تردي الأوضاع الأمنيّة يكبد سيناء خسائر فادحة

تردي الأوضاع الأمنيّة يكبد سيناء خسائر فادحة

18 ابريل 2015
التفجيرات في مناطق سيناء تزيد معاناة الاقتصاد (فرانس برس)
+ الخط -
تتعرّض الاستثمارات بمنطقة سيناء المصرية لخسائر فادحة بسبب تردي الأوضاع الأمنية وزيادة حدة المواجهات بين الجيش المصري وتنظيم "ولاية سيناء" المسلح، كما تراجع حجم الاستثمارات بالمنطقة خلال الأعوام الأخيرة بأكثر من 7 مليارات جنيه (917 مليون دولار)، على خلفية تنامي العمليات الإرهابية.
وقدّر رؤساء منظمات أعمال مصريين حجم الخسائر التي تكبّدها المستثمرون بسيناء خلال العام الماضي، 2014، جراء تدهور الوضع الأمني بنحو 900 مليون جنيه (118 مليون دولار).
وتشهد سيناء منذ شهور مواجهات حادة بين الجيش وتنظيم "ولاية سيناء" المسلح راح ضحيتها العشرات من الطرفين.
وأسفر تفجير مدرعة تابعة للجيش المصري بمنطقة الشيخ زويد، شمال سيناء، أمس الخميس، عن مقتل ضابط جيش وإصابة آخر.
وقال رئيس جمعية مستثمري سيناء، الدكتور حسن راتب، إن معدلات أداء استثمارات سيناء كانت تحقق مردوداً يتجاوز المليار جنيه (131 مليون دولار) سنوياً، غير أنها تراجعت اليوم إلى 100 مليون جنيه (13.1 مليون دولار)، مؤكداً أن اضطراب الأوضاع الأمنية أبرز أسباب هذه التراجعات الحادة في عائدات الاستثمارات بالمنطقة.
ويواجه الجيش المصري مشكلة كبيرة في التعامل مع المسلحين في سيناء، وتحديداً مع "ولاية سيناء"، خصوصاً مع توالي العمليات من قبل التنظيم، وعدم القدرة على وقف تحركاته وخطورته، وهو أمر دفع النظام الحالي إلى إحداث تغييرات في قيادة الجيش قبل أيام.

ولفت راتب، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إلى أن حظر التجول الذي تم فرضه أخيراً بدءاً من الساعة الخامسة عصراً من كل يوم وحتى صباح اليوم التالي، يدخل ضمن التأثيرات السلبية على مناخ الاستثمار بسيناء، حيث تم تقليل ساعات العمل داخل المصانع والمؤسسات الإنتاجية والاستثمارية العاملة بسيناء، وبالتالي انخفض إنتاج عدد من المصانع العاملة بهذه المنطقة الحيوية.
وقرر رئيس الوزراء المصري، إبراهيم محلب، مد حظر التجوّل في سيناء لمدة ثلاثة أشهر أخرى تنتهي في يوليو/ تموز المقبل، وهو ما اعترض عليه أهالي سيناء، إضافة إلى ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي دشنوا وسم (هاشتاغ) سموه "# كفاية_حظر".
وحسب رئيس جمعية مستثمري سيناء، فإن الاستثمار عبارة عن مناخ، وأن أي تنمية لن تتحقق دون استقرار أمني وسياسي واجتماعي.
وتابع راتب، وهو صاحب مجموعة شركات سما التي تملك مشروعات عدة للإسمنت والتعليم والزراعة داخل سيناء، أن سيناء تنقسم لثلاث مناطق هي الشمال والجنوب والوسط، وتتركز الأحداث المشتعلة حالياً في الشمال الذي توجد فيه استثمارات ومصانع إسمنت وجامعات، أما منطقة الجنوب فتتركز بها الاستثمارات السياحية، ومنطقة الوسط استثماراتها ضعيفة جداً.
ورغم تراجع إيرادات وعوائد المشروعات المقامة بسيناء بسبب تردي الوضع الأمني، إلا أن رئيس جمعية مستثمري سيناء، قال إنه "يجري ضخ استثمارات جديدة ببعض المشروعات البعيدة عن المواجهات الجارية بين الجيش والإرهابيين، وقدّر هذه الاستثمارات بنحو 350 مليون جنيه".
وأشار إلى أن الاستثمارات موجهة بشكل رئيسي لأغراض بيئية، مثل تحويل اعتماد بعض المصانع، خاصة "مصنع الإسمنت كثيف الاستهلاك للغاز"، للعمل بالفحم بدلاً من الوقود.
ومنذ يوليو 2013، تشهد سيناء تفجيرات وعمليات إرهابية، كما تشهد عمليات عسكرية قوية من قبل الجيش واعتقالات وقتل من تسميهم السلطات بالتكفيريين، غير أن عمليات الجيش حتى اللحظة لم تحقق الاستقرار الذي وعدت به، حسب متابعين.

اقرأ أيضا:
عمال الفنادق في مصر يتقاضون نصف الأجور

وضع الاستثمارات في سيناء لا يتوقف فقط على تدني العوائد الاستثمارية، لكنه يمتد لتراجع الاستثمارات نفسها بشكل حاد. وحسب رئيس جمعية مستثمري نويبع وطابا بسيناء، سامي سليمان، فإنه يقدّر تراجع الاستثمارات بمنطقة سيناء خلال الأعوام الأخيرة بأكثر من 8 مليارات جنيه (1.04 دولار).

وقال سليمان، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن استثمارات سيناء كانت تقدّر بأكثر من 15 مليار جنيه، لكنها تراجعت الآن لنحو 7 مليارات جنيه. وأكد أن ربع سياحة مصر كانت تدخل عبر بوابة طابا السياحية حتى العام 2001، مؤكداً أن تنمية جنوب سيناء حال حدوثه سيجذب ما لا يقل عن 3 ملايين سائح سنوياً لمصر.
وشدد سليمان على أن الأحداث الإرهابية الأخيرة تؤثر بشكل كبير على الاستثمارات بهذه المنطقة، مشيراً إلى أن التفجيرات تحصل في منطقة شمال سيناء التي يتركز بها عدد من الاستثمارات كالمصانع والجامعات، أما جنوب سيناء فيعتمد على السياحة بأكثر من90%.
وأكد سليمان أن هذه المنطقة بحاجه لضخ استثمارات لا تقل عن 350 مليون جنيه (45.8 مليون دولار)، لتطوير ميناءي طابا ونويبع، وتنفيذ مشاريع للسياحة الترفيهية لكونها وجهة سياحية لعدد من الدول العربية وأبرزها السعودية والأردن.
وأكد سليمان أن القانون 14 الذي أقرته السلطات المصرية ويتعلق بسيناء، يحظر ضخ أي تمويل عربي أو أجنبي للمشروعات القائمة بسيناء بدواعي الأمن القومي، متسائلاً عن دور التمويل المصري والمصارف المصرية في تنمية سيناء رغم الحديث المتكرر عن ذلك، مشيرا إلى أن تنمية المنطقة توقفت منذ العام 2004 وسط غياب لدور وزارات الاستثمار والتخطيط والسياحة.
نائب رئيس جمعية شباب الأعمال، محمد الزيات، أكد أن للأحداث الأخيرة تأثيرات سلبية علي الاستثمار في سيناء، وهو ما أثار مخاوف المستثمرين بهذه المنطقة الحيوية وجمّد ضخ استثمارات كان من المقرر ضخها خاصة في قطاعي السياحة والصناعة.
وقدّر الزيات، في حديثه لـ"العربي الجديد"، ما يمكن أن تشكله استثمارات سيناء حال تنميتها بما يصل لثلث الاستثمارات بمصر، قائلاً إن هذه الاستثمارات كان من المتوقع أن تدر أكثر من 30% من الناتج القومي المصري على أقل تقدير، مؤكداً أن هذه الاستثمارات خارج نطاق التنمية حالياً.
وأكد الزيات أن المستثمرين لا يفكرون بالاستثمار بهذه المنطقة، رغم أهميتها بسبب الاضطرابات الأمنية المستمرة والقوانين الخاصة بالاستثمار فيها.

اقرأ أيضا:
تحذير دولي من الطيران فوق ليبيا والعراق وسيناء المصريّة

المساهمون