نقابات عمال تونس تستعد لمعركة ما بعد كورونا

نقابات تونس تستعد لمعركة ما بعد كورونا: استرجاع حقوق العمال

27 مايو 2020
أضرار كبيرة أصابت العمال بسبب الجائحة (ياسين غادي/الأناضول)
+ الخط -

تتهيأ النقابات العمالية في تونس لمرحلة ما بعد فيروس كورونا نتيجة ارتفاع نسب انتهاكات حقوق العمال الذين يواجهون موجات التسريح والطرد في ظروف غير عادلة، حسب الاتحاد العام التونسي للشغل الذي سيبدأ خطة دفاع عن أعضائه في القطاعين الحكومي والخاص.

ويأتي تأهب العمال للتحرك، في ظل تقدم الحكومة في خطتها لمواجهة كورونا، إذ تراجع معدل الإصابات بالفيروس بشكل كبير، خلال الفترة الأخيرة.

وبدأ الاتحاد العام التونسي للشغل (النقابة الأكثر تمثيلاً في البلاد) في تجميع البيانات الخاصة بانتهاكات حقوق العمال، عبر منصة للإحصاء تسمح بتتبع وضع الشغالين في قطاعات مختلفة ورصد التجاوزات التشغيلية في حقهم.

ولا تقف المعركة القادمة للنقابات العمالية عند حدود الدفاع عن عمال القطاع الخاص الأكثر تضررا من جائحة كورونا، حيث تمتد خطة الدفاع إلى موظفي القطاع الحكومي والمؤسسات العامة بعد قرار حكومة إلياس الفخفاخ، تطبيق إجراءات تقشفية سيتم بمقتضاها منع جزء من المنح وتجميد الترقيات ومقابل ساعات العمل الإضافية.

ووجهت وزارة المالية منشورا إلى الوزارات تطالبهم فيه بالتشدد في منح الإنتاج وإرجاء الترقيات بعنوان 2020، والحد من الساعات الإضافية إلى جانب عدم إبرام أي اتفاق مالي جديد.


واعتبرت النقابات أن الحكومة بصدد الاقتراب من الخطوط الحمراء، بسبب منع حقوق مكتسبة للموظفين والعمال، مطالبة بتطبيق كل الاتفاقات السابقة دون تأجيل أو نقصان.

وقال الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، سامي الطاهري، لـ"العربي الجديد" إن جائحة كورونا لا يجب أن تكون حجة لضرب حقوق العمال المكتسبة، مشيرا إلى أن هذه الشريحة من التونسيين تدفع غاليا منذ سنوات ثمن السياسات العمومية الفاشلة.

وأفاد الطاهري بأن المرسوم الحكومي أقر تعليق العمل بفصول من قانون الشغل التي تجيز تسريح العمال أو طردهم لأسباب اقتصادية، معتبرا أن كل عمليات التسريح التي جرت في هذه الفترة مخالفة للقانون.

وشدد على ضرورة تمسك الدولة بمتابعة حقوق العمال، خاصة وأن الدعم الذي حصلت عليه المؤسسات الاقتصادية من الدولة كان مشروطا بالمحافظة على الوظائف.

وقدّرت دراسة أنجزها المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية ونشرت السبت الماضي، أن عدد مواطن الشغل التي فقدت بشكل مؤقت بسبب الأزمة في حدود 143 ألف فرصة عمل لفترة شهر و430 ألف فرصة خلال ثلاثة أشهر من الحجر الصحي التي تمتد حتى يونيو/ حزيران 2020.

وقدرت هذه الدراسة أن دخل الأسر التونسية سيتقلص في المعدل بنسبة 2.9 في المائة خلال شهر من الأزمة، وبنسبة 8.6 في المائة لفترة ثلاثة أشهر.


ورجحت الدراسة أن تكبّد إجراءات الوقاية ومكافحة تفشي وباء كوفيد - 19، الاقتصاد التونسي خسارة في النمو بنسبة 11.8 في المائة لفترة ثلاثة أشهر.

ورجّح الناطق باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، أن تشهد الفترة القادمة زيادة في نسب الاحتجاجات والتحركات العمالية نتيجة تجاوزات عديدة قام بها أرباب العمل واتخاذ أزمة كورونا مطية لانتهاك حقوق العمال.

وقال بن عمر لـ"العربي الجديد" إن مواثيق اجتماعية جديدة يجب أن توضع في الفترة القادمة، تجنبا لانفجار الوضع الاجتماعي الذي قد يترتب عن زيادة نسب البطالة وفق قوله.

الخبير الاقتصادي، محسن حسن، توقع في حديثه لـ"العربي الجديد" أن تزيد نسب البطالة في تونس بأكثر من أربع نقاط إلى حدود 19 في المائة مع نهاية العام، مقابل 15.5 في المائة، وفق آخر بيانات كشف عنها معهد الإحصاء الحكومي في الربع الرابع من العام الماضي.

وطلب معهد الإحصاء الحكومي في تونس، مهلة إضافية لتحديد نسبة البطالة للربع الأول من العام الجاري، التي كان يفترض الكشف عنها، منذ شهر إبريل/ نيسان الماضي.

وقال معهد الإحصاء، إن أجهزته لم تنشر معدلات البطالة الجديدة، بسبب صعوبات في جمع المعلومات، خاصة ما يتعلق بمؤشر الإنتاج الصناعي، المستخدم كقاعدة لإعداد الحسابات، مشيراً إلى أن الحجر الصحي أعاق أداء العمليات الإحصائية المتعلقة بالتشغيل.

ورغم اقتراب تونس من استكمال خطة الحجر الموجه والسماح لجلّ القطاعات الاقتصادية باستئناف النشاط، إلا أن وضع العمال لا يزال غامضا بسبب تعلّق أنشطة الصناعة والخدمات بمدى تحسن الوضع مع شركاء اقتصاديين مهمين في الاتحاد الأوروبي ودول الجوار.

وتربط حكومة الفخفاخ تنفيذها للاتفاقات المبرمة مع النقابات العمالية، بمدى تحسن وضع المالية العمومية وقدرتها على تعبئة موارد ذاتية في الفترة القادمة.

وارتفع عجز الميزانية مع نهاية الربع الأول من عام 2020، إلى 1.4 مليار دينار أي نحو 500 مليون دولار، مقابل حوالي 944 مليون دينار ما يعادل 337 مليون دولار نهاية شهر مارس/ آذار 2019، أي زيادة في العجز بنسبة 48.3 في المائة.

المساهمون