أدوية الرصيف..تجارة رائجة في العراق تنافس المخدرات

أدوية الرصيف..تجارة رائجة في العراق تنافس المخدرات

09 مايو 2015
ضبط تجار أدوية مخدرة في العراق (Getty)
+ الخط -
يقف الصبي أحمد عبد الرحمن (15 عاماً) على حافة طريق فرعي ضيق بالقرب من مجمع تجاري بمنطقة العلاوي وسط بغداد، لبيع أنواع مختلفة من الأدوية والعقاقير المهدئة مجهولة المصدر، لتنافس تجارة المخدرات، بعد أن شهدت هذه النوعية من الأدوية رواجا وملأت أرصفة ومحال بغداد وغيرها من المناطق العراقية، حيث يعد زبائنها من الساعين وراء الحبوب المخدرة.
يقول عبد الرحمن، ذو الجسد النحيل والهالات السوداء حول عينيه لـ"العربي الجديد"، إن زبائنه "زي الرز"، في إشارة إلى كثرة عددهم، مقتبسا هذا التوصيف من تسريبات منسوبة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أشهر حول حاجة مصر إلى المزيد من مساعدات الخليج بينما تم وصف أموال الخليج بأنها مثل الأرز "زي الرز".
ويضيف "أعمل في هذه المهنة منذ عامين، تجارة الأدوية في بغداد أصبحت رائجة وتدر علينا المال، فهي تلقى طلباً متزايداً من قبل المشترين، خاصة الشباب الذين يبحثون على أدوية شبيهة بالمخدرات، لغرض تناولها على أنها توفر لهم المتعة والجو العالي كما يسمونهُ".
ويتابع أن "أكثر الأشياء التي يطلبونها هي حبوب كالفاليوم والارتين والمكدون أو ما يعرف شعبيا بالحبة الصفرة وأبو الحاجب وأبو الصليب". وهذه كلها أدوية مخدرة تعطى للمريض في حجرة العمليات قبل أو بعد إجراء الجراحات.
وأسعار تلك الأدوية وفق عبد الرحمن تختلف حسب نوع المخدر الموجود بالدواء وكميته وندرته بالسوق أيضاً. ويرفع التاجر الصغير حاجبيه مبتسما "عمي هذه الأدوية من تخصص الصغار مثلي، أما الكبار فهم يتخصصون بالمخدرات الحقيقة".
ويحصل مروجو الأدوية المخدرة على بضاعتهم من موظفين في وزارة الصحة العراقية يقومون بسرقتها من مخازن الوزارة أو المستشفيات، أو من خلال استقدامها من إيران عبر البر من خلال معبر بدرة الحدودي أو من خلال شط العرب بواسطة قوارب صيد السمك.
ويضع عبد الرحمن على منضدة يجلس خلفها بالشارع حبوباً كالبندول وغيرها، في أسلوب للتمويه، غير أنه يخفي بضاعته الحقيقية في مكان آخر قربه سرعان ما يعرف طلب الزبون من سؤاله أو لون وجهه وزرقة ذراعه من الحقن المخدرة.

ويؤكد أن "العمل في بيع الأدوية التقليدية يدر عليه نحو 30 ألف دينار (26 دولاراً) يومياً، بينما الاتجار بالأدوية المخدرة فأرباحها تبدأ من 100 دولار فأكثر".
ويقول "الجانب الإنساني حاضر في عمل بيع الأدوية، فنحن نبيع العقاقير التي يصعب على المواطنين الحصول عليها، خاصة أدوية الأمراض المزمنة، والتي يصل سعرها إلى 300 دولار للعلبة الواحدة، ونحن نبيع أي علبة تريدها من الأدوية بـ 150 دولاراً، ونحصل عليها من المستشفيات الحكومية، عبر موظفين يقومون بسرقتها من الصيدليات والمستشفيات الحكومية ونشتريها منهم ونبيعها للمريض".
ويستطرد "أصحاب الأمراض المزمنة باتوا على موعد محدد معنا، ففي منتصف الشهر تجد ازدحاما، بسبب توزيع أدوية الأمراض المزمنة، وبهذا نحن نخدم الحكومة والشعب في بيع الأدوية". وتابع "يا عمي الشرطة الله وكيلك، تأتي إلينا وتهددنا إما بإعطائهم فلوس (أموالاً) كرشوة أو تطبق القانون علينا".
ويشير عبد الرحمن إلى أن الأدوية المخدرة تصلهم عبر وسطاء لا يكشفون عن أسمائهم الحقيقية أو أسماء المورد الذي يطلق عليه اسم" الحجي" في دلالة على صاحب المخدرات. ويوضح "تجارتي الآن تبلغ نحو 6 آلاف دولار والعمل يدر علينا الربح ولدينا زبائن من مختلف الشرائح".
الدكتور مناف الخالد، أستاذ علم الاجتماع في جامعة بغداد، يقول لـ"العربي الجديد"، إن العراق تحول منذ الاحتلال الأميركي قبل نحو 12 عاما من بلد ضمن الدول التي تحظى بمراتب متقدمة في خلوه من تجارة المخدرات إلى بلد يشمل قطاعاً عريضاً من المتعاطين للمخدرات ودكاكين واسعة لبيعها باتت تمثل لونا مميزا في اقتصاد وتجارة العراق.
ويضيف "نعم هي تجارة ومصدر دخل على مرأى ومسمع من الحكومة وأجهزتها الأمنية التي تغوص حتى رأسها بمكافحة الإرهاب الأسود بينما تغفل عن إرهاب آخر من نوع أكثر فتكا بالمجتمع العراقي".
وبحسب المقدم حسين الربيعي، أحد ضباط وزارة الداخلية العراقية، فإن بيع الأدوية المخدرة يصنف ضمن الاتجار بالمخدرات، مشيراً إلى اعتقال نحو 88 شخصاً منذ بداية العام الحالي بتهم الاتجار بالأدوية والمخدرات.
ويقول الناشط المدني، عبد الستار الدليمي، لـ"العربي الجديد"، إن "المخدرات تدخل العراق عبر إيران التي تعتبر أكبر مورد للمخدرات إلى العراق بجميع مناطقه، وهناك تجار يتعاملون بملايين الدولارات، كون الحدود العراقية الإيرانية طويلة فتدخل عبر منافذ الجنوب العراقي وإقليم كردستان العراق".

اقرأ أيضا: "صنع في إيران" يحتل الأسواق العراقية