محافظ سلطة النقد الفلسطينية: تجنبنا خسائر فادحة خلال العدوان

محافظ سلطة النقد الفلسطينية: تجنبنا خسائر فادحة خلال العدوان

25 سبتمبر 2014
تداول الجنيه الفلسطيني كعملة رئيسية ينطوي على مخاطر(أرشيف/getty)
+ الخط -
قدر محافظ سلطة النقد الفلسطينية (المؤسسة القائمة بأعمال المصرف المركزي)، جهاد الوزير، الأضرار التي لحقت القطاع المصرفي في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير بنحو ثلاثة ملايين دولار دون احتساب التداعيات السلبية، التي طالت الاقتصاد.
وأشار الوزير، إلى أن مصارف غزة سجلت خلال العدوان عمليات سحب هي الأعلى في تاريخها. وكشف عن إعداد سلطة النقد الفلسطينية مقترحا، يهدف إلى صرف قروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطاع غزة.

*القطاع المصرفي يعمل في بيئة مرتبكة سياسياً، كيف أثرت الأحداث الأخيرة في غزة على الجهاز المصرفي؟

استطاع الجهاز المصرفي أن يعمل تحت القصف قدر الإمكان، وتمكن من فتح أبواب فروعه الـ 47 في غزة، نحو ثماني مرات، نفذ خلالها عملاء البنوك، عمليات سحب هي الأعلى في تاريخ الجهاز المصرفي، لأسباب مرتبطة بالعدوان الدائر من جهة، لسد احتياجاتهم من السلع الشحيحة، وعدم صرف رواتبهم منذ شهر مايو/أيار الماضي من جهة أخرى.
كما أن الخبرات السابقة التي تولدت خلال فترات الحروب، كانت كلمة السر في عدم تكبدنا خسائر باهظة، أو تعطلنا عن العمل.
اتفقنا مع إحدى محطات الوقود على سبيل المثال، على تخزين 16 ألف لتر من الوقود اللازم لتشغيل الصرافات الآلية ATM، ولم نشهد أي نقص خلال فترة العدوان.

*هل هذا يعني أن القطاع المصرفي لم يتعرض لخسائر جراء العدوان الإسرائيلي على غزة؟

لا طبعاً.. لحقت بعض الأضرار بمقرات المصارف والصرافات الآلية نتيجة العدوان على القطاع، وطالت الأضرار موظفي المصارف العاملة في القطاع وممتلكاتهم، وقدرت كافة هذه الأضرار بنحو ثلاثة ملايين دولار، ولا تشمل الآثار السلبية التي لحقت بالاقتصاد وحجم النشاط التجاري، والتي ربما ستكون لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد الفلسطيني والنشاط المصرفي بشكل عام.

*هنالك تسهيلات مقدمة تبلغ نصف مليار دولار في القطاع، ماذا قدمتم للمقترضين الذين تضرروا على الأقل؟

حاولت سلطة النقد قدر الإمكان التخفيف عن المواطنين، الذين لديهم قروض وأقساط شهرية مستحقة لصالح البنوك.
أجّلنا أقساط القروض المستحقة منذ يوليو/تموز الماضي، وحتى نهاية العام الحالي 2014، على أن تعاود الانتظام مطلع العام القادم بدون فوائد إضافية على الأقساط المؤجلة، كما تم إعفاء المقترضين من شرط تسديد الدفعة المقدمة، أيضا قمنا بضخ 41.6 مليون دولار في أسواق غزة مع بدء العدوان لتحريك الأسواق.

*وكيف ستسهم سلطة النقد في إنعاش اقتصاد غزة؟

سلطة النقد وبالتشاور مع البنوك العاملة، قامت بإعداد مقترح يهدف إلى تقديم قروض توجه إلى قطاعات إنتاجية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، للراغبين من سكان القطاع، حيث ستقوم البنوك بتقديم القروض إلى العملاء، وبنسب الفوائد المعمول بها في السوق وربما أقل.
ضخ سيولة من طرف الجهاز المصرفي على شكل قروض إنتاجية، ستكون ذات نتائج سريعة ومباشرة، هكذا أشارت تجاربنا خلال الانتفاضة الثانية، والحربين على قطاع غزة، اللتين سبقتا الحرب الثالثة، سيتم توظيف قوى عاملة بشكل سريع، وستظهر النتائج على الاقتصاد المحلي أيضاً، خلال عدة شهور.

*كيف كان يعمل موظفو القطاع المصرفي خلال فترة العدوان؟

كنا ننقلهم إلى الفروع عبر سيارات الإسعاف، ربما هذه العبارة كافية للتعرف على حجم المخاطرة التي كانت تتم، حاولنا قدر الإمكان توفير السيولة التي تعتبر في غاية الأهمية وقت الحروب، لذا حاولنا قدر الإمكان توفير الخدمات للمواطنين.
في أول هدنة مع الاحتلال الإسرائيلي والتي كانت في 17 يوليو/تموز، توافد أكثرمن 85 ألف مواطن إلى البنوك لسحب جزء من أموالهم، بهدف شراء حاجياتهم، واضطررنا إلى إدخالهم إلى الفروع الـ 47 وإغلاق الأبواب، بعد انتهاء ساعات الهدنة، بينما كان القصف متواصلاً في الخارج، وتلبية طلبات العملاء بسحب أموال من حساباتهم.

*كثيرا ما يهدد الاحتلال الإسرائيلي بزيادة ضغوطه على القطاع المصرفي، كيف تتعاملون مع هذه التهديدات؟

تتأثر العلاقة بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي بالتطورات السياسية القائمة بين الجانبين، وبحكم خضوع الأراضي الفلسطينية للاحتلال الاسرائيلي، وعلى الرغم من توقيع اتفاقية باريس الاقتصادية والتي تنظم طبيعة العلاقة بين الجانبين، ومنها البنود المتعلقة بالقطاع المصرفي، والتي تنص على قيام علاقات تبادلية بين المصارف الإسرائيلية والفلسطينية، إلا أن الاحتلال يقوم بالتضييق على الجانب الفلسطيني بغية الابتزاز السياسي.

*هل توجد دلائل على هذه العقوبات؟

في أعقاب توقف المفاوضات السياسية في أبريل/نيسان الماضي، فرض الاحتلال عقوبات اقتصادية على الجانب الفلسطيني والتي طالت المصارف من خلال تحديد سقف الإيداع من قبل المصارف الفلسطينية لدى المصارف الإسرائيلية، بالإضافة إلى التوقف عن استقبال فائض النقدية من عملة الشيكل من قبل المصارف الفلسطينية والذي يعتبر خرقا لاتفاقية باريس الاقتصادية.

*وما الضرر الذي يقع على الاقتصاد الفلسطيني جراء ذلك؟

الغالبية العظمى من المعاملات التجارية تتم بعملة الشيكل، شراء الوقود، والاستيراد يتم بعملة الشيكل، ورفض المصارف الإسرائيلية استقبال الشيكل، سيؤدي إلى تعثر صفقات شراء الوقود، واستيراد السلع والخدمات.
ما نقوم به، هو التواصل مع المؤسسات الدولية للضغط على الاحتلال، نتوجه إلى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وغيره من المؤسسات المالية والدولية، وفي آخر تهديد مطلع أبريل/نيسان الماضي توجهت ووزير المالية شكري بشارة إلى واشنطن للتباحث مع البنك الدولي وصندوق النقد بشأن التهديدات الإسرائيلية المالية.

*أصوات تنادي باستعادة عملة الجنيه الفلسطيني، ما مدى واقعية هذا الطلب في الوقت الحالي؟

رغم أن العملة الوطنية تعتبر أحد رموز الاستقلال الاقتصادي والسياسي، إلا أنها ليست مجرد مسألة عاطفية، نظراً لكبر حجم المخاطر التي قد تلحق بالمجتمع الفلسطيني فيما لو تم إصدارها دون الإعداد اللازم والكافي لها. الشروط الاقتصادية اللازمة لإصدار عملة قابلة للاستمرار والنجاح وتحوز على ثقة المواطنين غير متوفرة حالياً، ولا سيما في ظل استمرار وتعمق الأزمة المالية الحكومية، واستمرار اعتمادها على المساعدات الدولية، وارتفاع معدلات البطالة وغيرها من الشروط الاقتصادية اللازمة لإصدار عملة. كما أن عدم سيطرة السلطة الفلسطينية على المعابر الدولية وكذلك عدم حرية التنقل بين قطاع غزة والضفة الغربية، تجعل من إمكانية اصدار عملة أمرا غير قابل للتحقق حاليا. (يذكر أن إجمالي احتياطي الفلسطينيين من الذهب، يبلغ صفراً، كما يبلغ الاحتياطي من العملة الصعبة، صفر دولار أيضاً).

*القطاع المصرفي يُتهم بأنه شريك في تراجع النمو الاقتصادي عبر منح قروض استهلاكية أكثر منها إنتاجية؟

عملية منح القروض الاستهلاكية ضمن المعدلات الطبيعية مقارنة بالدول الأخرى، من جانب آخر فإن قضية دعم المشاريع الإنتاجية وتعزيز الاستثمار في الاقتصاد الفلسطيني لا ترتبط بشكل أساسي بنقص التمويل الممنوح من المصارف بقدر ارتباطها بالمناخ الاستثماري، والذي يحدده عوامل أخرى خارجة عن إرادة الاقتصاد، ونابعة بشكل أساسي من تحكم الاحتلال الإسرائيلي بالمعابر الدولية وتقييد حرية الحركة ودخول وخروج الأفراد والبضائع، والحصار المالي والتلويح بالعقوبات الاقتصادية على الحكومة الفلسطينية.
(وبلغ إجمالي التسهيلات التي قدمت للقطاع الخاص الفلسطيني (أفراد وشركات)، تبلغ قرابة 3.7 مليار دولار، منها قرابة 900 مليون دولار تحت ما يسمى قروضا استهلاكية، وهي قروض لا تشمل قروض السيارات (نحو 140 مليون دولار).

*كيف تقرأون الاقتصاد الفلسطيني بعد تسعة شهور من العام الحالي؟

الوضع الاقتصادي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة ما يزال حرجاً ومتدهوراً، وهو آيل إلى التراجع، ولا يعكس أبداً أرقام النمو الاقتصادي للربع الأول من العام الحالي والبالغ 7.1%.
العدوان الأخير جاء على القطاع ليضع مزيداً من الضغوط على الاقتصاد الذي يعاني أصلاً من تباطؤ نموه، فبعد أن تجاوز متوسط النمو الاقتصادي السنوي 8% بين عامي 2007 و2011، انخفض هذا النمو إلى 6.3% في 2012، وإلى 2.1% في عام 2013، وسط تداعيات حالة عدم اليقين السياسي والقيود المفروضة على الحركة والعبور.

دلالات

المساهمون