ليبيا تدرس تخفيض عملتها لتخفيف أزمة الدولار

ليبيا تدرس تخفيض عملتها لتخفيف أزمة الدولار

30 مايو 2016
أزمة سيولة في المصارف بسبب تراجع إيرادات الدولة(فرانس برس)
+ الخط -
تدرس ليبيا تخفيض قيمة عملتها لمواجهة الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها بسبب تراجع عائدات النفط، المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد في ظل تفاقم الاضطرابات الأمنية والصراع المسلح، إلا أن هذه الخطوة تواجه انتقادات من محللين اقتصاديين حذروا من موجة غلاء فاحشة في حالة تخفيض رفع سعر الدولار أمام الدينار الليبي.
ورغم اتفاق الأطراف المتصارعة برعاية الأمم المتحدة، على تشكيل حكومة موحدة (الوفاق الوطني) التي بدأت ممارسة مهامها منذ نحو 3 أشهر، واصل سعر الدولار ارتفاعه في السوق السوداء إلى نحو 3.8 دنانير ليبية، في حين يبلغ سعره الرسمي 1.4 دينار، والذي توفره الحكومة على نطاق ضيق للغذاء والدواء والسلع الضرورية، وقد أدَّى نقص التمويل اللازم للواردات ولا سيما الأغذية المدعومة، إلى نقص السلع وارتفاع التضخم، حسب تقارير رسمية.
وكان محافظ مصرف ليبيا المركزي بشرق البلاد علي حبري، أكد في لقاء مشترك مع أساتذة جامعات عبر قنوات محلية، مؤخراً، أنه يسعى لتخفيض العملة لتصل إلى دينارين للدولار، ولكن في المقابل أوضحت مصادر مقربة من محافظ مصرف ليبيا المركزي بطرابلس المعترف به دولياً، لـ"العربي الجديد" أن الكلام بشأن تخفيض العملة مجرد اقتراحات ولن يتخذ شيئاً بشأنها إلا بعد الاستقرار السياسي في البلاد.
وقال المسؤول بالبنك المركزي بشرق البلاد، علي جيهاني، لوكالة أنباء بلومبرغ، أن واضعي السياسات، قد يخفضون قيمة الدينار بنسبة أكثر من 50% إلى ما بين 2.2 و 2.3 دولار، ويبحثون أيضا جمع الأموال من خلال بيع السندات المحلية.
وأضاف جيهاني، أنه لم يتحدد توقيت لهذه الخطوة، التي من شأنها تضييق الفجوة بينها وبين سعر الصرف في السوق السوداء، حسب تعبيره.
وفي المقابل، قال الخبير المصرفي، نوري بريون، لـ"العربي الجديد"، إن الوقت غير مناسب حالياً لتخفيض قيمة العملة أو تعويم الدولار لأن البلاد تعاني من عدم الاستقرار السياسي، مؤكدا على ضرورة زيادة صادرات النفط للحصول على العملة الصعبة لدعم اقتصاد البلاد المتردي، مؤكداً أن آخر عملية تخفيض جرت بشأن العملة المحلية كانت في عام 2002 وخلفت أثاراً سلبية.

ويخالفه في الرأي، المحلل الاقتصادي علي الصلح، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن التخفيض في قيمة العملة محاولة جادة لاسترجاع السيولة النقدية من خارج المصارف التجارية، بالإضافة إلى المساهمة في سد العجز بالموازنة العامة، مشيرا إلى أن مصرف ليبيا المركزي قام بسد ذلك العجز عبر سياسة نقدية متضاربة، حسب تعبيره.
وأوضح الصلح، أن تخفيض العملة يستهدف، المحافظة على الاحتياطي من النقد الأجنبي في المصرف المركزي لحين عودة إنتاج النفط إلى مستوياته الطبيعية، وبالتالي زيادة العائدات من النقد الأجنبي.
وطالب الصلح، السلطات بفصل السياسية النقدية عن السياسة المالية والعمل بمبدأ التنسيق في تلك السياسيات من أجل تحقيق أهداف كل منهما.
وأنفقت ليبيا ما يزيد عن نصف احتياطاتها من النقد الأجنبي في 4 أعوام، لتعويض تراجع إيراداتها الحيوية من النفط بسبب الصراع الذي تشهده البلاد، بالإضافة إلى انخفاض أسعار الخام عالمياً، وانخفضت احتياطيات ليبيا من النقد الأجنبي إلى 39 مليار دولار نهاية العام الماضي، مقابل 84 مليار دولار بنهاية 2011، حسب إحصائيات رسمية.
وحذر ديوان المحاسبة بطرابلس من أن استمرار الوضع الحالي سيستنزف احتياطيات الدولة ومصرف ليبيا المركزي، ويهدد بخفض سعر صرف الدينار أمام العملات الأجنبية. وأشار إلى أن العجز في الميزان التجاري على مدى السنوات الثلاث الماضية، أدى إلى استنزاف احتياطيات النقد الأجنبي.
وحسب ديوان المحاسبة، تقدر خسائر إغلاق الموانئ النفطية بنحو 70 مليار دولار على مدار 3 سنوات، في الفترة ما بين أغسطس/آب 2013 ونهاية عام 2015، وأشار الديوان إلى أن العجز في ميزان المدفوعات بلغ بنهاية 2015 نحو 18 مليار دولار، مقابل 8.5 مليارات دولار في 2012.
وإنتاج ليبيا من النفط الخام يقل حاليا عن ربع مستواه نهاية عام 2010، الذي كان يبلغ 1.6 مليون برميل يومياً. وتشهد حقول النفط صراعاً بين الأطراف المختلفة للسيطرة عليها. ويعتمد الاقتصاد الليبي بصورة كبيرة على عائدات النفط في الدخل القومي، حيث يمثل نحو 95% من إيرادات الدولة، حسب إحصائيات رسمية.
وامتدت أزمة السيولة، التي ضربت القطاع المصرفي الليبي، بسبب شح الدولار، لتطاول قطاعات حكومية، ما أدى إلى تعطل مؤسسات إنتاجية وهيئات خدمية، الأمر الذي أثر سلباً على الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وتوقع محللون، ارتفاع العجز في الميزانية الليبية للعام الجاري إلى 30 مليار دينار، أي نحو 22 مليار دولار، بالإضافة إلى ترجيحات بتراجع حاد في الاحتياطي النقدي الأجنبي.

المساهمون