عمّال مصر لا يرون بصيص أمل في انتخابات البرلمان

عمّال مصر لا يرون بصيص أمل في انتخابات البرلمان

14 أكتوبر 2015
مصاعب اقتصادية متنامية على العمال في مصر (أرشيف/Getty)
+ الخط -


في مدينة المحلة الكبرى في دلتا النيل حيث توجد كبرى مصانع النسيج في مصر، لا يرى العمال بصيص أمل أن تضع الانتخابات البرلمانية حداً لتدهور حالهم أو حتى أن تأتي بنواب يعملون على النهوض بصناعتهم التي تخلفت لعقود.

وفي المدينة، التي يغلب عليها الطابع العمالي، أدت المصاعب الاقتصادية المتنامية على مدى سنوات إلى إضرابات عمالية يرى البعض أنها كانت الإرهاصات الأولى لاحتجاجات أوسع أسقطت الرئيس المخلوع حسني مبارك في 2011.

وتأسست شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى عام 1927 وظلت لعقود قلعة للصناعة المصرية إلى أن تدهورت أوضاعها في آخر عقدين ومنيت بخسائر فادحة.

وبلغ عدد عمال الشركة في عصرها الذهبي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي نحو 40 ألف عامل وتراجع العدد ليصل إلى قرابة النصف في السنوات الأخيرة.

وبعدما يربو على أربع سنوات من سقوط مبارك، وفي أعقاب الانقلاب العسكري، الذي أطاح بالدكتور محمد مرسي، أول رئيس منتخب في مصر، تبدلت الأحوال كثيراً فخفت حماس العمال وحل محله شعور بالإحباط والخوف على المستقبل.

وخلت تقريباً شوارع مدينة المحلة التابعة لمحافظة الغربية من أي مظاهر للدعاية الانتخابية مع اقتراب انتخابات مجلس النواب التي تجرى بالمحافظة في 22 نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

ويجرى التصويت في الغربية على مدى يومين ضمن المرحلة الثانية من الانتخابات بينما ستجرى المرحلة الأولى في محافظات أخرى يومي 18 و19 أكتوبر/تشرين الأول.

وفي منزله البسيط بأحد الأحياء الشعبية القريبة من المصنع، يقول كمال الفيومي (50 عاماً)، وهو ناشط عمالي تعرض للفصل التعسفي قبل أشهر بتهمة التحريض على الإضراب: "بعد أن كانت شركة المحلة إحدى قلاع الصناعة وكانت الشركة رقم واحد في مصر والشرق الأوسط أصبحت الآن محملة ومكبلة بالتخسير وليس الخسائر.. تخسير لأن ذلك يحدث بفعل فاعل".

واعتقل الفيومي في أعقاب إضراب 2008 ثم أفرج عنه وعاد إلى العمل، وهو يرى أن العامل يتعرض لضغوط شديدة وظروف عمل صعبة في إطار مخطط كبير لسياسات الخصخصة يهدف أن يؤدي إلى الموت المبكر لشركات القطاع العام من أجل بيعها.

ومنذ تولى عبد الفتاح السيسي، رئاسة مصر في يونيو/حزيران 2014، يقول كثيرون إنه أعاد مصر إلى الحكم الاستبدادي ولم يفعل ما يكفي لتعزيز اقتصادها المنهك.

اقرأ أيضاً: مصر تقترض لتعويض الاحتياطي.. والجنيه مهدد

وقال الفيومي: "إذا كانت الحكومة والرئيس السيسي يقولون إنهم يحاربون الإرهاب وإرهاب الدم.. فنحن نقول إن هناك إرهاباً أخطر من إرهاب الدم وهو إرهاب الفساد.. إرهاب الفساد يحدث عندما يخرج كل العمال كحالات معاش مبكر وعندما تدفع الشباب لركوب مراكب الموت لأنه لا يجد فرصة عمل في مصر".

من جهته يقول كامل سعيد (45 عاماً)، الذي يعمل بمصنع المحلة منذ 15 عاماً: "هناك سوء إدارة وسوء تسويق ونريد من البرلمان القادم أن يضع رقابة على كل شيء في المصنع".

وأضاف: "عادة يأتي المرشحون قبل الانتخابات ويقدمون وعوداً وردية لكن بمجرد انتهاء المولد (الانتخابات) يذهب الجميع ولا نرى أحداً ولا يتحقق أي شيء".

وكانت مدينة المحلة، التي توجد فيها مئات المصانع الخاصة العاملة في صناعة الغزل والنسيج، قد شهدت إضرابات في عامي 2006 و2008 للمطالبة بصرف علاوات واحتجاجاً على ارتفاع الأسعار.

وشهدت المدينة في أبريل/نيسان 2008 اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين قتل فيها ثلاثة على الأقل من المدنيين وأصيب المئات واعتقل كثيرون.

وأعلن رئيس قطاع الموازنة العامة بوزارة المالية، محمد عبد الفتاح، أمس الثلاثاء، أن الوزارة خصصت 1.5 مليار جنيه (191 مليون دولار) لتغطية نفقات انتخابات البرلمان، إلى جانب انتخابات المجالس المحلية التي ستجرى خلال العام المالي الحالي، على مستوى 27 محافظة، وذلك رغم الأزمة المالية التي تواجهها القاهرة.

ونقلت وكالة "رويترز"، عن رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج، عبد الفتاح إبراهيم، أن: "الحكومة تعمل من منطلق إحساسها بالمسؤولية وتتكفل بسداد فرق الأجور لعمال قطاع الأعمال العام وحتى الآن لم يتأثر العمال في هذا القطاع.. هناك لجنة لإصلاح صناعة الغزل والنسيج ونحن بصدد الاتفاق على منظومة الإصلاح".

وأضاف أن: "هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق البرلمان القادم تتمثل في سن التشريعات لكن الثقافة المتدنية مازالت تنظر إلى عضو البرلمان على أنه نائب خدمات".

وقال إبراهيم في تصريحات صحافية منفصلة، إن: "قرابة 50% من مصانع الغزل والنسيج توقفت عن العمل نهائياً، بينما النصف الآخر يعاني من مشاكل عديدة"، مؤكداً أن لجنة القطن التى شكلها رئيس الوزراء الأسبق، إبراهيم محلب، لإنقاذ الصناعات القائمة على الغزل والنسيج، توقف عملها بعد خروجه من رئاسة الوزراء.

وأضاف: "قرابة 150 ألف عامل مشردون بسبب توقف حوالى 2400 مصنع متعثر كانوا يعملون بها، وهي نصف ما تملكه مصر من مصانع لصناعة الغزل والنسيج والملابس التي يبلغ عددها 4000 مصنع".


اقرأ أيضاً: مصر تخصص 1.5 مليار جنيه للانتخابات رغم العجز

المساهمون