الإنقسام السياسي يهدد لبنان بانقطاع كهربائي شامل 

الإنقسام السياسي يهدد لبنان بانقطاع كهربائي شامل 

13 مارس 2014
الظلمة تعم لبنان اثر انقطاع الكهرباء
+ الخط -
لفّت العتمة مناطق لبنان مساء أمس الأربعاء، لتعود تدريجياً اليوم الخميس إلى عدد من المناطق. حتى بيروت الإدارية التي تتمتع بمعاملة تفضيلية في التقنين الكهربائي، عادت إلى إضاءة الشمع.
وترافق انقطاع الكهرباء مع صمت مريب من قبل السلطة السياسية وخصوصاً من قبل وزير الطاقة والمياه الجديد، اخترقه تصريح مقتضب من مؤسسة كهرباء لبنان يشير إلى أن سبب انقطاع الكهرباء عن بيروت هو العاصفة التي تضرب لبنان منذ أيام. ليتبيّن أن هذا التصريح جاء بعد اتصال من قبل "الوكالة الوطنية للإعلام" (وكالة الإعلام الرسمية في لبنان) بمؤسسة الكهرباء، لا العكس.
ومع الانقسام السياسي الحاد، والتقسيم المناطقي المذهبي، توحّد اللبنانيون يوم أمس على مطلب واحد: نريد إعادة الكهرباء. في حين ذهبت مصادر "العربي الجديد" إلى توقع سيناريو أسوأ مما حدث مساء أمس. بحيث إن عدم اتفاق أعضاء الحكومة على بيان وزراي يؤهلها لنيل ثقة مجلس النواب، سيؤدي الى عدم القدرة على توقيع معاملات شراء الفيول " الوقود" لمعامل الكهرباء، ما يعني أن لبنان مهدد بعتمة شاملة خلال أسابيع. علماً أن الموعد الدستوري النهائي للاتفاق على البيان الوزراي هو يوم الاثنين المقبل.

بيروت في حالة استثنائية

والمعروف أن بيروت الإدارية تحظى بتقنين كهربائي لمدة 3 ساعات يومياً (خلال الفترات الصباحية)، في حين يطول التقنين في المناطق اللبنانية الأخرى بين إلى ما بين 16 و21 ساعة يومياً.

وفي حين يقوم المواطنون في المناطق اللبنانية باستخدام بدائل عن الكهرباء العامة، ومنها شراء الكهرباء من أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة، يُمنع على سكان بيروت الاشتراك بالمولد الكهربائي بقرار رسمي، بسبب الاكتظاظ السكاني، وما يمكن أن يسببه المولد الكهربائي من ضجة وتلوث إضافي. وبذلك تغيب عن أحياء بيروت الشركات الخاصة التي تؤمن الكهرباء البديلة.

وبذلك، عاش سكان بيروت حالة غريبة عن يومياتهم. أضاؤوا الشمع في منازلهم، في حين انشغل أصحاب المتاجر بتأمين طرق لحفظ السلع التي تحتاج إلى التبريد. منهم من تركها لكي تفسد، ومنهم من نقلها الى بيوت الأصدقاء خارج بيروت لكي تحظى بالتبريد من خلال المولدات الكهربائية. في المقابل، استعانت المتاجر الكبرى والمؤسسات الفندقية بمولداتها الخاصة.

سبب الانقطاع

وشهدت بيروت انقطاعاً مشابهاً للكهرباء مرتين خلال العام 2013، وذلك بسبب أعطال أدت الى انفصال مجموعات الإنتاج الكهربائي عن الشبكة. بذلك، يكون انقطاع الكهرباء عن العاصمة اللبنانية يوم أمس، هو الانقطاع الأول في العام الجاري.
مؤسسة كهرباء لبنان أوضحت سبب انقطاع التيار الكهربائي عن بيروت الإدارية مساء أمس، هو "حصول صدمات على الشبكة الكهربائية بسبب الصواعق الناتجة عن العاصفة، مما أدى إلى انفصال مجموعات الانتاج عن الشبكة".
ولفتت إلى أن "العمل جار لإعادة ربط المجموعات تدريجياً بالشبكة العامة".

إلا أن انقطاع الكهرباء عند حدوث العواصف يعتبر حالة فريدة ونادرة في الدول قاطبة، فلماذا تتزامن العواصف مع ارتفاع حدة التقنين في لبنان؟.

تشير مصادر "العربي الجديد" في مؤسسة كهرباء لبنان إلى أن السبب الأساس الذي يؤدي الى انفصال الشبكة الكهربائية عن معامل الانتاج عند حدوث الصواعق يعود الى غياب التجهيزات التي تحصّن نقاط الربط بين المعمل والشبكة تجاه تأثيرات العوامل الخارجية ومنها العواصف.
وتشدد المصادر على أن الأزمة اكثر جذرية، فهي تتعلق ببنية تحتية كهربائية سيئة جداً، وبكابلات متهرئة إضافة الى عدم التزام المعايير الدولية في عمليات الصيانة والكشف على سير عمل معامل الإنتاج.

وتلفت المصادر إلى أن وزارة الطاقة والمياه والحكومة اللبنانية تنفق أكثر من ملياري دولار سنوياً على مؤسسة الكهرباء، إضافة إلى ملايين الدولارات على مشاريع خصخصة بعض المرافق الكهربائية، إلا أنه لم يصل أي مشروع كهربائي إلى خواتيمه السعيدة، برغم الوعود التي يطلقها كل وزير جديد للطاقة بأنه سيؤمن الكهرباء 24/24 ساعة يومياً.

الوزير والفيول

وياتي انقطاع الكهرباء الشامل يوم أمس، بعدما أعلم وزير المالية الجديد علي حسن خليل إدارة شركة كهرباء لبنان، عدم توقيعه على معاملات فتح الاعتمادات المالية اللازمة لشراء الفيول لزوم محطات الكهرباء.
ولفت في بيان إلى أن عدم توقيعه يعود الى حاجته لغطاء قانوني من قبل مجلس الوزراء. علماً أن مجلس الوزراء لا يلتئم بسبب عدم اتفاق الحكومة الجديدة على بيان وزراي موحد يحتاج الى مصادقة البرلمان قبل مباشرة الحكومة عملها.

ووعد رئيس الحكومة الجديد تمام سلام بمتابعة هذه القضية، معتبراً أنه لا يتحمل مسؤولية النتائج، لأن عمليات فتح الاعتمادات والدفع السابقة لم تستند الى قرار واضح، ووقّعت تحت صيغة الظروف الاستثنائية وادت إلى انفاق الكثير من الأموال وزيادة العجز في الخزينة العامة.

ونتيجة لذلك، أكدت مصادر " العربي الجديد" في مؤسسة الكهرباء أن الفيول المتوافر حالياً في المعامل يمكن أن يؤمن الكهرباء لمدة 20 يوماً لا أكثر في ظل ارتفاع ساعات التقنين الكهربائي، وعشرة أيام فقط في حال تم الالتزام بساعات التقنين الحالية.
وأشارت المصادر إلى أن عدم إيجاد حل لهذه القضية سيزيد من مشكلة انقطاع الكهرباء، ويمكن الوصول إلى العتمة الشاملة مجدداً، ليس بسبب العواصف، وإنما بسبب المشكلات السياسية التي تمنع حصول الحكومة على ثقة البرلمان، لتدخل في مرحلة إدارة شؤون لبنان. 

دلالات

المساهمون