شركات الطاقة العالمية تتبنى استراتيجيات لتفادي أزمة النفط

شركات الطاقة العالمية تتبنى استراتيجيات لتفادي أزمة النفط

07 فبراير 2016
محطة غاز تابعة لشيفرون في الأرجنتين (Getty)
+ الخط -

 

مع قيام شركات النفط والغاز العالمية بأكبر تخفيض لإنفاقها في مواجهة أسوأ تراجع تتعرض له منذ عقود تتبنى مجالس إداراتها استراتيجيات مختلفة للخروج من تلك الأزمة.

وهبطت أسعار النفط نحو 70% خلال آخر 18 شهراً الماضية إلى نحو 34 دولاراً للبرميل، وهو ما دفع أكبر خمس شركات نفطية في العالم إلى تسجيل انخفاض حاد في الأرباح خلال الأيام القليلة الماضية.

ويواجه الرؤساء التنفيذيون لشركات الطاقة معضلة توازن صعبة حيث يجب عليهم خفض الإنفاق للحفاظ على سلامة الوضع المالي لشركاتهم، وفي الوقت نفسه الحفاظ على البنية الأساسية وطاقة الإنتاج بما يتيح لهم المنافسة والنمو عندما تتعافى السوق.

وتتبنى الشركات استراتيجيات مختلفة لتحقيق نمو في المستقبل وتفضل غالباً التركيز على مجالات خبراتها والمواقع الجغرافية لأصولها الرئيسية.

فعلى سبيل المثال تنسحب شركات يفرون وكونوكو فيليبس وهيس كورب الأميركية من مشروعات المياه العميقة الأكثر تكلفة لتركز على حقول النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وتراهن بي.بي البريطانية على حقول الغاز البحرية في مصر، فيما فضلت رويال داتش شل مساراً بديلاً، حيث تسعى إلى تأمين مستقبلها من خلال الاستحواذ على بي.جي غروب في صفقة بقيمة 50 مليار دولار.

وفي السنوات الخمس التي سبقت الهبوط، والذي بدأ في منتصف 2014 حينما ظلت أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل، تسابقت شركات الطاقة الكبرى على زيادة الطاقة الإنتاجية بما في ذلك شراء حصص في حقول كبيرة مكلفة تقع في بعض الأحيان على عمق آلاف الأمتار تحت سطح البحر وعلى بعد أميال عن اليابسة.

ورغم ذلك خفضت الشركات إنفاقها الرأسمالي الإجمالي خلال العام الماضي وألغت خططا لمشروعات عملاقة تكلف المليارات لتطويرها وتستغرق ما يصل إلى عشر سنوات حتى تصل إلى مرحلة التشغيل.

وقال المحلل لدى بي.إم.أو كابيتال، بريندان وارن: "تريد الشركات إحداث توازن بين دورات الاستثمارات طويلة وقصيرة الأمد وبين الحفاظ على ميزانيات عمومية قوية لتمويل أنشطتها أثناء دورة الهبوط".

وأضاف أن "التركيز على مجالات خبرة ومناطق جغرافية بعينها يمكنه أن يقدم للمستثمرين قيمة فريدة".

وأعلنت شيفرون، وهي ثاني أكبر شركة نفطية في الولايات المتحدة من حيث القيمة السوقية بعد إكسون موبيل، الأسبوع الماضي، عن خطط للإنفاق على استثمارات ذات دورات قصيرة الأجل ومشروعات أقل تكلفة يمكن أن تستغرق أشهراً وليس سنوات عديدة لتصل إلى مرحلة التشغيل.

وعلى وجه الخصوص تركز شيفرون على وجودها الكبير في حقول النفط الصخري في حوض برميان بالولايات المتحدة على حساب مشروعات المياه العميقة المعقدة مرتفعة التكلفة بعدما خفضت إنفاقها الرأسمالي 24% هذا العام.

اقرأ أيضاً: مليارديرات النفط يحققون مكاسب رغم تهاوي الأسعار

وقال الرئيس التنفيذي لشيفرون، جون واطسون: "لن ننطلق في مشروعات طويلة الأجل.. نفضل الاستثمارات قصيرة الأجل.. وإذا لم تحقق متطلباتنا فلن نستثمر".

ورغم أن تطوير آبار للنفط الصخري قد يكون أكثر تكلفة من بعض مشروعات المياه العميقة على أساس تكلفة البرميل فإن الاستثمارات ذات الدورات الأقصر والأقل مخاطر في التنفيذ تعني أن الشركات يمكنها جني الأرباح سريعاً.

وتتحرك استراتيجية الاستثمارات قصيرة الأجل بفعل عوامل من بينها أنه على عكس نموذج بي.بي فإن شيفرون لديها بالفعل خططاً لمشروعات طويلة الأجل وتقوم حاليا بتطوير بعض أكبر مشروعات الغاز الطبيعي المسال في العالم مثل محطتي جورجون وويتستون في أستراليا.

وانصرفت شركات أصغر مثل كونوكو فيليبس وهيس أيضاً عن مشروعات المياه العميقة واتجهت إلى إنتاج النفط الصخري من الحقول البرية بما في ذلك باكين شيل في ولاية نورث داكوتا.

وكانت بي.بي من بين شركات قليلة للغاية وافقت على مشروعات كبيرة العام الماضي مع قرارها استثمار 12 مليار دولار في مشروع للغاز بغرب دلتا النيل في مصر.

وتستند الاستراتيجية جزئيا إلى خططها التي تهدف لتحقيق جزء كبير من نمو إنتاجها في المستقبل من حقول الغاز البحرية قبالة السواحل المصرية، لكن بي.بي البريطانية الهولندية، والتي سجلت أكبر خسارة لها على الإطلاق الأسبوع الماضي، لا تملك مشروعات كثيرة طويلة الأجل مثل تلك التي تتفاخر بها شيفرون.

ويرجع مشروع بي.بي للتطوير أيضاً إلى حقيقة بيع الشركة أصولاً بما يزيد عن 50 مليار دولار بعد التسرب النفطي الكبير في خليج المكسيك عام 2010، مما أسفر عن هبوط حاد في الإنتاج بحسب محللين.

وعلى النقيض اتجهت شل في مرحلة مبكرة من الهبوط إلى الاستحواذ على بي.جي غروب البريطانية في أكبر صفقة يشهدها القطاع منذ عشر سنوات، وستجعلها الصفقة تحتل مركز الريادة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال والنفط من الحقول البحرية في البرازيل وزيادة احتياطياتها من الطاقة بنحو الخمس.

وتتوقع المجموعة، والتي سجلت الأسبوع الماضي أقل دخل سنوي لها في 13 عاماً، استكمال الصفقة هذا الشهر.

وقال المحلل لدى تودور بيكرنج هولت آند كومباني، أنيش كاباديا، إن: "إكسون الأميركية العملاقة ربما تحتاج إلى الاقتداء بشل والسعي وراء صفقة اندماج واستحواذ كبيرة بعدما فاجأت الكثيرين في السوق الأسبوع الماضي بخفض إنفاقها للعام الحالي إلى 23 مليار دولار".

وأضاف "خفض الإنفاق الرأسمالي يشير إلى أن الشركة، والتي سجلت أقل ربح فصلي لها في ما يزيد عن عشر سنوات، لا تخطط للاستثمار في مشروعات جديدة كثيرة".

وتابع: "هذه علامة على أن إكسون ليس أمامها مشروع جذاب بما يكفي لتستثمر فيه وليست مستعدة للاستثمار في المنبع ولذا فإنها إذا أرادت النمو فسيكون عليها القيام باستحواذ.. وفي تلك البيئة مع الصعود المحتمل لأسعار النفط فإن شيفرون تفعل الصواب.. تستطيع البقاء على مدى السنوات القليلة المقبلة ويكون أمامها خيار النمو".

وتبدو شتات أويل النرويجية وتوتال الفرنسية في موقف وسط حيث ألمحت الشركتان إلى أنهما لن تستثمرا مشروعات جديدة هذا العام لكن لديهما أيضا خططا لمشروعات كبيرة في السنوات القادمة ستعوض انخفاض الإنتاج.

 

 
اقرأ أيضاً:
أسعار النفط تخفض أرباح شل 87% في 2015
السعودية تبحث مع فنزويلا طرقاً لاستقرار النفط

المساهمون