القطاع الخاص المصري يتخوّف من تمدّد الجيش اقتصادياً

القطاع الخاص المصري يتخوّف من تمدّد الجيش اقتصادياً

11 ديسمبر 2015
الجيش المصري يتوغل في الحياة الاقتصادية (الأناضول)
+ الخط -
قرار الرئاسة المصرية، الصادر الأسبوع الماضي، والذي أجاز للجيش إنشاء شركات بمشاركة رؤوس أموال محلية وأجنبية، أثار مخاوف من تعرّض القطاع الخاص للخسائر في ظل مواصلة المؤسسة العسكرية توسيع نفوذها الاقتصادي، والحصول على امتيازات كبيرة.

حذّر رجال أعمال مصريون من مخاطر توسيع الجيش لنفوذه الاقتصادي على حساب القطاع الخاص المتأزم. وتأتي التحذيرات على خلفية قرار رئاسي صدر الأسبوع الماضي يسمح للجيش بإنشاء مشاريع بالمشاركة مع مستثمرين محليين أو أجانب.


وأكد القرار الجديد أن جهاز القوات المسلحة يتولى تجهيز مدن ومناطق عسكرية بديلة للمناطق التي يتم إخلاؤها، والقيام بجميع الخدمات والأنشطة التي من شأنها تنمية موارد الجهاز، وله تأسيس الشركات بكافة صورها، سواء بمفرده أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي.

وقال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية السابق عبد الرحمن الجباس، لـ"العربي الجديد"، إن الجيش توغل في القطاع الاقتصادي بعد ثورة يناير عام 2011 وأصبحت المنافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص، الذي يتحمّل أعباءً كثيرة لا تتحمّلها المؤسسة العسكرية.

اقرأ أيضاً: السيسي يمكَن الجيش من إقامة شركات عقارية مع أجانب

وأوضح أن الجيش لا يتكلّف أعباء عمالة وضرائب وجمارك وطاقة، ويحصل على معظم مستلزمات الإنتاج والأيدي العاملة مجانا، فضلاً عن أنه يحصل على معظم المشروعات بالأمر المباشر دون الدخول في مناقصات أو مزايدات.

وأشار الجباس إلى أن القرار الأخير يساهم في تعظيم قدرة الجيش الاقتصادية، حيث سيتيح له الشراكة مع شركاء مصريين وأجانب، ما يوسّع ويزيد من نفوذ المؤسسة العسكرية.

وحذر من تراجع دور القطاع الخاص خلال المرحلة المقبلة، مع تمدد الجيش اقتصادياً، حيث تحوّل إلى القيام بدور رجال الأعمال في الوقت الذي يملك فيه سلطة تنفيذية ويعطي لنفسه امتيازات كبيرة.

وقال إن هذا الأمر تسبب في إحجام بعض المستثمرين، عن ضخ أي استثمارات محلية جديدة، بل وقام بعض رجال الأعمال بإيداع أموالهم خارج مصر نتيجة لضبابية المشهد وتوسّع نفوذ الجيش.

اقرأ أيضاً: الفساد في مصر يستنزف 5 مليارات دولار سنويّاً

وطالب الجباس الجيش بضرورة الاهتمام بأمن مصر، خاصة المناطق الحدودية وسيناء، وترك التنمية والاقتصاد للقطاع الخاص وقطاع الأعمال الحكومي. ولجأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الجيش في العديد من القضايا الاقتصادية.

وقال رئيس لجنة الضرائب بمجلس إدارة اتحاد الصناعات محمد البهي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك تخوفات كبيرة لدى القطاع الخاص من السياسات التي تقوم بها الدولة الآن وتفضيل الجيش في كافة المشروعات الاقتصادية. وأوضح أن الاجتماع الأخير مع السيسي، نقل تخوفات رجال الأعمال من الحملة الإعلامية ضدهم.


وأكد البهي أن الاجتماع تضمن عددا من الرسائل من الحكومة والرئيس إلى المستثمرين، أهمها أنه لا تأميم ولا مصادرة، ولا فرض حراسة على أموال المستثمرين، أما الرسالة الثانية فهي التعامل بالقانون، والتبرع الاختياري لصندوق تحيا مصر.

وأشار إلى أن لهجة الرئيس تغيّرت وتحوّلت جملة "حتدفعوا يعني حتدفعوا"، إلى "لن تؤخذ منكم أي أموال خارج إطار القانون ولا مجال لتأميم ممتلكات أو شركات".

ولم تكتفِ الحكومة بمصادرة أموال رجال الأعمال المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، وامتدت لتهدد رجال أعمال موالين للنظام الحالي وكان آخرهم صلاح دياب.

وحول الصلاحيات الأخرى التي يتيحها القرار ومدى تأثير ذلك سلباً على القطاع الخاص، قال البهي إن قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، أجاز لأي جهة في مصر تأسيس الشركات برأس مال مصري بالكامل أو بالمشاركة مع رأس مال عربي أو أجنبي، طالما أن الشركة مستوفية لكافة الشروط التي وضعها القانون، وبناءً عليه يحق للجيش إنشاء شركات لتنمية موارده بمشاركة رأس مال أجنبي.

اقرأ أيضاً: انعدام الشفافية يستنزف موارد المنطقة العربية

وأضاف أن الاستثناء الوحيد لإنشاء شركة بمشاركة رأس مال أجنبي هو نص قانوني، كقانون الوكالات التجارية الذي يشترط أن يكون رأس المال مملوكا بالكامل لشركاء مصريين مع مراعاة مرور 10 سنوات على الأقل في حالة اكتساب الجنسية المصرية بطريق التجنس.

وأوضح أنه يحق للبرلمان إلغاء التعديل الذي تم إجراؤه للقانون وفقا للمادة 156 من الدستور، والتي تنص على أن تُعرض جميع المراسيم بالقانون والقرارات الجمهورية بقوانين الصادرة قبل انعقاد البرلمان على مجلس النواب خلال 15 يوما من تشكيله لمناقشتها، على أن يقرّها، أو يعدّلها، أو يقوم بإلغائها، مع الإبقاء على أثرها الرجعي، وهو ما قد يمنح البرلمان فرصة لإلغاء هذا التعديل إذا ثبت ضرره على الاقتصاد.


وحسب قانون الشركات، توجد 5 أنواع من الشركات التي يتم تأسيسها، هي المساهمة، وذات المسؤولية المحدودة، والتوصية بالأسهم، والتضامن، والتوصية البسيطة.

اقرأ أيضاً: مصر تقترض لسداد وديعة قطر

وقال الخبير الاقتصادي محمد النجار، لـ"العربي الجديد"، إن هذا القرار يحوّل الجيش من الدفاع عن الحدود وحمايتها إلى رجل أعمال، وله خطورة علي دوره الوطني والأمني. وأوضح أن نفوذ الجيش الاقتصادي توسع بشكل كبير وملفت للنظر بعد ثورة يناير، وأدى تدخله الكبير في الاقتصاد إلى تخوّف مجتمع الأعمال المصري. وأشار إلى أن دور الجيش هو الدفاع عن الوطن، وعليه أن يلعب دوره العسكري المناط به كما يجب، وأن يحافظ على عقيدته الوطنية تجاه شعبه.

ولا توجد إحصائية محدّدة حول حجم اقتصاد الجيش، إلا أن صحيفة واشنطن بوست الأميركية، أكدت في تقرير سابق أن الجيشَ يسيطر على نحو 60% من اقتصاد مصر، في حين يرى آخرون أن النسبة تقل عن ذلك بكثير.

وحذر النجار من خطورة مشاركة الجيش في إنشاء شركات مع رؤوس أموال أجنبية، لأن جهاز القوات المسلحة جهاز حساس وخطير ولا يجب أن يتعامل مع الأجانب في هذه الأمور، وأن يقتصر ذلك على رجاله، لأن في ذلك خطورة على الأمن القومي، مؤكدا أن التعامل مع الأجانب في إنشاء مثل هذه الشركات محفوف بالمخاطر.

وأوضح أن توسع اهتمامات الجيش في جميع الأعمال المدنية يُفقده صفته الأصيلة التي يتمتع بها، خاصة أن المهام والمشاريع المسندة إليه ضخمة وكبيرة، وتفوق إمكانيات الشركات الكبرى.

وأشار النجار إلى أن مجالات الجيش تشمل كل شيء، بدءاً من تربية الأبقار، ومزارع الخضروات والفاكهة والبيض، ومصانع المعكرونة والمعلبات، والمزارع السمكية، وبناء الطرق والجسور والوحدات السكنية والاستثمار العقاري والصناعات الإلكترونية، والنوادي والمستشفيات والمنتجعات.

وأوضح النجار أن تنامي القوة الاقتصادية للجيش جاء على حساب الشركات الخاصة التي تعاني من مشاكل وتحديات عديدة، ومنها ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه وتراجع القوة الشرائية. وارتفع سعر الدولار العام الجاري من 7.15 جنيهات إلى نحو 7.83 جنيات في السوق الرسمية، في حين يبلغ أكثر من 8.5 جنيهات في السوق السوداء.

اقرأ أيضاً: التضخم في مصر يقفز إلى 11.1% خلال نوفمبر

المساهمون