اقتصاد العالم مُهدّد بالتباطؤ جرّاء حروب التجارة وقلق الأسواق

اقتصاد العالم مُهدّد بالتباطؤ جرّاء حروب التجارة وقلق الأسواق

19 يوليو 2019
الصين مُنيت بأدنى نمو اقتصادي منذ 1992 (فرانس برس)
+ الخط -

يعتقد محللون أن آفاق النمو الاقتصادي للعام الجاري تلقى ضغوطاً متصاعدة من عوامل الحروب التجارية والخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، والتخوفات الاقتصادية العالمية، وهي ظاهرة تشير التوقعات إلى امتدادها للعام المقبل.

فحسب بيانات رسمية صدرت الأسبوع الماضي، سجل الاقتصاد الصيني (ثاني أكبر اقتصاد عالمي) معدل نمو 6.2% على أساس سنوي في الربع الثاني 2019، مقارنة مع 6.4% في الربع الأول السابق له.

وتواجه بكين اليوم، توترات تجارية مع واشنطن (معلقة حاليا)، ما دفع صندوق النقد الدولي لإطلاق تحذيرات من تضرر الاقتصاد العالمي بسبب النزاع القائم.

ونشبت حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، منذ مارس/ آذار 2018، أسفرت عن تبادل رفع الرسوم الجمركية على سلع بمئات المليارات من الدولارات.
وقال أستاذ الاقتصاد الدولي شريف الدمرداش (مصر)، إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، "ستلقي بظلالها على كل المتغيرات السياسية والاقتصادية في أرجاء كبيرة من العالم".

وذكر "الدمرداش" للأناضول، أن الولايات المتحدة تحاول "احتواء الصعود الصيني عبر فرض الرسوم الجمركية والحد من تفوقها في الميزان التجاري، في إطار تأكيد الهيمنة على الساحة العالمية".

وعلى الرغم من إجراء عدة جولات من المفاوضات، لم تتوصل بكين وواشنطن لحل، وسط تحذيرات من مؤسسات دولية من مغبة استمرار تلك الحرب التجارية على أفاق الاقتصاد العالمي.

وفي 29 يونيو/ حزيران الماضي، اتفقت الولايات المتحدة والصين على استئناف محادثات التجارة مع إحجام واشنطن عن فرض رسوم جديدة على الصادرات الصينية. و"الاقتصاد الصيني تأثر بالحرب التجارية، كونه قائما على الصادرات، وتأثير تباطؤ اقتصاد الصين، سينتقل إلى بقية اقتصادات العالم، لكونها تتعامل مع أجزاء كبير من العالم، تصديرا واستيرادا"، بحسب الدمرداش.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن تباطؤ نمو اقتصاد الصين في الربع الأول من العام الجاري، يدلل على التأثير الكبير للرسوم الجمركية التي فرضتها بلاده، محذرا من أن واشنطن قد تكثف الضغط أكثر.
ويشير أستاذ الاقتصاد الدولي إلى أن الصين "لديها إمكانات لامتصاص تأثير الحرب التجارية، لكونها سوقا استهلاكية تضم أكثر من مليار نسمة".

كذلك، فإن أحد أبرز العوامل التي تضغط على الاقتصاد العالمي، وفق الدمرداش، تشمل استمرار التوترات في مناطق النزاع مثل منطقة الخليج وإيران واليمن وأميركا اللاتينية.

وزاد: لا يمكن أن يصب أي توتر سياسي في مصلحة الاقتصاد العالمي، رغم استفادة تجارة السلاح، لكونه يخيف الاستثمار وتراجع الإنتاج والتشغيل والتجارة".

وفي إبريل/ نيسان الماضي، خفضت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لنمو التجارة إلى 2.6% في 2019، مقابل 3.7% في توقعات سابقة، و3% في 2018.

من جهته، المحلل الاقتصادي حازم ترك (مصر)، قال، إن ضمن العوامل الضاغطة على الاقتصاد العالمي، اشتعال التوترات التجارية وامتدادها إلى قطاع السيارات، وتداعياته السلبية الكثيرة على سلاسل التوريد العالمية.

وكثيرا ما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية كبيرة على واردات السيارات المصنوعة خارج بلاده، ما يفتح جبهات جديدة من الحرب التجارية العالمية التي تدور رحاها حاليا.
وكان ترامب هدد بفرض رسوم جمركية مرتفعة تصل إلى 25% على واردات السيارات، وهو ما أقلق دول الاتحاد الأوروبي واليابان بشكل خاص إضافة إلى المكسيك وكندا.

ويشير "ترك" في حديثه للأناضول، إلى المخاطر المصاحبة لعملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وخاصة بدون اتفاق، وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.

وكان من المقرر إتمام "بريكست"، في 29 مارس/آذار الماضي، وتم التمديد إلى 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل؛ جراء الأزمة السياسية في البلاد حول تفاصيل اتفاق الخروج.

ورأى أن العوامل المؤثرة على الاقتصاد العالمي، تشمل أيضا ارتفاع الديون في اقتصادات الأسواق الناشئة.

وأشار "ترك" إلى أن تلك البلدان تكون عرضة لصدمات خارجية، وخاصة في حال رفع أسعار الفائدة عالميا، ما يؤدي إلى نزوح مفاجئ للأموال الساخنة في أدوات الدين.

وبحسب معهد التمويل الدولي، فقد ارتفع إجمالي ديون الاقتصادات الناشئة الكبيرة في العالم إلى 69.1 تريليون دولار بنهاية الربع الأول من العام الجاري، مقابل 68.9 تريليونا قبل عام.

ويؤدي إنفاق مبالغ كبيرة من الإيرادات العامة لخدمة أعباء الديون لتلك الدول، ربما إلى زيادة الضرائب لكبح العجز في الموازنة العامة، وهو ما يُضعِف إنفاق مؤسسات الأعمال والمستهلكين.

وفي 9 أبريل/ نيسان الماضي، خفض صندوق النقد الدولي توقعات نمو الاقتصاد العالمي في 2019، بنسبة 0.2% عن توقعات يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى 3.3%، مقارنة مع 3.6% فعلية في 2018.
وأرجع الصندوق حينذاك خفض توقعات النمو إلى استمرار توترات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وبعض التوترات السلبية في اقتصادات ناشئة.

وفي 21 مايو/ أيار الماضي، خفّضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، توقعاتها لمعدل نمو الاقتصاد العالمي إلى 3.2% في 2019 و3.4% في 2020.

كانت المنظمة توقعت تحقيق الاقتصاد العالمي نموا بـ3.4% في 2019 و3.6% في 2020 على التوالي، في توقعات سابقة صادرة في مارس/ آذار الماضي.

(الأناضول)

المساهمون