مستوطنة سديروت مركزاً للتوظيف التكنولوجي: شركات عالمية متورطة

مستوطنة سديروت مركزاً للتوظيف التكنولوجي: شركات عالمية متورطة

21 ديسمبر 2023
صورة تظهر العدوان على غزة من مستوطنة سديروت (Getty)
+ الخط -

يعمل الاحتلال الإسرائيلي على مشروع ضخم في مستوطنة سديروت المتاخمة لقطاع غزة، التي تتعرض لإبادة جماعية. مشروع يتعلق بتوظيف آلاف الإسرائيليين في شركات التكنولوجيا العملاقة، وتتورط فيه كبرى الشركات العالمية، على الرغم من أن المستوطنات الإسرائيلية تعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وفقاً للأمم المتحدة.

وفي التفاصيل، سيُستثمَر 15 مليون شيكل في مشروع Place-IL، لإنشاء مجمع يخلق مئات من فرص العمل ذات التقنية العالية في مستوطنة سديروت. ووفق موقع "كالكاليست" الإسرائيلي، تعمل شركات التكنولوجيا الفائقة وصناديق رأس المال الاستثماري مع سلطات الاحتلال في مستوطنة سديروت "على إنشاء مشروع لخلق مئات من فرص العمل في مجال التكنولوجيا المتقدمة في المنطقة التي تضررت بشدة من الحرب".

في هذه العملية، التي تقودها مؤسسة التكنولوجيا الفائقة Place-IL، سيُبنى مجمع عالي التقنية في مستوطنة سديروت باستثمار قدره 15 مليون شيكل لإيواء القوى العاملة التي ستُوظَّف هناك من قبل الشركات العالمية الرائدة مثل Google وNvidia وSalesforce وPalo Alto وCisco، بالإضافة إلى شركات يونيكورن الإسرائيلية، بما في ذلك Cyber ​​Armis وشركة التكنولوجيا المالية Malio وشركة الموارد البشرية Haibob.

ومن المتوقع أن تشغل الشركات الأخرى المجمع: Imperva وCadence وAxonio. وقد دخل صندوق رأس المال الاستثماري Insight Partners، وهو صندوق رأس المال الاستثماري الأميركي وأحد أكثر الصناديق نشاطًا في إسرائيل في السنوات الأخيرة، كشريك استراتيجي في المشروع.

خرق القانون الدولي

وتتورط كل هذه الشركات في المشروع الاستيطاني الإسرائيلي المخالف للقانون ولحقوق الإنسان، وتُعَدّ المستوطنات الإسرائيلية توسعات غير قانونية بموجب القانون الدولي، تصل إلى حد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية؛ وفق البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان، إذ يعتمد بناء المستوطنات على مصادرة واسعة النطاق للأراضي الفلسطينية، وعمليات نقل قسري للسكان الفلسطينيين من الأراضي المحتلة وإليها.

هذه المستوطنات غير القانونية، التي يحميها النظام العسكري الإسرائيلي، تلحق خسائر فادحة بحقوق الفلسطينيين، بما في ذلك حقهم في حرية التنقل، والأمن، ومستوى معيشي لائق. هذا بالإضافة إلى التصاعد المستمر لعنف المستوطنين بحق المجتمعات الفلسطينية وسكانها، بما في ذلك العنف الجسدي والترهيب، واستخدام الذخيرة الحية، وتدمير الحقول وقتل الماشية.

ووفقاً لهيومن رايتس ووتش، للشركات مسؤوليات بمجال حقوق الإنسان بمقتضى المعايير الدولية. على سبيل المثال، تُلزم المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة الخاصة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان الشركات في شتى أنحاء العالم بمراعاة العناية الكافية والتخفيف من أي آثار ضارة بحقوق الإنسان جراء أنشطتها. 

في سياق المستوطنات، وبحسب المنظمة ذاتها، تسهم أنشطة الشركات في انتهاكات إسرائيل لحقوق الفلسطينيين وللقانون الدولي الإنساني، وتستفيد من هذه الانتهاكات. 

كذا، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في يونيو/ حزيران الماضي إن المستوطنات انتهاك صارخ للقانون الدولي، وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين، والسلام العادل والدائم والشامل. وتابع في بيان أن توسيع هذه المستوطنات غير القانونية دافع كبير للتوترات والعنف ويؤدي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية. كذلك فإنه يُرسخ الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، ويتعدى على أراضي الفلسطينيين ومواردهم الطبيعية، ويعوق حرية حركة السكان الفلسطينيين ويقوض الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير المصير والسيادة.

وبحسب وزارة الخارجية الفلسطينية، تعتبر إقامة المستوطنات في القانون الدولي بفروعه، بالإضافة إلى نقل سكان الدول المحتلة إلى الإقليم المحتل، مناقضة لكل المبادئ الدولية وميثاق الأمم المتحدة (ميثاق جنيف الرابع حول قوانين الحرب في عام 1949).

ويفصل الميثاق سلسلة طويلة من المحظورات المفروضة على قوة الاحتلال. وجوهر الميثاق في هذه الحالة "يحظر على المحتل توطين سكانه في الأراضي المحتلة"، وهو ما أعادت تأكيده العديد من قرارات الشرعية الدولية، سواء في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي، أو الجمعية العمومية، وبالتالي فإن خلق الأمر الواقع بالقوة لا يمكن أن يكسب حقاً. وقد صدرت مجموعة من القرارات الشرعية الدولية بتأكيد ذلك وإنكار أي صفة قانونية للاستيطان أو الضم، وتطالب بإلغائه وتفكيك المستوطنات، بما في ذلك الاستيطان بالقدس.

فكرة المشروع في مستوطنة سديروت

الفكرة الرئيسية في مستوطنة سديروت، التي ولدت في أعقاب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، إعادة تأهيل النقب الغربي وجلب الوجود المادي لشركات التكنولوجيا المتقدمة إليه. ويشرح موقع "كالكاليست" أن المفهوم هو أن كل شركة بمفردها لن تتسرع في فتح فرع هناك، ولكن خلق نوع من مساحة العمل المشتركة التي ستحمل شعارات عدة شركات سيخلق لها موطئ قدم في المنطقة، وفي الوقت نفسه سينقل القوة والثقة إلى السكان (المستوطنين) الذين سيعودون إلى منازلهم.

ومن المفترض أن يخلق البرنامج حوالى 400 فرصة عمل جديدة في مجال التكنولوجيا الفائقة في النقب الغربي في غضون ثلاث إلى أربع سنوات، ومن المقرر لاحقًا إنشاء مجمع آخر في عسقلان، وربما في أحد الكيبوتسات المحيطة بها، بهدف تشغيل 800 عامل أو أكثر.

الجمهور المستهدف الرئيسي خريجو الكليات من المنطقة، التي واجه خريجوها حتى الآن صعوبة في الاندماج في صناعة التكنولوجيا الفائقة، والتي يقع معظمها في المركز.

وفقًا للخطة الناشئة، ستحدد Place-IL المواهب من المنطقة من خلال نظامها التطوعي، بمن في ذلك رواد الأعمال والرؤساء التنفيذيون ومديرو التكنولوجيا التنفيذيون ورؤساء فرق التطوير وموظفو التوظيف والموارد البشرية. في الوقت نفسه، تعمل Place-IL مع شركات التكنولوجيا الفائقة لتحديد الاحتياجات المحددة لأنواع مختلفة من الوظائف. كذلك، فإن السلطات المحلية من مجموعة النقب الغربي وبلديات سديروت وأوفاكيم هي أيضًا شريكة في المشروع.

ونُقل بعض الوحدات التكنولوجية التابعة للجيش الإسرائيلي إلى النقب. واليوم، توجد بشكل رئيسي شركات الصناعات الدفاعية مثل "إلبيت ورافائيل"، فرع لشركة الإنترنت Wix، ومكاتب شركات تكنولوجيا الأغذية، وفرع لشركة البرمجيات Amdocs في سديروت.

المساهمون