البطالة في الكاميرون تدفع الرجال إلى مهن النساء

البطالة في الكاميرون تدفع الرجال إلى مهن النساء

08 أكتوبر 2015
نسبة البطالة في الكاميرون 13% (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -


ملقط صغير في يد، وبصيلات من الرموش الاصطناعية يمسكها بعناية في اليد الأخرى، بينما ينحني في حركة رشيقة ليتفحّص عين عميلة قبل أن يشرع في وضع الرموش جنباً إلى جنب بطريقة لا تحتمل الخطأ، ذاك هو مارلان نانا، الشاب الكاميروني الذي اختار أو بالأحرى اضطرّ، مثل كثيرين غيره من الرجال في بلاده، إلى التوجّه نحو مهنة تجميل السيدات، في خطوة تبدو جريئة بالنسبة لمجتمع لم يعتد أن يرى رجالاً يمتهنون هكذا حرفة، بحسب وكالة "الأناضول".

البداية كانت بدافع الضرورة فقط لا غير، يقول مارلان، غير أنّ: "الاستمرار كان نابعاً من النجاح في القيام بهذا العمل، فلقد بدأته منذ 3 أعوام مضطرّاً لأني كنت أعاني من البطالة وفي حاجة إلى المال لمواجهة متطلّبات الحياة".

3 سنوات كانت كافية بالنسبة لهذا الشاب ليصبح رجل تجميل، متحدّياً بذلك تقاليد وأحكام المجتمع التي تلفظ عادة الرجال الممارسين مهناً تخص النساء.

وفي شوارع وأسواق العاصمة ياوندي، تمتدّ صفوف لا تنتهي من الأرائك، يجلس عليها مختصّو التجميل، لم يكونوا في حاجة إلى محلات وأداءات تثقل كاهلهم وتأتي على أرباحهم، ولذلك يجلسون على أرائكهم جنباً إلى جنب، أمام معدّاتهم، في انتظار قدوم الفتيات والنساء.

ومع أنّ من يراهم يجزم أن المنافسة بينهم على أشدّها، إلاّ أنّ لكلّ واحد منهم، في واقع الأمر، زبائنه، وما يفرّق أحدهم عن الآخر، هو قدرته على الاستقطاب عبر الحديث، والأهم من كلّ ذلك هو الانعكاس الذي تظهره المرآة للسيّدات إثر خضوعهن لوضع الرموش الاصطناعية أو طلاء أظافرهن، والعناية ببشرتهن، أو رسم وشم على أياديهن.

مارلان، البالغ من العمر 25 عاماً، قال إنه: "تابع دراسته إلى غاية المرحلة الثانوية في اختصاص الكهرباء، قبل أن ينقطع عن الدروس، فكان عليه أن يبقى في المنزل دون عمل سنوات عدة قبل أن يقرر، فجأة، أنه سيضطلع بمهمة تجميل النساء"، ويضيف: "لِمَ لا؟ إنها مهنة تستحق العناء فهي تحقّق إيرادات".

اليوم، استقر مارلان في عمله، غير أنّ البدايات كانت مضطربة، إذ كان عليه، قبل كلّ شيء، إقناع عائلته بممارسة نشاط يعتبر عاراً على الرجال: "في البداية، لم تتقبّل عائلتي الأمر.. وتشبّثت أختي الكبرى بمبدأ أنّ مثل هذا النشاط لا تمارسه إلاّ النساء، وأنّه لا يليق بالرجال في مجتمعنا ويجعل النظرة إليهم دونية".

وأمام إصراره، اضطرّت عائلته المتكوّنة من 8 أفراد تقبّل الأمر، خصوصاً وأنّ إيرادات هذا النشاط تمكّنه من تلبية متطلّبات الحياة، يقول: "أجني يومياً ما لا يقلّ عن 4 دولارات على الأقلّ، ويحدث في بعض الأحيان أن تبلغ إيراداتي الـ20 دولاراً، واليوم، أصبحت أنا من يتكفّل بحلّ جميع المشاكل في المنزل، وأساهم في شراء الطعام ودفع مستحقّات تعليم شقيقيْ"، يقول بفخر واضح.

أوسكار ميندومو، شاب آخر يعمل مع تينتشو، يعترف بدوره أن أسرته ليست على علم بالعمل الذي يقوم به تحديداً، ويروي عن ذلك: "أنا أدرك رأيهم في هذا النوع من الأنشطة، وهو الرأي الغالب على الجميع تقريباً، أي رفض إنجاز الرجال ما يعتبرونه عملاً مخصصاً للنساء".

وفي بلد تقارب فيه نسبة البطالة 13%، بحسب أحدث بيانات المعهد الوطني للإحصاء في الكاميرون (حكومي)، فإنّ ممارسة مهنة رجل تجميل تعتبر فرصة للطلبة والعاطلين عن العمل عموماً.

 
اقرأ أيضاً: أسواق الكاميرون تقوم على النساء

دلالات

المساهمون