دعت "إنترناشونال كرايسيس غروب" مصر إلى الحد من البصمة الاقتصادية للجيش كأولوية قصوى، بحيث يمكن للمؤسسات التي يعمل فيها جنود حالياً ولا يحتاجون إلى وظائف أن تصبح مُنشئ وظائف للمدنيين الذين يحتاجون إليها، وحذرت من احتمال أن يغذي إصلاح الدعم والتضخم اضطرابات اجتماعية، داعية شركاء البلاد إلى الاستعداد لإظهار بعض المرونة بالنسبة إلى الإصلاحات.
المنظمة، وهي "مستقلة تعمل على منع الحروب وتشكيل السياسات التي من شأنها بناء عالم أكثر سلاماً"، بحسب تعريفها، نشرت تقريراً، أمس الأربعاء، بعنوان "مصر في الميزان"، وفيه نبّهت إلى أنّ السلطات المصرية تواجه تحديات محلية ودولية قد تتطلب إعادة هيكلة جزئية على الأقل لترتيبات البلاد القائمة منذ فترة طويلة.
ونقلت عن "مراقب مصري" لم تُسمّه إشارته إلى تخلف لبنان عن سداد ديونه وما أعقب ذلك من أزمة سياسية كمؤشر للمستقبل في مصر، معرباً عن اعتقاده أنّ "الناس بحاجة إلى إعادة تصور نماذجهم العقلية في ما يتعلق بالمكان الذي تتجه إليه مصر، ونموذج لبنان مفيد في هذا".
وهو يرى أنه "لا يزال التأثير طويل المدى لخفض قيمة الجنيه (سعره الآن 30.75 مقابل الدولار) يجري التقليل من شأنه، وسيستغرق بعض الوقت للتصفية من خلال النظام. ومن دون الثقة بين الناس وحكومتهم، لا يوجد حقاً دعم طبيعي. ربما لن تصل مصر إلى هذا الحد، لكن لا يزال من المفيد خوض المحاكاة".
وفي حين أنّ مصر مختلفة تماماً عن لبنان، هناك "فرصة كبيرة لأن تجبر الأزمة السلطات على مراجعة السياسات القديمة، علماً أنها في الواقع بدأت تفعل ذلك"، بحسب التقرير.
وفي مواجهة مخاوف اقتصادية حادة، وتدقيق من صندوق النقد الدولي، والتوترات مع الخليج، كان على القاهرة، برأي معدّي التقرير، تقديم تنازلات مؤلمة، كما فعلت في الانخفاض الحاد في قيمة العملة، رغم أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ستتقيد بالكامل بالتزاماتها، فيما من المرجح أن يبقى شركاؤها الدوليون مصطفّين خلف صندوق النقد الدولي.
ومن هذا المنطلق، يحض التقرير شركاء مصر الدوليين على "الاستمرار في الضغط من أجل الإصلاحات الهيكلية التي تظل الأولوية الرئيسية في خلق المرونة على المدى الطويل". كذلك يجب، برأيه، على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين التفكير في ربط بعض دعمهم المستقبلي على الأقل بالتقدم في "مبادرة الحوار الوطني الباهتة".
وفي حين أنّ "التحرير السياسي الشامل"، على حد تعبير التقرير، لا يزال مستحيلاً على المدى القريب، فإنّ العدالة الجنائية الهادفة والإصلاحات الانتخابية تبقى في متناول اليد، ويمكن لحوار هادف أن يمنحها الزخم.
وفي الوقت نفسه، يجب على شركاء مصر الدوليين "التعامل مع الموقف ببعض الحذر، مع مراعاة مخاطر عدم الاستقرار قصيرة الأجل الناجمة عن التقشف المالي"، وفقاً للتقرير.
كذلك، يمكن أن يسهم إصلاح الدعم والتضخم في الاضطرابات الاجتماعية، بحسب التقرير، "لذلك يجب أن يكون شركاء مصر مستعدين لإظهار المرونة، على سبيل المثال في ما يتعلق بخفض الإنفاق، الذي قد يكون له آثار مدمرة على السكان وسعر الصرف".
في الإجمال، بينما تواصل السلطات المصرية السير على حبل مشدود سياسياً واقتصادياً في الفترة المقبلة، تعتقد المنظمة أنه "يجب أن تكون الحكومات الأجنبية والمؤسسات المالية الدولية على استعداد لفعل الشيء نفسه، أي تقديم دعم دقيق لتعزيز قدرة البلاد على الصمود على المدى الطويل وتقليل مخاطر عدم الاستقرار على المدى القصير".