قلق سياسي من مؤشرات الاقتصاد وتآكل القدرة الشرائية في الجزائر

قلق سياسي من مؤشرات الاقتصاد وتآكل القدرة الشرائية في الجزائر

20 يناير 2024
يعاني الجزائريون من ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القوة الشرائية (Getty)
+ الخط -

لا يبدو كثير من الأحزاب السياسية في الجزائر راضياً عن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة بسبب تعطل مشاريع الاستثمار واستمرار بعض الأزمات المواد التموينية وارتفاع الأسعار والتضخم، على الرغم من أن التصريحات الرسمية تعطي في المقابل تفاؤلاً بالصحة الاقتصادية للبلاد.

وقال رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني، في لقاء لإطارات الحزب، إن البيانات والاقتصادية تبدو مقلقة للغاية، "يسجل ارتفاع في مستويات الدين العمومي الداخلي المستحق على الخزينة العمومية (المديونية الداخلية) حالياً يبلغ حوالي 115 مليار دولار، بما يمثل 48% من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يمثل حجم الميزانية العامة السنوية لسنة 2024".

وأضاف حساني؛ رئيس أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، أن "سبب ذلك هو انتهاج سياسة تمويل النفقات العمومية بالعجز الموازني، الذي يعني عجز الميزانية وتراكم المديونية الداخلية، حيث وصل عجز الميزانية السنوية 2024 إلى 40%".

وأشار إلى أن "الاستثمارات الاقتصادية الفعلية المحققة الوطنية والأجنبية ما تزال متدنية، ولا تستجيب لاحتياجات استحداث عروض عمل تتوافق ومخرجات الجامعات ومراكز التكوين، كما أن 27% كمعدل رسمي مصرح به لنسبة البطالة في أوساط خريجي الجامعات هو معدل مرتفع جداً".

وحذر حساني من أن تؤدي السياسات الانفرادية الى "تضيع الفرص تلو الفرص"، مشيراً إلى أن "الواقع المعاش يخالف المقاربات المطروحة، بسبب المنظومة البيروقراطية ومقاومة التغيير واستمرار تفشي بعض مظاهر الفساد وتراجع القدرة الشرائية ومشاكل اضطراب السوق، ومشاكل الندرة والتمويل وارتفاع الأسعار".

وقال إن "الجزائر تعاني من مشكل رئيسي في التسيير والحوكمة، ونعني أن المشكل في الرجال والاختيارات التي طالما ثبت أنها خاطئة، هناك غياب الرؤية بعيدة المدى حيث نغير السياسات والبرامج والقوانين بناء على معطيات ظرفية وسرعان ما يتكشف فشلها أو خطؤها". 

من جهته قدم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية قراءة غير إيجابية لواقع الاقتصاد الجزائري، إذ أكد رئيس الحزب عثمان معزوز أن "الاقتصاد الجزائري، المبني على عائدات النفط ، فهو لا يزال بلا رؤية وغير قادر على التخلص منها رغم الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها البلاد".

وأضاف في اجتماع المجلس الوطني الجمعة أنه " لا يوجد انتعاش في منحى الاستثمار الأجنبي والنمو في المجالات غير النفطية، كما أن هناك تضخماً متسارعاً يسيطر على المدى الطويل، وبطالة مثيرة للقلق حيث تجاوزت أرقام البطالة المعلنة 15%".

وأشار معزوز إلى أن "الجزائر لا تظهر حتى في قائمة البلدان العشرة ذات أعلى نصيب للفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والحكومة تعلن زيادة بنسبة 47% بموجب قانون المالية لعام 2024، لكنها ليست ذات معنى بسبب تآكل القدرة الشرائية للجزائريين الذي بلغ ذروته".

وأكد أن "هذه الأرقام والمؤشرات القليلة يجب أن تشكل تحدياً لنا وتشجعنا جدياً على إعادة النظر في الحوكمة الاقتصادية للبلاد. إذا لم يتم اتخاذ إصلاحات هيكلية وقرارات شجاعة، فلا يمكن استبعاد التهديدات الحقيقية للتماسك الاجتماعي والتي ستؤدي بلا شك إلى زيادة الأزمات في البلاد".

وبرغم وجود الحزب ضمن إطار الحزام الحكومي، إلا أن رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة قال في مؤتمر لإطارات حزبه إن "الحكومة مطالبة بالإسراع في معالجة بعض الاختلالات ذات الصلة بالشق الاقتصادي والاجتماعي".

وأكد بن قرينة أننا "نتطلع لاتخاذ الحكومة قرارات اقتصادية تحسن من بيئة الاستثمار وتسهم في طمأنة رجال الأعمال والمستثمرين من داخل الوطن وخارجه، ومن خلال تفعيل القوانين ذات الصلة، وخاصة قوانين الاستثمار وبالعقار الفلاحي والصناعي".

وأشار إلى أن "الحكومة مطالبة بالاستغلال الأمثل لأكبر ميزانية في تاريخ الجزائر التي تتجاوز 110 مليارات دولار هذه السنة لتكون في مستوى لاستجابة لأولويات المواطن في: رفع القدرة الشرائية وتقليص نسبة التضخم، وفي الاهتمام بالاستثمار الخالق لمناصب الشغل والمنتج للثورة، وتوفير مواد واسعة الاستهلاك ومحاربة الندرة والاحتكار، وتسريع وتيرة الرقمنة في مختلف القطاعات".

أما زعيمة حزب العمال اليساري لويزة حنون، فقد حذرت في لقاء شعبي في ميلة شرقي الجزائر اليوم السبت، من "تراجع القدرة الشرائية للمواطنين" وطالبت الحكومة "بإدخال إصلاحات عاجلة على الخيارات الاقتصادية". 

من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد حاج سليمان ناصر إن "أي فحص موضوعي للواقع الاقتصادي الجزائري يؤكد صحة هذه التقديرات التي ذكرتها أحزاب المعارضة".

وأضاف في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "غياب برامج متوسطة أو طويلة المدى، مثلما هي في دول أخرى عربية أو إسلامية، يعني أننا لا نملك برامج مستقرة ودائمة، وإنما برامج مناسباتية تفرضها الظروف لا الحاجة، وهذا لن يكون أبداً عاملاً مساعداً للتنمية".

وأشار إلى أن "هناك مشكلة المديونية الداخلية التي أصبحت تتجاوز 60% من حجم الناتج الداخلي الخام، كما أن هناك انخفاضاً طفيفاً في عجز الموازنة الذي يقدر بحوالي 42 مليار دولار، والمسؤولون يؤكدون عدم العودة إلى التمويل غير التقليدي".

وحسب ناصر: "بقي التساؤل الأكبر الذي نطرحه في كل مرة عن مصدر تغطية العجز في الموازنة". 

المساهمون