الحرب ترفع استهلاك اليمنيين للسجائر 50%

الحرب ترفع استهلاك اليمنيين للسجائر 50%

09 يونيو 2015
الحرب أدت إلى زيادة التدخين في اليمن(فرانس برس)
+ الخط -
زاد استهلاك اليمنيين للسجائر بنسبة 50% منذ بدء ضربات التحالف العربي الجوية ضد جماعة أنصار الله (الحوثيين) في يوم 26 مارس/آذار الماضي، رغم ارتفاع أسعارها بمعدل 100%، حسب مصنعين وباعة سجائر يمنيين لـ "العربي الجديد". وكان سوق السجائر شهد نقصاً حاداً في أول أسبوعين من الحرب، حيث قام التجار بتخزين السجائر في الوقت الذي توقف فيه الاستيراد، ثم عادوا ليطرحوها في السوق بأسعار مرتفعة.
وتزيد معدلات التدخين بشكل طبيعي في حالات الحروب والاضطرابات، نتيجة القلق الذي يعصف بالناس والمخاوف بشأن حياتهم ومستقبل أولادهم، حسب خبراء علم النفس.
وقال محمد خالد، موظف، لـ "العربي الجديد"، "أعمل في وظيفة حكومية، ورغم استمرار تلقي الراتب إلا أن المؤسسة التي أعمل بها ألغت جميع الحوافز والمكافآت وأبقت على الراتب الأساسي، ورغم انخفاض الدخل زاد استهلاكي للسجائر".
وأضاف، "كنت في الوضع الطبيعي أدخن عبوة سجائر يوميا ماركة مارلبورو العالمية، وأصبحت أدخن من عبوة ونصف إلى عبوتين، رغم ارتفاع الأسعار بمعدل 100%".
وأوضح خالد أن أغلب الموظفين في الدائرة الحكومية التي يعمل بها يتغيبون عن أعمالهم وبعضهم نزح إلى الأرياف، وأنه يقضي فترة ما بعد الظهيرة في مضغ القات وتدخين السجائر مع أصدقائه.
وأشار نصر الزريقي، موظف حكومي، لـ "العربي الجديد"، إلى أنه لم يكن يدخن إطلاقا، لكن نتيجة لتوقف العمل في الجهة التي يعمل بها، يخرج صباحاً ليلتقي أصدقاءه المدخنين في مقهى وسط صنعاء، وبدأ رحلة التدخين من خلال سيجارة أو سيجارتين أخذها منهم حتى أصبح مدخناً، ويشتري علبة سجائر كل صباح.
وقال زكريا أحمد، موظف في مدينة تعز، لـ "العربي الجديد"، إن السجائر التي أدخنها اختفت من محلات البيع ثم عادت بعد أن تضاعفت أسعارها.

زيادة الإقبال

وأكد باعة سجائر لـ "العربي الجديد"، أن نسبة إقبال المدخنين على شراء السجائر والشيش (أراجيل) زادت بنسبة 50% بسبب الحظر الجوي والبحري، وتعطل مصانع محلية منتجة للسجائر نتيجة الحروب الداخلية التي تشهدها المدن اليمنية.
وأوضح مالك محلات لبيع الشيش (أراجيل) والسجائر في العاصمة صنعاء، ربيع محمد، أن نسبة الإقبال على شراء السجائر زادت الفترة الأخيرة.
وقال محمد لـ "العربي الجديد"، الحظر الجوي والبحري أدى إلى توقف استيراد السجائر؛ ما زاد إقبال المستهلكين على الشراء بهدف تخزينها، فالذي كان يشتري عبوة سيجارة أصبح يشتري 20 عبوة، ونتيجة لذلك رفع التجار أسعار السجائر، حيث ارتفعت أسعار مارلبورو من 300 ريال (1.4 دولار) إلى 600 ريال (2.8 دولار). كما ارتفعت أسعار أنواع (ميريت، كينت، دانهيل، دافيدوف، كاميل) بنسب متفاوتة، حسب محمد.

السجائر المحلية

ولم يقتصر ارتفاع الأسعار على السجائر المستوردة، بل شمل المصنعة محلياً؛ والتي زادت بين 40 و100% .
وارتفعت أسعار سجائر "روثمان" العالمية بنسبة 100% من 250 ريالا (1.2 دولار) إلى 500 ريال (2.3 دولار) للعبوة، وتملك الشركة المتحدة للصناعات التابعة لمجموعة هائل سعيد أنعم، امتياز تصنيع روثمان محليا، حسب تجار.
وارتفعت أسعار "كمران" المشهورة محليا من 250 ريالا إلى 350 ريالا للعلبة، وتنتج سجائر كمران منذ 1963 عبر شركة كمران للصناعة والاستثمار (حكومية).
ويصنع اليمن السجائر من خلال 3 مصانع للتبغ، أحدها حكومي واثنان يتبعان القطاع الخاص، أحدهما في عدن وتوقف بسبب الحرب الدائرة في المدينة بين الحوثيين والمقاومة الشعبية.

اقرأ أيضا: الحرب تنعش بيزنس القات في اليمن

وأكد تقرير صادر عن البنك المركزي اليمني، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تسارع تضخم أسعار التبغ والسجائر والقات إلى 12.2% مسجلاً أعلى مستوى له منذ بداية عام 2014 بعد أن كان 11% في يوليو/تموز.
ويؤكد مدير البرنامج الوطني لمكافحة التدخين، محمد الخولاني، أن البرنامج يعمل للحد من تزايد أعداد المدخنين، لكن جهودهم تصطدم بتزايد تجارة تهريب السجائر، ولا سيما في زمن الحرب.

ويقول الخولاني لـ "العربي الجديد"، إن الحكومة تبنت رفع أسعار معظم أصناف السجائر المصنعة محلياً، من أجل تجاوز القدرة الشرائية للمدخنين، ما ينعكس على تشجيع إقلاعهم عن التدخين أو الحد من كمية استهلاكهم للتبغ ، لكن هذه الجهود تصطدم بتزايد أعمال التهريب والاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ.
وأدت الاضطرابات في اليمن إلى ازدهار عمليات التهريب المنظم للسجائر؛ والتي تدخل الأسواق بكميات كبيرة، وتباع بأسعار زهيده تشجع على تزايد عدد المدخنين.

أعلى الدول استهلاكاً

وتعتبر اليمن من أعلى الدول في استهلاك السجائر، وأظهرت دراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية أنها تحتل المرتبة الثانية على الصعيد العربي، بعد تونس في كثرة المدخنين.
وتفيد دراسة أعدها البرنامج الوطني لمكافحة التدخين في اليمن، وجود 3.4 ملايين مدخن على مستوى جميع محافظات الجمهورية، وتشير الدراسة إلى أن 1.14% من طلاب وطالبات مدارس التعليم الأساسي في اليمن بين أعمار (13-15) سنة يدخنون أحد أنواع التبغ، فيما 40% يتعرضون للتدخين السلبي (غير المباشر).
وتؤكد الجمعية اليمنية لمكافحة التدخين، أن نسبة عدد المدخنين في اليمن تعد من أعلى النسب عالمياً.
وحسب إحصائيات رسمية، فإن 85% من الرجال مدخنون، و30.2% من النساء مدخنات، وهناك 3.4 ملايين مدخن على مستوى البلاد، 29.2% منهم تتراوح أعمارهم من 17 إلى 24 عاماً.
ويشير الباحث في وزارة الصحة اليمنية عبد الوهاب الأنسي، إلى أن اليمنيين يدخنون 9.2 مليارات سيجارة سنوياً، وينفقون على التبغ بمختلف أنواعه 45.9 مليار ريال يمني.
ويوضح الأنسي أن اللافت في هذا السياق، هو الإقبال على استهلاك التبغ ومشتقاته بشكل مكثف من قبل مختلف فئات المجتمع، بما في ذلك الأطفال. وعزا ذلك إلى الارتباط الوثيق بين التدخين وظاهرة تعاطي القات، التي تنتشر هي الأخرى على نحو واسع في البلاد.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية بصنعاء، تنامي معدلات التدخين بشكل لافت ومقلق في أوساط اليمنيين، خلال السنوات الأخيرة، على نحو جعل منه، واحداً من أهم ثلاثة أسباب للموت في المناطق اليمنية وهي على الترتيب حوادث السير، وإطلاق الأعيرة النارية، والأمراض الناجمة عن التدخين وفي مقدمتها أمراض القلب والشرايين والسرطان والفشل الكلوي.

اقرأ أيضا: القات يزحف على بائعي البن اليمني

المساهمون