بائع التمر..تجارة مزدهرة تحت ظلال النخيل في موريتانيا

بائع التمر..تجارة مزدهرة تحت ظلال النخيل في موريتانيا

24 ابريل 2015
تجارة التمر تنتعش أواخر الصيف في موريتانيا (العربي الجديد)
+ الخط -
ينادي محمد محمود ولد الغوث، بائع التمر في سوق العاصمة نواكشوط، بأعلى صوته داعياً رواد السوق إلى الاقتراب والوقوف على جودة بضاعته التي اختار لها مكانا قصياً داخل السوق لعرضها بكميات كبيرة تجذب الأنظار، رغم أن تجارته لا تحتاج إلى دعاية في موريتانيا.
فالتمر هو التجارة التي لا تبور طالما توافرت فيها معايير الجودة، فزبونها مضمون بحكم خصوصية هذا البلد الصحراوي والإقبال الكبير على استهلاك التمور.
بلكنته البدوية يرحب ولد الغوث (36 عاماً) بجميع المقبلين عليه سواء كانوا ينوون الشراء أو لأن صوته جذبهم فاقتربوا لتفحص تجارته.
ومهما كانت غاية المقبلين، فإن الشاب يحرص على تقديم حبات من التمر لهم ليتذوقوها ولهم حرية الاختيار بين الشراء أو الرحيل لإكمال جولتهم في السوق، وعندها يودعهم بابتسامة الواثق من عودتهم.
ويقول ولد الغوث، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إنه ورث هذه المهنة عن أبيه الذي كان يعمل في واحات النخيل بمنطقة آدرار (شمال شرق). ويضيف "كان والدي عاملاً باليومية (الأجر اليومي) في مزارع النخيل، وعاش أزهى فترات حياته في مواسم قطف الرطب، وفي باقي أشهر السنة كان يقوم ببيع التمر في المدن، وعلمني أسرار هذه المهنة وسمح لي بمرافقته منذ صغري في صعود النخل وفي بيع التمر".
ويعرض ولد الغوث نوعيات مختلفة من التمر محلية ومستوردة في أكياس وحاويات مختلفة، بعضها مرصوص بانتظام وأخرى معروضة بعضها فوق بعض، وتختلف التمور التي يعرضها في مذاقها ولونها، حسب جودة الأشجار والتربة وكمية ونوعية المياه التي تروى بها.
ويقول إنه اشترى كميات كبيرة من التمر استعداداً لموسم الصيام في شهري شعبان ورمضان، وقام بتخزينها حتى لا تتأثر تجارته بالمضاربات التي تعرفها أسواق التمر منتصف شهر رجب ( بدأ في 19 أبريل/ نيسان الجاري).
ويتواصل ولد الغوث مع تجار التمر بالهاتف لمعرفة الأسعار وحركة البيع. ويقول "للتمر أيضا بورصة يجب الانتباه لتقلباتها خاصة مع تأثر موسم بيع التمر بالفارق الزمني، الذي أصبح بين شهر رمضان وموسم القطف".

وكانت أسواق التمور تحقق مبيعات كبيرة بفضل الموسم الرئيسي للقطف، الذي كان ينطلق قبل شهر رمضان أواخر الصيف، ما يجعل المستهلكين يقبلون على شراء التمر والرطب معا بكميات كبيرة، لكن الأمور اختلفت خلال العامين الأخيرين.
وعن هذا الأمر يقول ولد الغيث "حاليا نعتمد في مبيعاتنا على تمر العام الماضي، والزبون الموريتاني يهوى دائما التمر الجديد والرطب، كما أن بيع الرطب في رمضان كان يحقق لنا مبيعات قياسية،، ورغم تغير الظروف هناك أمر إيجابي هو أننا نستطيع استغلال الإقبال على التمر في شهري شعبان ورمضان لبيع كل محصول العام الماضي من التمر".
وتحظى تجارة التمر باهتمام كبير من قبل السلطات، وسط توقعات بموسم وفير من محصوله هذا العام. ويحترف تجارة التمر عادة البدويون من سكان المناطق الشمالية والشرقية يتنقلون من مكان لآخر حسب الإقبال.
وعن أسعار التمر حالياً، يقول ولد الغوث إنها "تختلف حسب نوعية المنتج وجودته وحتى حسب مصدره، فالتمور التي تسوقها الجمعيات التعاونية أسعارها منخفضة عن أسعار تمور المزارعين وكبار التجار، الذين يقومون بمضاعفة الأسعار".
ويوضح أن أسعار التمور تتراوح حالياً بين 600 أوقية (دولارين) للكيلوغرام و2100 أوقية (7 دولارات)، وذلك حسب المنتج المحلي والمستورد.
ويبدو ولد الغوث راضياً عن أرباحه من تجارة التمور ويعتبرها تجارة "مباركة"، كما أن لها أهمية خاصة في موريتانيا، حيث إنها ترتبط بالأصالة والتراث والزمن الجميل، حين كان الجميع يعيش تحت ظلال النخيل.
لكن تجارة التمور تعاني وفق التاجر الموريتاني، من تأثر جودتها في بعض المواسم بتأخر موسم قطف الرطب وجني الثمار، أو من الأمراض التي تصيب نخيل بعض الواحات الرئيسية في ولاية أدرار، التي يعتمد عليها كبار التجار في البلاد.
ويشير إلى أن مزارعي وتجار التمور يعانون بسبب المشاكل المرتبطة بتأثر واحات النخيل بالجفاف والأمراض واجتياح الجراد، إضافة الى منافسة التمور المستوردة.
ويأمل ولد الغوث، أن تهتم الدولة بهذا القطاع من خلال الاستثمار فيه، وتوفير قروض للمزارعين وحماية حقوق التجار وتطوير إنتاج الواحات.
ويقول إن أزهى مواسم التمور هي شهر رمضان أواخر الصيف، حيث يخرج الموريتانيون إلى واحات النخيل لشراء كميات كبيرة من التمر والرطب.

اقرأ أيضا:
الموريتانيون الأكثر بطالة عالمياً

دلالات

المساهمون