وزير السياحة اللبناني لـ "الجديد": خسرنا مليون سائح

وزير السياحة اللبناني لـ "الجديد": خسرنا مليون سائح

07 فبراير 2014
+ الخط -

 

بلغ حجم الخسائر السياحية في لبنان أكثر من 6 مليارات دولار، تتوزع مناصفة بين انخفاض الإنفاق السياحي نتيجة تراجع عدد السياح وهروب الإستثمارات السياحية أو إفلاسها. ويؤكد وزير السياحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال فادي عبود في مقابلة مع "الجديد" أن عدد السياح انخفض مقارنة بين عامي 2010 و2013 بحوالي مليون سائح. وفي حين يعتبر الوزير اللبناني أن التفجيرات الإنتحارية هي أكثر الظواهر تأثيراً على القطاع، يقول أن استمرار الوضع على ما هو عليه من توتر سيوصل السياحة في لبنان إلى حال مأسوي لا يمكن للقطاعات تحمله.

إلى نص المقابلة التي أجرتها "الجديد" مع وزير السياحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال فادي عبود:

ما هو عدد السياح الوافدين الى لبنان حالياً، وكم انخفض العدد منذ العام 2005 حتى اليوم؟

وصل عدد الوافدين إلى لبنان في العام 2013 إلى مليون و274 ألف سائح. وكان قد جاء إلى لبنان في العام 2012 حوالي مليون و365 ألف سائح. أي بتراجع حجمه 91 ألف سائح، بينهم 56 ألف سائح عربي، حيث تراجع عدد السياح العرب بين عامي 2012 و2013 من 458 ألف سائح إلى 402 ألف سائح. أما في المقارنة مع العام 2010، فقد كان عدد السياح حينها 2 مليون و270 ألف سائح. ما يعني أن انخفاض عدد السياح في مقارنة بين عامي 2013 و2010 وصل إلى 996 ألف سائح. أما في العام 2005 فقد كان عدد السياح حوالي مليون و300 ألف سائح. من هنا يمكن ملاحظة أن العام 2010 كان عام السياحة في لبنان، بسبب الوضع الأمني الذي كان يشهد استقراراً وأمناً.

هل توجد بلدان قاطعت لبنان سياحياً بصورة نهائية أو شهدت انخفاضات كبيرة في عديد سياحها إلى لبنان؟

شهد عدد السياح العرب انخفاضاَ كبيراً، فقد وصل في العام 2010 إلى 620 ألف سائح عربي، في حين لم يتعد الرقم في العام الماضي الـ 402 ألف سائح. وأبرز الجنسيات التي تقلص عدد سياحها في لبنان هي الجنسية السعودية (من 133 ألف سائح في العام 2010 إلى حوالي 41 ألف سائح في 2013). أما الإنخفاض الأكبر فكان في عدد السياح الأردنيين. إذ أن الأزمة السورية أدت إلى إغلاق الممر البري الذي كان يسلكه السياح الأردنيون. وبدلاً من مجيء عائلة أردنية كاملة بسيارتها وبكلفة 50 دولاراً فقط عبر البر، ارتفعت كلفة مجيئها إلى أكثر من 300 دولار على الشخص الواحد جواً فانخفض عدد السياح الأردنيين من 180 ألف سائح في العام 2010 إلى 78 ألف سائح في العام 2013. وهذا الواقع ينطبق كذلك على السياح من مصر.  في المقابل ارتفع عدد السياح العراقيين الى 142 ألف سائح في العام 2013 في مقابل 82 ألف سائح في العام 2010. ما أسهم في عدم وصول عدد السياح خلال العام 2013 إلى رقم مخز.

ما هي أبرز العوامل التي تؤثر سلباً في القطاع السياحي، وكيف ساهمت التفجيرات في إضعاف القطاع؟

التفجيرات ثم التفجيرات، هي أبرز ما يؤدي إلى انهيار القطاع السياحي في لبنان. فقد كان لبنان وسياحه متعايشون مع الأزمات الأمنية الأخرى التي كانت تضرب لبنان ومنها التفجيرات التي امتدت من العام 2005 حتى العام الماضي. وكذلك لا يوجد أي أثر لعدم تشكيل الحكومة على امتناع السياح عن المجيء إلى لبنان. والتصريحات التي تربط عملية تشكيل الحكومة بالقطاع السياحي سياسية بامتياز. فالحكومة لن تعيد الخليجيين إلى بلدنا، ولن تفتح الممر السياحي البري عبر سوريا، ولن توقف التفجيرات كون هذا الأمر منوط بالأجهزة الأمنية التي تعمل في ظل وجود حكومة من عدمه.

ولكن حين بدأت التفجيرات الإنتحارية انقلبت حياة القطاع السياحي رأساً على عقب. إذ في السابق كانت التفجيرات متباعدة ويوجد مناطق محيّدة عن الأعمال الأمنية هذه. في حين أن التفجيرات الإنتحارية تضرب كل المناطق وتثير الكثير من الزعر في قلوب القاطنين والقادمين إلى لبنان.   

كم بلغ حجم الخسائر المادية الإجمالية نتيجة تراجع عدد السياح؟

خسر لبنان خلال 3 سنوات حوالي 3 مليارات دولار نتيجة عدم مجيء السياح إليه. ففي العام 2010 دخل إلى لبنان 8 مليارات دولار كإنفاق سياحي، ومن ضمنه المبيعات العقارية للأجانب والعرب. أما في العام 2013 فالقيمة التقديرية للدخل المتأتي من السياحة لا يتجاوز الـ 5 مليارات دولار. اضافة الى ذلك تراجعت مساهمة القطاع السياحي من الناتج المحلي الإجمالي من 22 في المئة في العام 2010 إلى 14 في المئة في العام 2013. وأحد مؤشرات استفحال الأزمة، أنه خلال العام 2013 أقيم خارج لبنان حوالي 20 حفل زواج للبنانيين أثرياء، كلفة الحفل الواحد تتعدى المليون دولار.

 

ما هو حجم الاستثمارات اللبنانية التي أفلست نتيجة التفجيرات؟

حجم المؤسسات المحلية التي تأثرت بالأزمة الأمنية كبير. في العام 2013 اقفلت حوالى 80 مؤسسة سياحية، معظمها من المطاعم بالإضافة إلى عدد من الفنادق. ولكن في المقابل قامت وزارة السياحة بالترخيص لحوالي 500 مؤسسة سياحية جديدة وهي بمعظمها مطاعم. وبالتالي وبرغم كل المشكلات، لا تزال السوق اللبنانية تعيش على أمل تغيير الواقع السيء.

ماذا عن الاستثمارات الأجنبية والعربية التي غادرت لبنان أو تراجعت عن اقامة المشاريع فيه؟

حجم الإستثمارات الأجنبية والعربية التي غادرت لبنان أو كانت تنوي اقامة المشاريع فيه ومن ثم تراجعت عنها، يتعدى الـ 3 مليارات دولار خلال الأعوام الثلاث الماضية. فقد توقف عدد من المشاريع الإستثمارية وهي بمعظمها خليجية، وتتركز هذه المشاريع في القطاع الفندقي. اضافة الى مشاريع تزلج على الثلج (قيمة أحد المشاريع 450 مليون دولار). هذا بالإضافة إلى مشاريع تتعلق بالسياحة الصحية. أما الإستثمارات التي كان من المفترض أن تقام في لبنان ومن ثم تم التراجع عنها، فهي  تتوزع بين المراكز التجارية (مولات) والفنادق والمطاعم خصوصاً الأجنبية.

 ألم تساهم تصريحاتك ضد الدول التي تحذر رعاياها من المجيء الى لبنان في خفض عدد السياح؟

هذا الكلام هو خداع سياسي تم تسويقه في لبنان لاستهدافي. فقد زرت كل بلدان الخليج العربي، باستثناء عدد قليل منها لم تعمل الجهات المعنية فيها على تحديد موعد للقاء. وبالتالي لا يوجد أي علاقة متوترة بيني وبين هذه الدول. وأنا لم انتقد التحذيرات، وإنما انتقدت تكرارها بشكل شبه يومي. حينها أعلنت أن تواتر التحذيرات وفق هذه الوتيرة المتسارعة ربما ناتج عن تضارب في المصالح السياحية. وكلامي كان عاماً، إلا أن بعض الأطراف السياسية قاموا باستغلال هذا التصريح. لكنني اعلم أن المسؤولين الخليجيين يمتلكون الوعي الكافي لمعرفة خلفيات الحملة التي أقيمت ضدي.

ولكن ألا يحق للدول العربية والأجنبية تحذير رعاياها من المخاطر الأمنية في لبنان؟

طبعاً يحق لها تحذير رعاياها، ولكن يوجد دول قامت بمنع رعاياها من المجيء إلى لبنان لا فقط تحذيرهم. وقد تلقى عدد من السياح اتصالات من سفاراتهم تطلب منهم مغادرة لبنان برغم أن الوضع الأمني كان عادياً. ومن هنا بعض هذه التصريحات تعدت النصيحة العادية نحو الفرض والإلزام بعدم المجيء إلى لبنان. لا بل أكثر من ذلك، سألت في حينها لماذا هذه الدول لا تحذر رعاياها بالطريقة ذاتها من السفر إلى بلدان أخرى تشهد اضطرابات؟ لم نسمع بهذا النوع من التحذيرات اليومية إلا فيما يتعلق بلبنان. في حين أن الولايات المتحدة الأميركية تحذر رعاياها منذ سنوات من المجيء الى لبنان، وأعتقد أن تحذيراتها المتعلقة بالامتناع عن الذهاب الى المراكز التجارية الكبرى ناتجة من تقارير أمنية، لا أعرف مدى صحة هذه التقارير ولكنها أثارت الذعر في لبنان.

ألا تعتقد أن لبنان يعاني خللاً في بنيته الإستثمارية، إن كان من ناحية البيئة الاستثمارية أو من ناحية القوانين؟

حتما يوجد خلل. لبنان يعاني من اكبر شبكة عنكبوتية احتكارية في العالم. ورائحة الاحتكار موجودة في كل نشاط اقتصاي في البلد. وعدم الشفافية أصبحت تطبع أعمالنا. وموقع لبنان بين الدول التي تعاني الفساد اصبح متقدماً جداً، ما ينفر المستثمر في القطاع السياحي وغيره من القطاعات.

من جهة أخرى، نحن أغلى بلد في المنطقة باسعار بطاقات السفر عبر الجو، وذلك نتيجة احتكار الأجواء اللبنانية من قبل شركة طيران الشرق الأوسط. فقد أجرينا دراسة في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2013، وقمنا بمقارنة أسعار رحلة السفر الجوي من باريس الى لبنان وعمان ومصر عبر شركة الطيران الفرنسي. تبين أن سعر الرحلة الجوية من باريس الى بيروت ومن ثم باريس وصل إلى 1550 دولاراً. أما الرحلة إلى عمان ومنها فبلغت كلفتها 635 دولاراً. في المقابل تنخفض كلفة تذاكر السفر من باريس الى القاهرة ومن ثم باريس إلى 435 دولاراً. أما المبكي، فهو أن سعر بطاقات السفر إلى لبنان ارتفعت في العام 2013 عن العام 2010، برغم انخفاض عدد السياح بشكل كبير. 

كيف لبلد يعيش بالقرب من اسرائيل وسوريا وفي ظل صراع مذهبي متواصل أن يركز اقتصاده على السياحة؟ ألا يعتبر ذلك مشكلة في الرؤية الاقتصادية العامة؟

هذه النظرية التي كانت قائمة في السبعينات والثمانينات، والتي كانت تقوم على تصنيف البلدان على انها سياحية او صناعية او خدماتية، انتهى مفعولها. لا يوجد اي بلد يمكن أن ينجح إقتصادياً إلا إذا اهتم بكل قطاعاته. والإكتفاء بتحويل لبنان إلى بلد سياحي فقط لا يودي سوى إلى الخسائر. وبالتالي الاقتصاد الناجح هو الذي ينوع في قطاعاته الناجحة.  فكيف إذا كان هذا الإقتصاد معرض دائماّ لهزات أمنية.

هل أخذت بعض الدول العربية مكان لبنان سياحياً؟

نعم، دبي علّمت كل الدول العربية درساً في إدارة القطاع السياحي بشكل ملفت ومتخصص.

 

 ما مصير القطاع السياحي فى حال بقاء الأوضاع الأمنية والسياسية على ما هي عليه؟

سيكون الوضع مأسوياً وأكثر كارثية من الوضع القائم حالياً. قطاعاتنا لم تعد تتحمل المزيد من المشكلات. كما أن السياحة تشغل عدداً كبيراً من القطاعات الإقتصادية الأخرى. بالتالي استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤثر سلباً على كل الإقتصاد.

 

 

 

 

 

المساهمون