مصر: الحكومة ترفض تعيين المعلمين على بنود الموازنة

مصر: الحكومة ترفض تعيين المعلمين على بنود الموازنة

29 مارس 2024
نقص حاد في الكوادر التعليمية (محمد حسام/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحكومة المصرية ترفض تعيين 30 ألف مدرس جديد لعام 2024-2025 استجابةً لالتزامات مع صندوق النقد الدولي لخفض العمالة الحكومية، رغم تقدم 300 ألف خريج والحاجة لسد عجز يقدر بـ220 ألف معلم.
- وزارة التربية والتعليم تخطط لتعيين المقبولين على دفعات من خلال الصناديق الخاصة، في محاولة للحفاظ على العجز الكلي للموازنة عند 6%، مع زيادة مخصصات التعليم والصحة بنسبة 30%.
- خبراء ينتقدون سياسة خفض العمالة الحكومية، مشيرين إلى أن المشكلة تكمن في ضعف الكفاءة وسوء توزيع الموارد البشرية، ويحذرون من تفاقم مشكلة عجز المعلمين مع تقدم غالبية العاملين في السن.

 

رفضت الحكومة المصرية إدراج تعيين 30 ألف مدرس على درجات وظيفية مموَّلة من حسابات هيئات وزارة التربية والتعليم، بموازنة عام 2024-2025، وإسناد مهمة التوظيف على حسابات الصناديق الخاصة التابعة لوزارتي التعليم والتنمية المحلية بالمحافظات.
ترفض الحكومة إضافة أية أعباء مالية على الموازنة جراء التعيين بالقطاعين الحكومي والعام، التزاماً باتفاق مسبق مع صندوق النقد الدولي منذ عام 2016 يقضي باستمرار الحكومة نحو التوجه إلى خفض عدد العاملين بالحكومة والقطاع العام سنوياً، بتشجيع الخروج على المعاش المبكر وعدم تعويض العمالة التي تُحال على التقاعد.

أوضح توجه الحكومة تراجعاً عن التزام مسبق بتعيين المدرسين الجدد، بعد تقدم أكثر من 300 ألف خريج للحصول على الوظيفة، شهدت تصفية المتقدمين، عبر امتحانات ودورات تدريبية استغرقت عامين.

تدفع وزارة التربية والتعليم إلى تعيين المقبولين على دفعات متقطعة على حسابات الصناديق الخاصة، لسداد العجز الهائل بالمدرسين، الذي يفوق 220 ألف معلم، وفقاً لتقديرات الخبراء، تنخفض إلى 150 ألفاً لدى أجهزة الوزارة.

تبرر الحكومة توجهها بعدم رغبتها في زيادة العجز بالموازنة، وطموحها إلى ألّا يزيد العجز الكلي على 6% في العام المالي الذي يبدأ في يوليو/ تموز المقبل، مبررة بوجود زيادة 30% في مخصصات التعليم والصحة من بين الارتفاعات التي وفرتها للأجور بقيمة إجمالية تقدر بــ 575 مليار جنيه (الدولار = نحو 47 جنيهاً)، عدا التزامها رفعَ مخصصات الدعم للسلع التموينية إلى 144 ملياراً والمواد البترولية إلى 154 ملياراً و40 مليار جنيه لدعم الأسر شديدة الفقر، عبر برنامج تكافل وكرامة.
يشير خبراء مشروع "حلول" للسياسات البديلة التابع للجامعة الأميركية بالقاهرة، إلى أن لجوء الحكومة إلى خفض عدد العاملين بالدولة، بزعم زيادة الأجور، يُعَدّ "تسطيحاً لواقع مصريّ لا يعاني من تضخم الجهاز الحكومي بقدر ما يعاني من ضعف الكفاءة وسوء توزيع الموارد البشرية داخل القطاعات المختلفة بالدولة".
أوضح خبراء المشروع خلال مناقشاتهم سبل الاستفادة من العمالة الحكومية بالجهاز الإداري بالدولة، أنّ البرنامج الاقتصادي الذي اتفقت عليه الحكومة مع صندوق النقد، لتقليص حجم العمالة التي قاربت 5 ملايين موظف، قد خطت خطوات واسعة لتلبية هذا المطلب عام 2016، حينما حصلت على قرض الصندوق، حيث استطاعت خفض العمالة بالجهاز الإداري بالدولة، بنسبة 13%.
أشار تقرير الخبراء إلى أن الدفع بحجة أن تقليص العمالة الحكومية شرط لتبنّي اقتصاد السوق وإصلاح الاختلالات المالية للدولة أمر غير سليم، مبيناً أنه بالنظر إلى مؤشرات سوق العمل في الدول المتقدمة، القائمة على اقتصاد السوق، فإن العمالة الحكومية من إجمالي المشتغلين لا تقلّ عن 18% في بلجيكا، وتفوق 30% في النرويج.
يظهر التقرير وجود عجز واضح في عدد الموظفين بقطاعات خدمية مهمة مثل التعليم والصحة، وسط ادعاءات حكومية بتضخم الجهاز الإداري، مؤكداً تراجع أعداد المدرسين سنوياً، رغم الزيادة المستمرة في أعداد الطلاب المقيدين بالمدارس.

يحذّر الخبراء المشاركون في المناقشات وإعداد التقرير من تصاعد مشكلة العجز في المعلمين، مع تجاوز غالبية العاملين حالياً سنّ الخمسين عاماً، في طريقهم إلى التقاعد، مشيرين إلى أن عجز المعلمين بلغ عام 2021 نحو 323 ألف معلم، وفقاً لتصريحات وزير التعليم السابق، طارق شوقي، بما دعاه إلى مطالبة الرئاسة بسرعة تعيين 150 ألف مدرس لسدّ العجز في أعدادهم بالمدارس، على 5 سنوات متتالية.
تشير بيانات جهاز الإحصاء والتعبئة الحكومي إلى منحى هابط بشدة في تعداد الموظفين بالدولة، مع عام الذروة الذي بلغه عام 1990، ليشكل 32% من قوة العمل، لينخفض إلى مستويات غير معهودة من قبل منذ عام 2017، على أقل من 5.5% من قوة العمل بالدولة، المقدرة بنحو 29.27 مليون عامل في حينه.
في سياق متصل، أظهر الجهاز تراجع عدد العاملين بقطاع الأعمال العام بنسبة 1.1% عام 2023، متأثراً بوقف التعيينات وتصفية العمالة عبر الخروج إلى المعاش المبكر والتقاعد. بلغ عدد العاملين بالشركات العامة نحو 663.3 ألف عامل، عام 2023، مقابل 671 ألفاً عام 2022. بيّن الجهاز تراجعاً بنسبة 9% في عدد العاملين بالقطاع العام عام 2022، في ظاهرة مستمرة ومتصاعدة، منذ عام 2016، التي تشهد تصفية واسعة للأصول العامة، وتوقفاً لعدد من المشروعات الصناعية وتسريح أعداد ضخمة من العمالة، منها صناعات الغزل والنسيج والتشييد والبناء.