أميركا واليابان وبريطانيا الأكثر استدانة عالميا بـ32 ترليون دولار

أميركا واليابان وبريطانيا الأكثر استدانة عالميا بـ32 ترليون دولار

03 مارس 2016
نقاشات جانبية في الكونغرس الأميركي بشأن الدين الحكومي (Getty)
+ الخط -
العالم يغرق في بحر من الديون وسط مجموعة من المتاعب التي قد تجعل خدمة هذه الديون تشكل أعباء كبيرة على الميزانيات في المستقبل، ما لم تتمكن الاقتصادات الكبرى من النمو بمعدلات كبيرة.
وحتى الآن تتحايل الحكومات الغربية على هذه الديون عبر مجموعة من الإجراءات، من بينها خفض نسبة الفائدة تحت الصفر، حتى تدفع أقل ما يمكن لحملة سندات الدين الحكومي.
رغم انهيار أسعار النفط، ربما تكون الدول العربية أفضل حالاً من باقي دول العالم، من حيث حجم الديون الحكومية، حيث لا تتجاوز ديون 11 دولة عربية، بما في ذلك مصر والعراق، 143 مليار دولار في العام الماضي 2015، وذلك حسب إحصاءات "ستاندرد آند بوورز". وهذه الديون يمكن أن تكون أقل من ذلك كثيراً لولا ديون مصر المقدرة بنحو 44 مليار دولار وديون العراق المقدرة بنحو بـ30 مليار دولار.
فالديون الحكومية العالمية بلغت أكثر من 42 ترليون دولار، حسب إحصاءات "ستاندرد آند بوورز" الصادرة أمس.
تتصدر هذه الديون، الديون الأميركية التي تفوق حالياً 18 ترليون دولار ومن المتوقع أن تصل 19 ترليون دولار بعد إجازة ميزانية عام 2017. وتلي الولايات المتحدة اليابان التي تقدر ديونها بنحو 11 ترليون دولار ثم كندا وبريطانيا وفرنسا.
فالعالم غارق في الديون، خاصة الاقتصادات الكبرى مثل أميركا واليابان وبريطانيا وكندا ودول منطقة اليورو.
ومنذ أزمة المال العالمية في عام 2008، استدانت الدول الغنية بكثافة لإنقاذ اقتصاداتها من الإفلاس، لكن رغم ذلك لم تتمكن هذه الدول من معدلات تكفي لخدمة هذه الديون أو إيجاد وظائف كافية لزيادة معدلات الضرائب فوق الدخل الإنفاقي. وكانت النتيجة تراكم عجوزات الميزانيات عاماً بعد عام إلى أن وصلت إلى هذا الوضع الخطير.
العالم يغرق في بحر من الديون وسط مجموعة من المتاعب التي قد تجعل خدمة هذه الديون مستحيلة في السنوات المقبلة، لأنه ببساطة ستشكل خدمتها نسبة كبيرة من الميزانية.
وأصبحت خدمة الديون تأكل نسبة كبيرة من ميزانيات الحكومات الغنية في بريطانيا وكندا واليابان. ولا يستبعد خبراء أن تقود هذه الديون إلى تدني الاستثمار في السندات الحكومية في المستقبل، وهو ما سيهدد بفجوة تمويلية لدى العديد من الحكومات.
في أميركا مثلاً، رفعت إدارة الرئيس باراك أوباما حجم الدين العام من 10 ترليونات دولار في عام 2009 إلى 19 ترليون دولار في عام 2017. وهو ما يعني أن أميركا ستواجه محنة حقيقية في خدمة هذه الديون مستقبلاً، خصوصاً إذا رفعت معدل الفائدة خلال السنوات المقبلة، وأياً كان من يفوز من المتنافسين حالياً على الانتخابات الرئاسية المقبلة سيجد نفسه أمام خدمة ديون تقارب نصف ترليون دولار. وحسب معلومات مكتب الميزانية بالكونغرس تدفع أميركا حالياً نحو 430 مليار دولار سنوياً لخدمة هذه الديون.

وهذا المبلغ الضخم تدفعه أميركا في وقت تقارب فيه نسبة الفائدة الصفر، أي أنها 0.25%، لكن حجم خدمة الدين العام الأميركي سيرتفع خلال السنوات المقبلة مع ارتفاع حجم الدين، وكذلك احتمالات ارتفاع الفائدة الأميركية في ما بعد خروج الاقتصاد العالمي من التباطؤ. وكانت إدارة أوباما التي تعيش عامها الأخير، قد اقترحت في الثاني من فبراير/ شباط الجاري، ميزانية حجمها 4.1 ترليونات دولار لعام 2017.
وفي اليابان، ارتفعت الديون الحكومية من 10.46 ترليونات دولار في عام 2013 إلى 11 ترليون دولار في العام الماضي. وتواصل اليابان ضخ المزيد من الأموال عبر شراء السندات على أمل تحفيز النمو. وهذا المعدل من الدين يعادل نحو 230% من إجمالي الناتج المحلي الياباني.
لكن مشكلة اليابان ليست فقط في ارتفاع معدل الدين العام ولكن في أن الاقتصاد ظل ينمو لأكثر من عشر سنوات بنسبة لا تفوق واحداً في المائة، وهو ما يعني أن الحكومة اليابانية باتت غير قادرة على خلق الدخل الحكومي الكافي لتسديد الديون.

اقرأ أيضا: "الفائدة السالبة" تقتل الادخار وتنذر بـ"حرب عملات"

يذكر أن بنك اليابان "البنك المركزي، قد اتخذ في نهاية يناير/كانون الثاني قراراً بخفض الفائدة تحت الصفر. ولكن الحكومة اليابانية تواجه حالياً معضلة بيع كميات كبيرة من سندات أجل عشر سنوات بنسبة الفائدة السالبة".
وفي بريطانيا التي تعيش حالياً أزمة حسم مصيرها داخل أو خارج منطقة اليورو يتزايد الدين العام في وقت يتراجع فيه دخل الضرائب. وحسب إحصاءات "يوكيه بيبلك ديت"، فإن الدين البريطاني يقترب حالياً من 1.53 ترليون جنيه إسترليني، في حين كان لا يزيد عن 500 مليار جنيه إسترليني "أي نحو 700 مليار دولار" في عام 2005.

وبريطانيا من الدول التي تعاني تضخماً في فاتورة الرعاية الصحية وفاتورة الضمان الاجتماعي، حيث يستغل مواطنو دول منطقة اليورو الفقيرة نظام الضمان الاجتماعي البريطاني، وتأتي إليها أعداد كبيرة من شرق أوروبا. وهذا العامل يساهم في ارتفاع فاتورة الضمان الاجتماعي عاماً بعد عام.
وحسب وكالة "ستاندرد آند بوورز" من المتوقع أن يزيد الاقتراض الأميركي 8.0% بما يعادل 163 مليار دولار على أساس سنوي، في حين من المتوقع أن تزيد الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، اقتراضها 18% إلى 51 مليار دولار.
ومن المنتظر أن تدفع الزيادة في الصين وفي دول مثل البرازيل والهند اقتراض الأسواق الناشئة للارتفاع 9.4% على أساس سنوي أو 587 مليار دولار وأن ترفع إجمالي ديون الأسواق الناشئة إلى 6.8 تريليونات دولار بنهاية السنة.
وقالت ستاندرد آند بوورز إنها تتوقع أن تستحوذ البرازيل على أكبر زيادة مطلقة في الاقتراض السنوي حيث من المنتظر أن تقترض 14 مليار دولار أكثر في 2016 بزيادة 8.0%
ومن المتوقع زيادة قروض كل من بولندا والهند 12 مليار دولار بما يعادل 38% وثمانية بالمائة على الترتيب. ومن المتوقع انخفاض قروض منطقة اليورو نحو 6% لكن إجمالي الديون سيواصل الارتفاع إلى أكثر من 7 تريليونات يورو مع زيادة قروض دول المنطقة عن الديون المسددة.
ومن المتوقع عالمياً تراجع إصدارات السندات إلى 6.745 تريليونات دولار من 6.899 تريليونات في 2015 لكن مع استحقاق 4.9 تريليونات دولار فإن "صافي" الزيادة البالغ 1.7 تريليون دولار سيواصل دفع إجمالي الديون للارتفاع.
وفي كندا، ارتفع الدين العام من 834 مليار دولار في عام 2007 إلى 1.3 ترليون دولار في عام 2015. أي أن كل كندي أصبح مداناً بنحو 35.8 ألف دولار.
وتقول أرقام ستاندرد آند بوورز التي نشرتها رويترز أمس إن الديون الحكومية العالمية ارتفعت هذا العام رغم تراجع طفيف في فاتورة الاقتراض العالمي السنوية. وأصدرت وكالة التصنيفات الائتمانية تقريراً سنوياً يقول إن من المتوقع زيادة الديون الحكومية العالمية 2.0% إلى 42.4 تريليون دولار، وأن تبلغ القروض الجديدة 6.7 تريليونات دولار لتظل أعلى من الديون المسددة. ويرتفع الدين العالمي في وقت يعيش فيه الاقتصاد العالمي فترة من ضعف النمو واحتمالات الوقوع في ركود جديد.

تحذير بنك التسويات

وكان بنك التسويات الدولية الذي يوجد مقره في سويسرا قد حذر العالم من تضخم الديون العالمية. وقال في تقرير العام الماضي "إن أزمة الديون وليس اضطراب السوق المالي في الصين، هو ما يهدد بحدوث أزمة مال عالمية".
ويشير بنك التسويات في إحصاءاته، إلى أن الديون الحكومية والخاصة في الدول الصناعية ارتفعت بمعدل 36%، إلى 167% من الناتج المحلي الإجمالي، منذ حدوث أزمة المال العالمية في عام 2008 وحتى العام الماضي 2014.
وفي الصين ارتفعت الديون بمعدل أعلى من ذلك، حيث بلغ معدلها 265%. وهذا المعدل المرتفع من الديون، وحسب تقديرات بنك التسويات الدولية، يسبق عادة حدوث الأزمات المالية الكبرى.
وأرجع خبراء تفاقم الديون إلى مواصلة الحكومات الغربية تغطية الإنفاق ولسنوات عبر الدين مستفيدة من نسبة الفائدة المنخفضة.



اقرأ أيضا: مصر أكثر العرب استدانة خلال 2015

دلالات

المساهمون