الاستثمارات السياحية في لبنان.. خجل عربي

الاستثمارات السياحية في لبنان.. خجل عربي

26 فبراير 2014
+ الخط -

 

الوضع الأمني والسياسي في لبنان مأسوي، والواقع ذاته ينسحب على الاقتصاد لكن بأضعاف مضاعفة.

يمكن وقف الخلافات السياسية خلال أيام، ويمكن كذلك محاصرة الأزمات الأمنية بعد الانتهاء من التسويات الدولية، أما الاقتصاد فهو يحتاج عادة إلى سنوات من العلاج لكي يعود على الأقل إلى وضعه الذي سبق حالة الانهيار.

هذه ليست سوى نظرية تؤكدها عشرات التجارب التي مرت بها دول عانت الحروب والإرهاب والصراعات السياسية.

هذه النظرية تنطبق على الاقتصادات كلها، لكن الآثار الناتجة من الصراعات والأزمات السياسية والأمنية تختلف وفق نوع الاقتصادات المستهدفة. فلبنان مثلاً، يعتمد بأكثر من 80 في المئة من اقتصاده على الخدمات السياحية والقطاع العقاري. وأن يصاب هذا البلد بمرض الأمن المنكوب والتفجيرات المتنقلة، لا يعني سوى توسيع دائرة الدمار الاقتصادي.

 

وبرغم هذه الحقائق، إلا أن الجاذبية الاستثمارية للبنان لم تخفت بعد. فقد أعلنت المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان أن الشركات الأجنبية ( بينها العربية) لا تزال تبدي ثقتها بالاقتصاد اللبناني.

وتلفت المؤسسة في تقرير صدر بداية الشهر الجاري إلى أن 50 في المئة من الشركات التي قامت بتسجيل استثماراتها في العام 2013 تحمل الجنسية الأوروبية.
أما حصة الدول العربية من الشركات الأجنبية في لبنان، فتراجعت بشكل كبير هذا العام لتصل إلى 25 في المئة، مقارنة مع 44 في المئة للعام 2012.

واستحوذت الشركات الإماراتية على النسبة الأكبر بحوالى 12 في المئة من مجموع الشركات الأجنبية الجديدة في لبنان، تلتها مصر وسوريا بنسبة 5 و3 في المئة على التوالي.
وبالنسبة إلى القطاعات المستقطبة للاستثمارات، فقد جذب قطاع الخدمات العدد الأكبر من الشركات وبلغت نسبتها 28,3 في المئة من إجمالي الاستثمارات الجديدة في العام 2013، في حين انخفض حجم الاستثمار في القطاعات السياحية إلى 1.7 في المئة من اجمالي حجم الاستثمارات.
 يبرر رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان نبيل عيتاني هذه التبدلات في الواقع الاستثماري اللبناني بأنها نتاج تداعيات الأزمة السورية على لبنان وحظر عدد كبير من الدول الخليجية على رعاياه المجيء الى لبنان. 

 

ويشرح عيتاني لـ "العربي الجديد" أن لبنان يتمتع بفرص استثمارية كبيرة. لا بل إن غالبية الاستثمارات في قطاعي السياحة والعقار كانت خليجية. إلا أنه "بسبب الحظر الخليجي والتبدل في المناخ الاستثماري العربي تبدلت الجنسيات التي تستثمر في لبنان، لتصبح الاستثمارات اللبنانية الموزعة بين المقيمين والمغتربين هي الغالبة".
يؤكد عيتاني أن هذه التغييرات لا تعني أبدأ خروج الاستثمار العربي من السوق اللبنانية، ولا تعني امتناع الاستثمارات العربية عن المجيء الى لبنان بالمطلق. "اذ حتى العام 2015 سيصار إلى افتتاح عدد من المشاريع العربية السياحية الضخمة في لبنان، والتي تصل قيمتها الى حوالى مليار دولار".

ويشرح عيتاني أن هذه الاستثمارات تعود الى جنسيات سعودية وكويتية وغيرها.


ويلفت النظر إلى أن بعض الاستثمارات خفضت النفقات التشغيلية في لبنان بسبب تراجع الحركة الاقتصادية عموماً، وخصوصاً الفنادق (5 نجوم)، أما غالبية الاستثمارات فهي لا تزال قائمة وتنتظر ساعة تعافي الاقتصاد لتعود الى دورتها التشغيلية العادية.
ما يقوله عيتاني تؤكده "المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات" في تقريرها الأخير، إذ يشرح التقرير أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدول العربية ارتفعت بمعدل 9.8 في المئة لتبلغ 47 مليار دولار، وأن لبنان يحتل المرتبة الثالثة من ناحية جذب هذه الاستثمارات بعد السعودية والإمارات، بحجم استثمارات وصل إلى  3.678 بليون دولار.
لكن اللغة المريحة التي يتكلم بها عيتاني لا تتوافق أبداً مع التوتر الذي يصيب كل عامل في القطاع السياحي عند الحديث عن خسار القطاع من جراء الأزمة الأمنية والسياسية المستمرة.

يقول رئيس اتحاد نقابات المطاعم والفنادق والملاهي في لبنان بول عريس لـ"العربي الجديد" إن حوالى 50 مطعماً أغلق أبوابه في لبنان خلال العام الماضي، ولا تزال مخاوف الإفلاس تسيطر على العديد من أصحاب المطاعم.

ويشرح عريس أن الاستثمار السياحي العربي يشهد بعض القلق.

 

مثلاً، ساد هذا الشهر جو من الخوف من مغادرة استثمارات شركة "أمريكانا" لبنان، وهي شركة برأسمال أكثري سعودي، لكن تبين بعد لقاءات مع المعنيين في الشركة أن الأخيرة ستبقى في السوق اللبنانية.
يعتبر عريس أن حالة الخوف هذه تنسحب على الفنادق والمنتجعات السياحية.

 وقد قلص فندق الحبتور الاماراتي حجم أعماله في لبنان، وكذلك فندق لورويال العراقي، في حين أغلق مشروع سياحي كان موجوداً منذ 15 عاماً في لبنان أبوابه، وهذا المشروع اسمه "غراند هيلز" وقيمته حوالى 500 مليون دولار، وادارته لبنانية – سعودية.

ويتخوف عريس من مستقبل القطاع السياحي لافتاً إلى أن الهدوء الأمني والسياسي أول خطوة في اتجاه اعادة إحياء القطاع.
علماً أن الاستثمار العربي في لبنان لا يزال كبيراً.

إذ قدر مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة بيروت وجبل لبنان، الاستثمارات التراكمية لدول مجلس التعاون الخليجي في لبنان للفترة ما بين 1985 و2009 بنحو 11.3 مليار دولار، اي ما نسبته نحو 92.7 في المئة من إجمالي الاستثمارات العربية في لبنان.

ونمت هذه الاستثمارات حتى العام 2013. وتتصدر السعودية قائمة الاستثمارات العربية في لبنان من حيث القيمة لا العدد، وتتبعها الإمارات والكويت.

 

المساهمون