غزة تتشبث بالحياة: مهن مؤقتة لمواجهة الجوع والعطش

21 ديسمبر 2023
أسرة فلسطينية في القطاع تعيش وسط الركام (عبد الرحيم الخطيب/الأناضول)
+ الخط -

 

لجأ الشاب الفلسطيني أحمد عطا الله إلى العمل في مهنة بيع القهوة والمشروبات الساخنة بأحد شوارع مدينة رفح جنوبي قطاع غزة حيث نزح مع عائلته من مدينة غزة جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة للشهر الثالث على التوالي والتي أدت إلى نزوح قرابة 1.8 مليون نسمة.
وشهدت الأسابيع الماضية نزوحاً متصاعداً من قبل الفلسطينيين تجاه مدن رفح ووسط القطاع في ظل العمليات العسكرية الإسرائيلية والحرب على غزة واتساع التوغل البري، إلى جانب القصف المتصاعد واستهداف التجمعات السكنية ومراكز النزوح والمشافي.
وحسب تقارير رسمية قبل اندلاع الحرب، اقتربت نسبة البطالة في غزة من حاجز 50%، فيما ترتفع في صفوف الشباب إلى 60% وفي صفوف الإناث إلى 80%، في حين أن غالبية السكان الذين يعملون في مهن بالأساس يتقاضون أجورا يومية متدنية بعضها لا يتجاوز 20 شيكل في اليوم الواحد. (الدولار=3.65 شيكل إسرائيلي).
وفي ظل العدوان الإسرائيلي على غزة، انتشرت حالة التكاتف المجتمعي بين السكان وعند النزوح؛ حيث تتقاسم الكثير من العوائل في القطاع المسكن أو حتى الطعام والمساعدات التي يتم توزيعها عليهم من الجهات الدولية، مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".
وتوقّف عشرات الآلاف عن أداء عملهم اليومي ووظائفهم منذ السابع من أكتوبر الماضي، نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة، ما أدى إلى تعزيز الفقر والعوز وانعدام الأمن الغذائي في صفوف السكان الفلسطينيين بالذات النازحين منهم، في ظل إغلاق المعابر وتحكّم الاحتلال فيها.

ووفق المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، فإن أكثر من 71% من عينة دراسة أجراها في قطاع غزة، أفادوا بأنهم يعانون من مستويات حادة من الجوع، في ظل استخدام إسرائيل التجويع سلاحا لمعاقبة المدنيين الفلسطينيين، إلى جانب أن 98%؜ يعانون من عدم كفاية استهلاك الغذاء.
في الأثناء، يقول بائع المشروبات الساخنة الفلسطيني أحمد عطا الله إنه اضطر للعمل من جديد بعد أن فقد عمله السابق في إحدى المنشآت التجارية بفعل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع للشهر الثالث على التوالي، ما تسبب في نفاد كل ما توفر معه من سيولة نقدية.
ويضيف عطا الله لـ"العربي الجديد" أنه نزح أواخر أكتوبر الماضي إلى وسط القطاع، قبل أن ينزح من جديد إلى رفح جنوبا، في ظل الاحتياج الكبير لتوفير مصدر دخل له ولعائلته المكونة من 7 أفراد، بالذات الاحتياجات الغذائية الأساسية، وهو أمر غير متوفر.
ويشير إلى أن إجمالي المبالغ المالية التي يتم توفيرها من وراء بيع القهوة والمشروبات الساخنة لا تكفي بالأساس لتلبية احتياجاته، في ظل ارتفاع الأسعار وتضخمها على صعيد الخضروات أو الدقيق والسكر وبقية السلع الأساسية الأخرى التي تتطلبها العائلة.
ويلفت إلى أن توجهه للعمل جاء كمحاولة منه في ظل استمرار الحرب على غزة وعدم وجود أي آفاق لانتهائها، لا سيما وأن فرص العمل باتت محدودة للغاية فضلاً عن العجز الشديد في السلع الموجودة في الأسواق وشحها، ما يجعل توفيرها يتطلب أكبر قدر من السيولة.

وعلى ذات النهج، سار الشاب مصطفى أبو النجا الذي افتتح عربة بسيطة لبيع الفلافل كأحد المأكولات الشعبية التي يتم بيعها في القطاع، في ظل إقبال السكان على شراء السلع الغذائية وتكدسهم وسط وجنوب القطاع وحالة النزوح الكبيرة من غزة وشمال القطاع.
ويؤكد أبو النجا لـ"العربي الجديد" أن الواقع المعيشي صعب وقاسٍ للغاية، وهناك صعوبة كبيرة في توفير السلع والأغذية، وهو الدافع الرئيسي وراء العمل، لاسيما وأنه بالأساس طالب جامعي لم يسبق له العمل في وقت سابق إلا أن اضطر إلى ذلك لمساعدة عائلته.
ويشير إلى أن الكثير من السلع ارتفعت أسعارها وتضخمت بشكل أكبر عن السابق، وصعوبة توفرها أدى لزيادة التكافل والتكاتف الاجتماعي بين السكان، إلا أن الصعوبات الكبيرة التي يواجهها النازحون تجعل من الصعب الاستمرار دون عمل في ظل الظروف الحالية.
من جانبه، يؤكد المختص في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب على صعوبة الأوضاع الاقتصادية للسكان، في ظل ارتفاع نسبة انعدام الأمن الغذائي والحالة التي وصلوا إليها، بفعل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، وتدمير البنية التحتية، وقلة الشاحنات الوردة للقطاع.
ويقول أبو جياب لـ"العربي الجديد" إن الواقع الاقتصادي قبل الحرب كان مترديا؛ حيث كانت معدلات البطالة تتجاوز 50%، إلى جانب اعتماد 80% من السكان على المساعدات الغذائية، فيما ارتفعت المعدلات هذه الفترة بفعل الحرب الإسرائيلية على القطاع، وحاليا قفزت هذه النسب إلى مستويات قياسية.

المساهمون