الكلّ يتجمل ويهرب

الكلّ يتجمل ويهرب

25 مايو 2016
القمة اختتمت أعمالها أمس بإسطنبول(Getty)
+ الخط -


عندما تتحدث مندوبة مصر أمام مؤتمر أممي مهم يشارك فيه رؤساء دول وحكومات عن خطة بلادها في تمكين الشباب، فلا غرابة أن ترتسم الدهشة على وجوه المشاركين في المؤتمر، لأنهم يعرفون جيداً أن الشباب الجاري تمكينهم إما في السجن أو مطارد أو مهدد بالاعتقال.

وعندما يتحدث قادة ووزراء دول أفريقية لها باع طويل في الفساد المالي وسرقة أموال الشعوب وتهريبها لمصارف سويسرا، أمام نفس المؤتمر عن تطبيق بلادهم مبادئ العدالة الاجتماعية وقواعد التوزيع العادل للثروات والشفافية ومحاربة الفساد، فإن الدهشة تزداد على وجوه المشاركين.
في مؤتمر الأمم المتحدة الأول للعمل الإنساني والمخصص بالدرجة الأولى لبحث كيفية إنقاذ ملايين اللاجئين والمشردين حول العالم عبر مساعدتهم مالياً وإنسانياً، نجد أن الكل غنّى على ليلاه وأزماته المالية والاقتصادية، والكل تحوّل إلى متسوّل يحاول كسب ود الأغنياء ظناً منه أن القمة ستجمع مليارات الدولارات التي يجب أن يحصد جانباً منها.

لكن خاب ظن الجميع حينما اكتشفوا أن القمة تحولت إلى "مكلمة" كبيرة، وأن أحداً لم يتعهد بمساعدات جديدة، سواء للاجئين أو للمتسولين الجدد. 



في هذا المؤتمر اجتمع قادة من كل دول العالم.. الكل أطلق وعودا براقة وكلمات حماسية حول أهمية مساعدة اللاجئين حول العالم، والكل تحدث عن ضرورة إنقاذ ملايين اللاجئين من الجوع والعطش والمرض والأوضاع المعيشية الصعبة، والكل بكى على ملايين المشردين بسبب تنظيم داعش وعن آلاف الأطفال الذين يموتون جوعاً أو بمرض قاتل أو بنقص دواء، لأنه ليس لديهم بضعة دولارات تقيهم الجوع والعطش والمرض.

لم يذكر واحد من قادة الدول المشاركين رقماً واحداً حول حجم المساعدات التي يمكن أن تقدمها بلاده لهؤلاء المشردين القابعين في خيام وربما في العراء، باستثناء أردوغان الذي فضح النفاق العالمي، إذ أكد أن تركيا قدمت مساعدات للاجئين السوريين تجاوزت 10 مليارات دولار، وأن حجم ما تلقته بلاده من مساعدات خارجية للمشاركة في هذا العبء المالي الضخم لم يتجاوز 455 مليون دولار.

في إسطنبول اجتمع نحو 60 من قادة دول العالم لوضع آليات لمساندة اللاجئين حول العالم البالغ عددهم 130 مليون شخص.. القليل من هؤلاء تحدث في الموضوع مباشرة، والغالبية هربت، ربما لأنها لا تريد أن تقدم مساعدات من الأصل، لأن الأمر لا يعنيها أو أن ما يحتاجه البيت يحرم على المسجد كما يقولون، وربما لأن لديها أزمات مالية حادة بسبب التغيرات الاقتصادية المتعلقة بانهيار أسعار النفط، وربما لأنها تنتظر تحرك الدول القوية، والدول القوية تنتظر تحرك الدول الغنية، والأخيرة باتت غارقة في مشاكلها الاقتصادية وعجز موازنتها الحاد.


المساهمون