رئيس جمعية تجار لبنان: نعيش انتحاراً جماعياً

رئيس جمعية تجار لبنان: نعيش انتحاراً جماعياً

27 فبراير 2014
+ الخط -

يعيش القطاع التجاري في لبنان في نكبة حقيقية، في ظل تراجع الحركة التجارية في العام 2013 الى حوالي 35% واستمرار التراجع في شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط من العام 2014 بنسبة 50%.

هذا ما يؤكد عليه رئيس جمعية التجار في لبنان نقولا شماس في مقابلة خاصة مع "العربي الجديد".

ويقول شماس إن آلاف المؤسسات التجارية تتجه نحو الإفلاس خلال السنتين المقبلتين ، معتبرا أن تراجع الإنفاق الإستهلاكي في لبنان واستمرار الأزمة على حالها تشبه الانتحار الجماعي.

وهذا نص المقابلة مع رئيس جمعية التجار في لبنان نقولا شماس:

* ما هو واقع القطاع التجاري في لبنان بعد مرور 3 سنوات على بدء الصراع في سوريا؟

- كان للنزاع المسلح الدائر في سوريا انعكاسات كارثية على الاقتصاد اللبناني بشكل عام والقطاع التجاري بشكل خاص.

أما الانتكاسة الكبرى فبدأت في منتصف العام 2012 بسبب البيانات الخليجية التي تحظر السفر الى لبنان، ونظراً إلى أهمية السياح الخليجيين الحيوية في الاستهلاك داخل لبنان، انعكست هذه البيانات سلباً على القطاع التجاري.

 وبالتالي يمكن القول إن تداعيات النزاع المسلح في سوريا كان لها تأثيرات بالغة على الدورة التجارية. هكذا، يتبين وفقاً لمؤشر تجار بيروت وفرنسبك بين نهاية عام 2011 ونهاية العام 2013 أن تجارة التجزئة تراجعت 35 في المئة في المقابل تراجعت تجارة المفرق بشكل ملحوظ أيضاَ. وتبين انه في الفصل الرابع للعام 2013 كانت نسبة التراجع 10 في المئة. .. باختصار القطاع التجاري منكوب. 

 *كيف أثرت التفجيرات المتنقلة والعشوائية الأخيرة على القطاع التجاري؟

- أصبح هناك ترابط بين الساحة السورية واللبنانية وانتقلت نيران الازمة السورية الى لبنان. فعلياً، التفجيرات العشوائية الحاصلة تجعل التجار يترحمون على ايام الحرب الأهلية. إذ خلال الحرب كان الدخل محدوداً ولكن كان الإنفاق التشغيلي محدوداً أيضاً.

ولكن اليوم الإنفاق كبير والدخل قليل. اضافة الى ذلك فإن الحرب وبرغم قذارتها كانت تتمتع بضوابط قتالية بحيث نعرف أين يوجد قصف وما هو نوع النزاع الحاصل وما هي أوقات الهدنة، ولكن في التفجيرات الحالية لا يوجد ضوابط.

 ويمكن اعتبار التجارة الضحية الأولى للفوضى العارمة في لبنان الذي ما عاد يمكن اعتباره نموذجاً تجارياً جيداً. وقد زاد الطين بلة تحذير السفارة الأميركية من عدم الذهاب الى المراكز التجارية الكبرى، ما أدى الى انخفاض الحركة الى مستويات قياسية.

*هل ينسحب واقع العام 2013 على العام 2014؟

- نعم طبعاً. خلال الشهرين الأولين من السنة الحالية يوجد هبوط في الحركة التجارية ما بين 30 و50 في المئة تبعاً للقطاعات. حتى المحروقات السائلة في محطات البنزين شهدت تراجعاً وصل الى ثلث الاستهلاك خلال الفترة نفسها من العام الماضي، ما يعني أن اللبنانيين لا يخرجون من بيوتهم.

أما القطاعات التجارية الاكثر تضرراً فهي تجارة الكماليات اضافة الى قطاعات السلع المعمرة من اثاث للمنازل والكترونيات وسيارات باعتبار ان الناس يؤجلون الانفاق غير الأساسي وبالتالي هذا التأجيل يأخذنا الى نوع من الانتحار الجماعي اذ لا قيامة للبنان من دون اقتصاد ولا قيامة للاقتصاد بلا تجارة.

* ولكنك تتحدث عن زيادة الاستهلاك وترفض في الوقت ذاته زيادة الأجور في القطاعين العام والخاص، فكيف ستزيد السيولة إن لم تتعزز القدرة الشرائية؟

- انا اتكلم عن الموارد الموجودة حالياً بين أيادي الناس، إذ إنه بين منتصف ديسمبر/كانون الاول الماضي حتى الميلاد كان الاستهلاك جيداً وبالتالي القدرة الشرائية كانت جيدة. اما التضخم فقد وصل الى 0.1 في المئة فقط بين شهري يناير/كانون الثاني من عامي 2013 و2014 وذلك بسبب الانكماش الاقتصادي. وبالتالي وصلنا الى مرحلة تآكل الناتج القائم.

 اما في موضوع تصحيح الاجور فله منافع من حيث اعطاء الحقوق المشروعة للناس وضخ السيولة في الأسواق ولكن يوجد محاذير كبيرة لأن كلفة التصحيح في القطاع العام توازي حوالي 5 في المئة من الناتج المحلي القائم.

 * ما هو حجم القطاع التجاري في لبنان؟ وما هو عدد المؤسسات التي أفلست أو هاجرت خلال السنوات الماضية؟

- القطاع التجاري يمثل ثلث الناتج المحلي الإجمالي، وقد تراجعت حركة التجارة بالتزامن مع الانكماش الاقتصادي الحاصل، وبالتالي فإن النسبة لم تتغير حتى الآن.  أما بالنسبة للإفلاسات فلا يوجد حتى الآن احصاءات دقيقة. إذ يوجد تراجع كبير في الحركة يصل في بعض المناطق اللبنانية الى 70 و80 في المئة.

كما يوجد حوالي 100 ألف نقطة بيع (أو محل تجاري) وقد أغلق ما بين 1 الى 2 في المئة من هذه المحال خلال السنتين الماضيتين، ونسبة المحال التي ستغلق أبوابها مرشحة إلى الارتفاع خلال السنتين المقبلتين الى حوالي 5 في المئة ما يعني أن آلاف المؤسسات التجارية سوف تعلن إفلاسها في حال استمر الوضع السياسي والأمني على حاله.

 * ما هو تأثير النزوح السوري الى لبنان على القطاع التجاري؟ وهل يعوضون غياب السياح الخليجيين؟

- النازحون لا يعوضون اطلاقا عن الخسائر الهائلة بسبب غياب السياح العرب، لأنه يوجد فرق شاسع بين السائح والنازح. فالسائح يصرف الاموال في بلد المقصد اما النازح فهو يقتصد في الإنفاق.

وفي المقابل، فإن المساعدات القادمة إلى النازحين لا ترتكز على المنتجات اللبنانية، بحيث تشتري الجمعيات منتجات أجنبية وتقوم بتوزيعها كإعانات. إلا أن قطاع تجارة المواد الغذائية ارتفعت حركته بين 10 الى 15% بسبب وجود النازحين، لكن هذا الارتفاع كان موضعياً ولم يعوض خسائر القطاع ككل.

* هل تؤثر المؤسسات السورية التي تتوسع في لبنان على المؤسسات اللبنانية؟

- التأثير الأضخم هو على اليد العاملة اللبنانية. إذ إن اليد العاملة النازحة من سوريا عدد كبير منها متخصص بمهن كثيرة، وهذه اليد العاملة تنافس اللبنانيين على سوق العمل الضيقة أصلاً.

المشكلة الثانية هي المؤسسات السورية غير القانونية التي تعمل بلا تراخيص، وعدد هذه المؤسسات كبير وانتشر في المناطق الحدودية في المرحلة الأولى لينتقل الى بيروت والمناطق المحيطة بالعاصمة.

ونحن نرحب بكل المؤسسات القانونية ولكن عدم الترخيص يعني عدم دفع الضرائب ويعني وجود منافسة غير مشروعة. وهذه المؤسسات توظف فقط السوريين وتتعامل مع تجار سوريين ما يشكل نوعاً من الحلقة المفرغة خارج المنظومة الاقتصادية اللبنانية. فالقطاع التجاري اللبناني يشغّل حوالي 27 % من القوى العاملة اللبنانية وبالتالي أي أزمة يتعرض لها القطاع يؤثر على ثلث العائلات اللبنانية.

 

دلالات

المساهمون