خلافات اللبنانيين تصل إلى حجم الاستثمارات السورية

خلافات اللبنانيين تصل إلى حجم الاستثمارات السورية

27 فبراير 2014
+ الخط -
على الرغم من القرب الجغرافي بين لبنان وسوريا، وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية التي تصيب لبنان، إلا أن السلطات اللبنانية لم تستطع اجتذاب الاستثمارات السورية الهاربة من القصف والخراب.

يشير عدد من التقارير الصحافية الى أن حجم الاستثمارات السورية في لبنان وصل خلال السنوات الثلاث الى 20 مليار دولار.

لا تستند التقارير هذه الى أي احصاءات رسمية، وبرغم ذلك تؤكد أن حوالى 10 مليارات دولار موجودة على شكل ودائع في المصارف اللبنانية.

إلا أن احصاءات المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات تتناقض مع هذه التقديرات حيث يشير التقرير الأخير الصادر عن المؤسسة خلال الشهر الجاري إلى أن نسبة الاستثمارات السورية لا تتعدى الـ 3 في المئة من اجمالي  الاستثمارات الأجنبية في لبنان.

ويؤكد رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير أن عدد الاستثمارات السورية في لبنان قليل جداً.

ويشرح شقير في حديث مع "العربي الجديد" أنه لا يمكن لأي مشروع أن يدخل لبنان من دون أن يحصل على سجلات رسمية. وهذه السجلات ممرها غرفة التجارة، التي لم تلحظ سوى 40 مشروعاً تجارياً سورياً تم تسجيلها في بداية العام 2012، ومن ثم لم يدخل السوق اللبنانية أي استثمارات جديدة.

 

ويقول رئيس الغرفة اللبناني أن وجود 20 مليار دولار داخل لبنان كاستثمارات سورية هو أمر مستحيل.

ويلفت إلى أن السوق اللبنانية متخمة بالمشاريع التجارية الصغيرة وغير القانونية التي يشغلها عدد كبير من النازحين السوريين. إلا أن هذه المشاريع هي محال تزيد من خراب الاقتصاد اللبناني.

يوضح شقير ان المؤسسات السورية المخالفة لا تدفع الضرائب أسوة بالمؤسسات اللبنانية، ما يحرم الخزينة من عائدات كبيرة، كذلك تفرض على السوق اللبنانية نوعاً من التنافس غير المشروع الذي يدمر القطاعات اللبنانية.

وفي هذا الإطار، توقع معهد التمويل الدولي في تقريره الأخير تحت عنوان "لبنان: تحسين الوضع الأمني أساسي لإنعاش الاقتصاد" تراجعاً في نسبة الاستثمارات الخاصّة من الناتج المحلّي الإجمالي إلى 20.9% في العام 2014 و20.8% في العام 2015، مقابل 21.3% في العام 2013.

ويعلق رئيس مركز البحوث والاستشارات في لبنان كمال حمدان لافتاً إلى أن لبنان لم يستطع اجتذاب الاستثمارات السورية لأسباب عديدة.

ويشرح أن الأسباب الأمنية والتفجيرات المتنقلة تعتبر سبباً أساسياً، إضافة الى المناخ الاجتماعي غير المرحب بالتواجد السوري، وكذلك التزام لبنان باللوائح الاميركية والاوروبية في محاربة الارهاب والتي أدت الى عدم بقاء الودائع السورية في المصارف اللبنانية، إضافة الى عدم قدوم الودائع الجديدة واتجاهها نحو أسواق أخرى.

ويشير حمدان إلى أن حجم الاستثمارات السورية ضئيل ولا يمكن الاعتداد به.

 

وهذا التحليل يتواءم مع خلاصات تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا" الصادر أخيراً، والذي يشير الى توجه المصانع السورية الى مصر والاردن. ويلفت الى أنه كان بإمكان لبنان أن يشهد ثورة صناعية إلا أن غياب البنى التحتية والمدن الصناعية أدى الى عدم مجيء الاستثمارات السورية إضافة الى وجود اشارات سياسية غير مطمئنة ساهمت في أن يفوّت لبنان هذه الفرصة.

لكن، وبرغم هشاشة الاستثمارات السورية في لبنان، إلا أن النازحين ساهموا في تحريك الاستثمارات العقارية. فقد اشترى النازحون من الطبقة الميسورة حوالى 1300 عقار في مختلف المناطق اللبنانية، وذلك وفق الاحصاءات العقارية الرسمية. وساهم الطلب على الشقق متوسطة الحجم والصغيرة الى تحصين القطاع العقاري من أزمة كبيرة.

ويؤكد الخبير المالي اللبناني وليد بو سليمان في حديث خاص لـ"العربي الجديد" أن الاستثمارات السورية في لبنان ليست معدومة كما يقول شقير ولا توازي 20 مليار دولار كما أورد عدد من التقارير الصحافية.

ويوضح الخبير اللبناني أن حجم الاستثمارات السورية في لبنان وصل الى ما بين 1.5 الى 2 مليار دولار.

 

في المقابل، يلفت الى أن حجم الودائع العربية في المصارف اللبنانية يوازي 12 مليار دولار وبالتالي لا يمكن أن تكون الودائع السورية بقيمة 10 مليارات دولار.

يضيف بو سليمان أنه وبسبب التزام المصارف اللبنانية العقوبات الأميركية والأوروبية على رؤوس الأموال السورية، هرب من لبنان حوالى 100 الى 150 مليون دولار فقط، في حين بقي حوالى 85 في المئة من الودائع بعد تحويلها من الدولار إلى اليورو، وبعد دخول الودائع عبر شركات الأوف شور.

ويشير الخبير المالي اللبناني إلى أن لبنان خسر كثيراً من رؤوس الأموال ومن الاستثمارات الصناعية السورية التي لم تأت إلى لبنان بسبب الأكلاف الإنتاجية المرتفعة وفضلت الأسواق العربية الأخرى.

ويشير بو سليمان إلى أن معظم الاستثمارات السورية تركزت في العقارات وتحديداً الشقق الصغيرة، إضافة الى المؤسسات التجارية الصغيرة.

 

المساهمون