الشرطة المصرية تنافس الجيش في أسواق السلع

الشرطة المصرية تنافس الجيش في أسواق السلع

14 ديسمبر 2015
مخاوف من إهمال الشرطة دورها الأمني لصالح التجارة (Getty)
+ الخط -



دخلت وزارة الداخلية في مصر سباق المنافسة التجارية مع الجيش، عبر تدشين منافذ لبيع السلع الغذائية في المحافظات، ما اعتبره مراقبون تأسيساً لقوة اقتصادية جديدة تزاحم المدنيين.
 
واستنكر خبراء ورجال أعمال ما اعتبروه المنافسة غير الشريفة للدولة، ممثلة في الجيش والشرطة، في مقابل القطاع الخاص، محذرين من خطورة التوسّع في مجال التجارة والصناعة على حساب المهام الأمنية وتأمين الحدود المصرية.

وتقوم حالياً قوات الجيش والشرطة ببيع السلع للمواطنين بأسعار تقل عن السوق بنسب تقترب من 10%، رغم أنهم لا يتحملون أي من الأعباء المفروضة على القطاع الخاص، مثل الضرائب والعمالة وإيجارات منافذ البيع، تلك تكاليف يقول مراقبون إنها تعادل 50% من قيمة المُنتج.

وقال رئيس اتحاد الغرف التجارية السابق ورئيس الغرفة التجارية في بورسعيد، محمد المصري: "إن دخول الدولة (الجيش والشرطة) في كبح جماح الأسعار أمرٌ جيد، لكن شريطة أن يكون هذا التدخل لفترة مؤقتة، وفي حال استمرار هذا التدخل سينعكس سلباً في النهاية على مناخ الاستثمار في مصر، ويؤدي إلى خروج القطاع الخاص من هذا المجال نهائياً"، وتابع في تصريح لـ"العربي الجديد": "عندها ستقف الحكومة بمفردها ولن تستطيع تلبية احتياجات السوق، ومن جانب آخر يضر بالاستثمار الأجنبي، الذي يفضّل العمل في بيئة اقتصادية تقوم على التنافسية والشفافية".

وقال مصدر مسؤول باتحاد الصناعات المصرية، لـ"العربي الجديد"، رفض ذكر اسمه: "إن دخول الشرطة سباق تخفيضات الأسعار، يرجع إلى محاولاتها للحصول على ربح مثل القوات المسلحة من جهة، وتبييض وجهها قبل ذكرى ثورة 25 يناير من جهة أخرى".

وأضاف المصدر أن الجيش والشرطة يربحان أكثر من 50% من قيمة السلع التي يطرحانها بأسعار مخفضة، كونهما لا يخضعان لدفع ضرائب للدولة ولا يتحملان أجور عمالة أو إيجارات محال تجارية.

وأشار إلى أنه لو كانت الحكومة جادة في خفض الأسعار ولا تسعى إلى الربح، ما كانت وزارة التموين ترفع سعر اللحوم المستوردة من 36 جنيها إلى 50 جنيها، ولقامت بزيادة الدعم من 15 إلى 100 جنيه للفرد في السلع التموينية.

وقال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات السابق عبد الرحمن الجباس، في تصريحات سابقة، إن الجيش المصري توغل في الاقتصاد بعد ثورة يناير وأصبح منافساً غير شريف مع القطاع الخاص، الذي يتحمّل أعباء كثيرة جداً لا تتحملها المؤسسة العسكرية.

وأوضح أن الجيش لا يتكلّف أعباء عمالة ولا ضرائب ولا جمارك ولا طاقة، ويحصل تقريباً على مستلزمات الإنتاج والأيدي العاملة مجاناً، فضلاً عن أنه يحصل على معظم المشروعات بالأمر المباشر من دون الدخول في مناقصات أو مزايدات، وفي النهاية يبيع منتجاته بأسعار قريبة أسعار من القطاع الخاص الذي يتحمل كل تلك الأعباء.

اقرأ أيضاً: القطاع الخاص المصري يتخوّف من تمدّد الجيش اقتصادياً

وحذر الجباس من تراجع دور القطاع الخاص خلال المرحلة المقبلة، وحالة "التكويش" التي يمارسها الجيش، و"تحوّله إلى رجل أعمال شره يملك السلطة التنفيذية ويعطي لنفسه امتيازات كبيرة جداً وغير محدودة".

في المقابل، تسود حالة إحجام كبيرة وتخوّف لدى المستثمرين من عدم وضوح رؤية الدولة الاقتصادية ومهاجمة وسائل الإعلام لرجال الأعمال، الأمر الذي تسبب في توقف عدد كبير من المستثمرين عن الاستثمار أو ضخ أي استثمارات جديدة، كحالة نجيب ساويرس، وتحويل بعض رجال الأعمال لأموالهم خارج مصر نتيجة لضبابية المشهد من جانب، وتوسّع نفوذ الجيش من جانب آخر، وفق الجباس.

وقال أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، هشام إبراهيم، إن دخول الجيش والشرطة في مشكلة ارتفاع الأسعار أمر جيد، لكنه في الوقت نفسه حل مؤقت، مقترحاً توسع الحكومة في دعم الفلاحين وزيادة عدد المصانع والرقعة الزراعية لتوفير العرض وبالتالي القضاء على المشكلة بشكل جذري، ولكن دون تحوّل الجيش والشرطة إلى العمل المدني تدريجياً حتى لا تفقد الدولة هيبتها، وتبتعد عن دورها الاستراتيجي.

وحذر من أن زيادة الدور الاقتصادي للجيش يضر بالقطاع الخاص ويرهب المستثمرين الأجانب، فمشروعات الجيش الصناعية والتجارية والخدمية تعتبر منافساً قوياً للقطاع الخاص والمستثمر الأجنبي، نظراً لحصولها على مدخلات الإنتاج مجانًا وعدم دفعها ضرائب أو جمارك على وارداتها.

وكان وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار، قد افتتح، أول من أمس السبت، المرحلة الأولى من مشروع منافذ "أمان للمنتجات الغذائية"، لتوفير السلع الغذائية الأساسية للمواطنين بأسعار مخفضة.

ويبلغ عدد المنافذ المقامة حتى الآن 120 منفذًا في كل المحافظات. ووجّه وزير الداخلية خلال الافتتاح، بسرعة الانتهاء من إنشاء المنافذ المستهدفة بنهاية ديسمبر/ كانون الأول الجاري، والبالغ عددها 250 منفذًا.

وقال وزير الداخلية: "إن الفكرة جاءت بغرض محاربة الغلاء وارتفاع أسعار السلع الغذائية والحد من جشع التجار، بالإضافة إلى مد جسور الثقة بين الشعب ورجال الشرطة".

 


اقرأ أيضاً:
مصر تستغيث بصندوق النقد لإقراضها 6 مليارات دولار
مصر تسعى إلى جذب مزيد من الاستثمارات الخليجية

المساهمون