رجال الأعمال يدعون إلى حالة طوارئ اقتصادية في تونس

رجال الأعمال يدعون إلى حالة طوارئ اقتصادية في تونس

19 فبراير 2016
الاحتجاجات والإضرابات تثير مخاوف رجال الأعمال (الأناضول)
+ الخط -
دعت رئيسة منظمة رجال الأعمال في تونس (اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية)، وداد بوشماي، إلى إعلان حالة طوارئ اقتصادية، تحسبا لأوضاع أشد تأزما، مع عزوف المستثمرين عن ضخ أموالهم.
وتوجهت بوشماوي برسالة عاجلة من البرلمان إلى الفاعلين في الساحة السياسية، مفادها أن الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل المزيد من التجاذبات السياسية، مشيرة إلى أن تونس بحاجة إلى جهود الجميع لتشجيع المستثمرين وتفعيل المشروعات المعطلة.
ودعت رئيسة منظمة الأعمال إلى الإسراع في الإصلاحات المالية والاقتصادية والتشريعية الضرورية، حتى تتمكن البلاد من مجاراة التطورات العالمية للتشجيع على الاستثمار وتوسيع الأنشطة.
ولا تعد الرسالة التي توجهت بها منظمة الأعمال، الأولى من نوعها، حيث لا تفوت المسؤولة الأولى بالمنظمة الفرصة للتذكير بخطورة الوضع الاقتصادي، غير أن رسالتها الأخيرة، مساء أول من أمس، كانت أشد لهجة بالدعوة إلى رفع درجة التأهب استعدادا لمزيد تأزم الوضع.
ويعتبر المراقبون للشأن الاقتصادي أن الوضع السياسي المتذبذب وهشاشة التحالفات السياسية، ألقت بظلالها على أداء الحكومة التي لم تتمكن من اتخاذ إجراءات جريئة فيما يخص الملف الاقتصادي. وتنتقد الأوساط الاقتصادية الزج بملف رجال الأعمال والمصالحة الاقتصادية في الشأن السياسي، الأمر الذي أدى إلى إحجام المستثمرين عن المجازفة بضخ أموالهم في الاقتصاد، خوفا من العقاب أو التشفي.
ولا يزال ملف المصالحة الاقتصادية يراوح مكانه منذ أكثر من ثمانية أشهر، بسبب رفض المعارضة هذه المبادرة القانونية، بالرغم من حصول مشروع القانون هذا على الضوء الأخضر من حزبي الأغلبية في البرلمان (حركة نداء تونس وحركة النهضة).
ويعتبر الخبير الاقتصادي، رضا شكندالي، أن دعوة منظمة رجال الأعمال إلى دفع درجة التأهب القصوى، مرتبطة بتخوفهم من انعكاسات التدخل العسكري المحتمل في ليبيا على الوضع المحلي، لافتا إلى أن الاقتصاد التونسي استنزف كل إمكانياته ولم يعد يحتمل تأخير العلاج. وأضاف لـ"العربي الجديد" أن كل المؤشرات الاقتصادية والتصنيفات العالمية نبهت إلى خطورة الوضع، لافتا إلى أن منظمة الأعمال لا تزال تجد حرجا في الكشف عن حقيقة الوضع، خوفا من فرار المستثمرين الأجانب.
وقال الخبير الاقتصادي إن ما سماه بـ"واجب التحفظ"، يدفع رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة إلى التكتم على حقيقة الوضع الاقتصادي والاكتفاء بتوجيه الرسائل شديدة اللهجة إلى الحكومة والأحزاب، حتى تتفاعل مع مقترحاتها والحلول التي يطرحها المستثمرون للخروج من دائرة الخطر.
وأظهرت بيانات حديثة للمعهد الوطني للإحصاء (مؤسسة حكومية)، أن نسبة النمو خلال عام 2015 بلغت حدود 0.8%، مقابل توقعات ما بين 0.2. و0.3% كان أعلن عنها وزير المالية سليم شاكر، بداية شهر فبراير/شباط الجاري.
وكانت الحكومة قد رسمت توقعاتها بشأن النمو للسنة الماضية في قانون المالية لسنة 2015 في حدود 3%، غير أنها راجعتها نحو الانخفاض بفعل العمليتين الإرهابيتين اللتين استهدفتا متحف باردو والمنطقة السياحية بسوسة.
ويشكو معظم المستثمرين المحليين والأجانب من تأثر الاقتصاد بحالة الفوضى وكثرة الاحتجاجات والإضرابات، وهو ما أثر سلبا على القدرة التنافسية لمؤسساتهم بسبب أيام العمل الضائعة.
وتتجاوز الإضرابات في مناسبات متعددة، المسؤولين النقابيين، حيث غالباً ما يعمد الشباب العاطل عن العمل إلى غلق الطرق المؤدية إلى المناطق الصناعية لمنع المؤسسات المصدرة من نقل سلعها نحو الموانئ البحرية، وهو ما أجبر قرابة 400 مؤسسة أجنبية على مغادرة تونس في اتجاه أسواق أخرى أكثر استقرارا.
ويعتبر عضو منظمة رجال الأعمال، حمادي الكعلي، أن تونس لم توفق إلى حد الآن في إدارة الملف الاقتصادي، رغم أن المجتمع الدولي قدم تسهيلات ومساعدات كبيرة كان من المفترض توظيفها لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع أوروبا أو العالم العربي.
ويرى العكلي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الإمكانيات لا تزال متاحة لتجاوز المرحلة الصعبة في حال الاتفاق على أن الملف الاقتصادي يجب أن يكون له الأولوية في المرحلة المقبلة، داعيا الحكومة إلى الإسراع في تغيير كل التشريعات لفك العزلة عن المستثمرين.
وانتقد رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولز، في زيارته مؤخرا إلى تونس، التردد في إجراء الإصلاحات في بعض القطاعات، مشيرا إلى أن البيروقراطية المجحفة تغرق البلاد، حسب تقييم خبراء مرافقين له.
واعتبر شولز، أن تونس بحاجة إلى مخطط مارشال لإنقاذ الشباب التونسي من آفة البطالة، وأنه على الاتحاد الأوروبي أن يتحمل مسؤوليته تجاه هذا البلد الذي يعتبر الأقرب إلى النموذج الأوروبي، حسب تعبيره.

اقرأ أيضا: تونس مهددة بعدم استرجاع أملاك المعزول بن علي وأصهاره

المساهمون