الآن.

قسمة الكعكة

حصلت "العربي الجديد" على معلومات حول حصص شركات الأمن الخاص من السوق. ورغم حصتها التي لا تتجاوز حاليّاً 5%، يتوقع المتخصصون أن تصل حصة "فالكون" إلى أكثر من 30% من سوق الأمن الخاص خلال خمس سنوات.

وقال مسؤول أمني بارز: "فالكون لديها قدرات مالية كبيرة مقارنة بغيرها من المنافسين، فضلاً عن قرب مؤسسيها من دوائر نافذة في الجهات السيادية والأمنية بمصر".
ووفقاً للمعلومات التي وفّرها مسؤول بارز في شعبة الحراسة والأمن، فإن شركة "كير سيرفس" تستحوذ على نحو 30% من نشاط الأمن الخاص في مصر وتضم ما يربو عن 25 ألف عنصر أمن.
في حين تأتي شركة النصر للخدمات والصيانة (كوين سيرفس) التابعة لجهاز الخدمة الوطنية، أحد أفرع الجيش المصري، في المرتبة الثانية بحجم نشاط يتجاوز 20% من إجمالي سوق الأمن الخاص بمصر.
وبحسب الموقع الإلكتروني للشركة فإنها تأسست عام 1988، ويعمل فيها ما لا يقل عن 7500 مجند في الجيش لخدمة الفنادق العسكرية والمستشفيات الحكومية والطرق.
ولا تُظهر البيانات المتاحة حجم استثمارات هذه الشركة، إلا أن نشاطها يقتصر على تقديم الخدمات للجهات الحكومية.
وفقاً للمسؤول في شعبة الحراسة والأمن، فإن عدد العمالة في قطاع الأمن الخاص يتجاوز 300 ألف شخص في الوقت الحالي، مقابل 120 ألف عامل قبل 25 يناير 2011 بنمو 150%.
ويرى العميد محمود قطري، المسؤول الأمني السابق في وزارة الداخلية المصرية، أن إسناد مهمة تأمين الجامعات المصرية يعد إحدى الحلقات التي تؤكد ضعف نظام الأمن في مصر.
وأضاف: أن وزارة الداخلية تمنح العاملين في هذه الشركات تراخيص حمل الأسلحة من دون أن يكون لديهم خبرة. لكن المبرر الوحيد لهذه التراخيص يتلخص في حيثيات مؤسسي هذه الشركات في الأجهزة السيادية أو الأمنية.
وأوضح أن شركات الأمن والحراسة لا تمتلك معسكرات للتدريب وتلجأ إلى أكاديمية الشرطة، إلى جانب الاستعانة بعناصر من الجيش أنهوا خدماتهم.
وقال المسؤول الأمني الذي عمل في مكافحة الإرهاب: إن هذه الشركات تمثل خطراً كبيراً على مناخ الأمن في مصر، فهي صورة مصغرة من شركات "بلاك ووتر" ذات العمليات القذرة، مضيفاً: "ربما تعرف مصر لوناً آخر من ألوان البطلجة ولكن هذه المرة تأتي في زي أنيق".

دلالات

المساهمون