وثائق بريطانية مسربة تحذّر من عواقب "بريكست" دون اتفاق

وثائق بريطانية مسربة تحذّر من عواقب "بريكست" دون اتفاق: نقص الوقود والغذاء

18 اغسطس 2019
اضطرابات متوقعة في الأسواق البريطانية (Getty)
+ الخط -
أظهرت وثائق حكومية مسربة لصحيفة "صنداي تايمز" أن بريطانيا ستواجه نقصا في الوقود والغذاء والدواء إذا خرجت من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق انتقالي، إذ ستتسبب هذه الخطوة في تكدس بالموانئ وفرض قيود مشددة على الحدود في أيرلندا.

وقالت الصحيفة إن التوقعات التي جمعها مجلس الوزراء مستخدما الاسم الرمزي "عملية يلو هامر" حددت الآثار الأكثر ترجيحا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وليس أسوأ السيناريوهات.

وجاء في تلك التوقعات أن 85% من الشاحنات التي تستخدم المعابر الرئيسية على ضفتي القنال الإنكليزي "قد لا تكون جاهزة" لدفع رسوم جمارك فرنسية، بما يعني أن الاضطرابات في الموانئ قد تستمر لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر قبل أن تتحسن حركة نقل البضائع.

وأضافت الصحيفة أن الحكومة تعتقد أيضا بأن من المرجح فرض قيود على حركة التنقل بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا، إذ ستثبت الخطط الحالية لتجنب عمليات التفتيش الموسعة أنها غير قابلة للاستمرار.

وتقول "ذا تايمز" إنّ الملف يقدّم لمحة نادرة عن التخطيط السرّي الذي تنفّذه الحكومة لتجنّب حدوث انهيار كارثي في ​​البنية التحتية للبلاد. وينص على أنّ عامة الناس والشركات لا يزالون غير جاهزين إلى حد كبير لتبعات عدم التوصل إلى اتفاق، وأن "متاعب الخروج من الاتحاد الأوروبي" المتزايدة، تعيق التخطيط للطوارئ الذي توقف منذ تاريخ المغادرة الأصلي للمملكة المتحدة في مارس/آذار الماضي.

وأضافت أن "الملف الذي يحمل تصنيف رسمي-حساس، بما يعني أن الاطلاع عليه يتطلب تصريحا أمنيا، مهم للغاية لأنه أكثر التقييمات شمولا لمدى استعداد بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق".

في المقابل، قال مصدر رفيع المستوى في وايتهول: "هذا ليس مشروع الخوف، هذا هو التقييم الأكثر واقعية لما قد يواجهه عامة الناس من دون أي صفقة. هذه سيناريوهات محتملة وأساسية ومعقولة وهي ليست أسوأ الحالات".


كذلك حدّدت الصحيفة السيناريوهات المحتملة في نقاط واضحة في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة، وشملت الرسوم الجمركية لاستيراد البنزين، التي حدّدتها الحكومة بنسبة صفر في المائة، ما قد يؤدي "عن غير قصد" إلى إغلاق مصفاتين لتكرير النفط، وفقدان ألفي وظيفة، وإضراب واسع النطاق، فضلاً عن تعطيل توفير الوقود.

وأشارت الصحيفة، إلى التأخير الذي سيعاني منه المسافرون، في مطارات الاتحاد الأوروبي ومحطة قطارات سانت بانكراس ونفق المانش. وعن الإمدادات الطبية قالت إنّها ستكون عرضة للتأخير الشديد، حيث تدخل ثلاثة أرباع الأدوية البريطانية إلى البلاد عبر معابر القناة الرئيسية، كما سيصعب توافر الأغذية الطازجة مع ارتفاع الأسعار، الذي قد يهدّد الفئات الضعيفة في المجتمع.

وكتبت الصحيفة أيضاً عن احتمال نشوب اشتباكات بين سفن الصيد البريطانية والمنطقة الاقتصادية الأوروبية وسط توقعات بأن تبحر 282 سفينة في المياه البريطانية، بشكل غير قانوني في يوم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فضلاً عن خروج مظاهرات في جميع أنحاء المملكة المتحدة، قد يتطلب أعدادا كبيرة من الشرطة.

وتؤكّد أنّ تسريب ملف "يلو هامر" يؤكد الإحباط داخل وايت هول، لعدم توفر الشفافية المحيطة بالتحضيرات لمغادرة الاتحاد الأوروبي. وفي السياق، يقول مصدر في مكتب مجلس الوزراء: "لدى حكومات المملكة المتحدة المتعاقبة تاريخ طويل من الفشل في إعداد مواطنيها ليكونوا قادرين على مواجهة حالات الطوارئ الخاصة بهم".

وعلى الرغم من قول رئيس الوزراء بوريس جونسون مرارًا خلال حملة قيادة حزب المحافظين إنه سيكون هناك "مياه شرب نظيفة" في حالة عدم وجود صفقة، فإن الوثيقة تثير احتمال الفشل في ذلك وهو ما يمكن أن يؤثر على ما يصل إلى 100 ألف شخص.

وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يعني أن الشركات البريطانية التي تعمل بالتصدير والاستيراد مع دول الاتحاد، ستحتاج إلى الحصول على "رقم تسجيل وتعريف المشغل الاقتصادي" المطلوب من كافة الشركات التي تعمل بالتجارة الدولية. بينما لم تكن هناك حاجة لهذا الرقم أثناء التعامل مع الدول الأعضاء في السوق الأوروبية المشتركة والاتحاد الجمركي. 

ووفقا لدراسة نشرت مؤخرا، فإن 66 ألف شركة ممن تتعامل فقط مع الاتحاد الأوروبي حصلت على رقم التسجيل المذكور من أصل 245 ألفاً، وذلك مع بقاء أقل من ثلاثة أشهر على موعد بريكست.

وبالتالي، فإن هذه الشركات ستتوقف عن العمل مع أول أيام نوفمبر/تشرين الثاني، لعدم امتلاكها الرخصة المطلوبة للتجارة الدولية.

كما تباطأ اقتصاد بريطانيا منذ التصويت بالموافقة في يونيو/ حزيران 2016 على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، مع انخفاض معدلات النموّ السنوية من مستوى يزيد عن 2% قبل الاستفتاء على الانفصال، لتسجل نمواً بنسبة 1.4% في العام الماضي.

وتوقع بنك إنكلترا المركزي أوائل شهر أغسطس/آب الجاري ارتفاع النموّ بشكل محدود على أساس فصلي بنسبة 0.3% خلال الربع الحالي، مع انخفاض النموّ بالنسبة للعام ككل إلى 1.3%.


من جانبه، قال وزير المالية الجديد ساجد جاويد في تصريحات سابقة، إنه لا يعتقد أن الاقتصاد البريطاني سينزلق إلى هوّة الركود الكامل. وقال في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي): "لا أتوقع حدوث ركود على الإطلاق... ليس هناك محلل بارز واحد توقع حدوث ركود".

ومن المقرر أن يبلغ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون هذا الأسبوع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنه ليس بوسع البرلمان البريطاني وقف خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي.

ويتعرض جونسون لضغوط من الساسة من مختلف الأطياف السياسية في بريطانيا لمنع انسحابها دون ترتيبات، وتعهد زعيم المعارضة جيريمي كوربين قبل أيام بالإطاحة بحكومة جونسون في أوائل سبتمبر/أيلول لتأخير خروج البلاد من التكتل.

وحذر وزير المال البريطاني السابق فيليب هاموند، الأربعاء الماضي، رئيس الوزراء بوريس جونسون من الخروج من الاتحاد الأوروبي دون ترتيبات تجارية.

ورأى وزير المال السابق أن جونسون يتبنى حالياً "موقفاً مدمراً" لإعادة التفاوض ويدفع المملكة المتحدة باتجاه خروج بلا اتفاق، بمطالبته "بسحب كامل" للفقرة المثيرة للجدل حول الحدود في أيرلندا، وليس بإدخال "تعديلات مطلوبة" عليها.

المساهمون