جرائم الاحتلال تقفز بتكلفة إعمار غزة

جرائم الاحتلال تقفز بتكلفة إعمار غزة

07 مايو 2024
مشهد لمدرسة مهدمة تابعة لـ(الأونروا) في دير البلح، 5 مايو 2024 (أشرف أبو عمرة/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- إعادة إعمار قطاع غزة تواجه تحديات كبيرة بعد الدمار الناتج عن العدوان الإسرائيلي، مع تقديرات الأمم المتحدة لتكلفة الإعمار بـ40 مليار دولار ومدة تعافي تصل إلى 80 عامًا.
- هناك أمل في تسريع عملية الإعمار بدعم من دول عربية وإمكانية إعادة بناء المنازل بحلول 2040، شريطة توفر ظروف مثل فتح المعابر والتحكم الفلسطيني في إدخال المواد.
- الحرب أثرت سلبًا على الاقتصاد بزيادة الفقر والبطالة، لكن إعادة الإعمار قد تحفز انتعاشة اقتصادية إذا تمت بحرية ودون عوائق، مع التأكيد على أهمية توفير المواد الخام وحرية الحركة.

تعتبر عملية إعادة إعمار قطاع غزة واحدة من المعارك التي تنتظر الفلسطينيين بعد أن تنتهي المواجهة العسكرية بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية وتعود حالة الهدوء من جديد للميدان. وتقدر الأمم المتحدة في بيانات حديثة تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة بنحو 40 مليار دولار، علاوة على أن التعافي من الدمار الهائل وغير المسبوق الذي لحق بالقطاع بسبب العدوان الإسرائيلي الممتد قد يستغرق 80 عامًا.

وحسب تقرير للأمم المتحدة، فإن إعادة الإعمار في القطاع ستكون "قضية مكلفة للغاية ستستغرق وقتا طويلا". ووفقاً للتقرير فإن هذه المهمة لم يسبق للمجتمع الدولي أن تعامل معها منذ الحرب العالمية الثانية، بالرغم من أن هناك عمليات بحث لتمويل إعادة الإعمار جرت مع دول عربية وهناك إشارات إيجابية للغاية حتى الآن.

وخلّف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي أكثر من 34 ألف شهيد و77 ألف مصاب، إضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة. وجاء في تقييم البناء الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه إذا تحققت أفضل الاحتمالات مع افتراض تسليم مواد البناء بسرعة تفوق خمسة أمثال ما كان عليه الحال في أزمة غزة السابقة في عام 2021، يمكن إعادة بناء المنازل المدمرة بحلول عام 2040.

وتشير التقديرات إلى أن 72% من الأبنية السكنية دُمّرت كلّيا أو جزئيا، في الوقت الذي تعرض الاقتصاد في غزة لخسارة كبيرة في الربع الأخير من عام 2023، بلغت 81% من حجمه وهو معدل غير مسبوق. 

معدلات سنوية مبالغ فيها 

في الأثناء، يقول الباحث الفلسطيني في الشأن الاقتصادي، أحمد أبو قمر، إن الحديث عن عشرات السنوات لإعادة الإعمار في غزة أمر مبالغ فيه إذ إنه في حال تهيأت الظروف المناسبة من فتح كامل للمعابر وتحكم فلسطيني لما يتم إدخاله يمكن أن تستغرق العملية من ثلاث إلى خمس سنوات فقط.

ويضيف أبو قمر لـ "العربي الجديد" أنه في حال الإبقاء على الحصار ومنع سلع تحت ذريعة ازدواجية الاستخدام والإبقاء على أنظمة عقيمة لإدخال مواد البناء كما السابق فإن العملية وقتها ستستغرق وقتاً طويلا ولن تتم. ويرى الباحث الفلسطيني في الشأن الاقتصادي أن التقديرات الأولية عن تكلفة إعمار والتي تقدر بـ40 مليار دولار فهي واقعية مع تدمير آلاف الوحدات السكنية والمقرات الحكومية ودور العبادة والبنية التحتية. 

ويشير إلى أنه بمنظور اقتصادي إيجابي لعملية إعادة إعمار غزة لعل النقطة الأكثر أهمية من توفر المانحين والأموال تتمثل في إدخال المواد الخام وحرية الحركة على المعابر، وهذا دائما ما كان العائق الأبرز الذي تتفنن إسرائيل فيه ضمن سياسة التنغيص على غزة. ويلفت إلى أن عملية إعادة الإعمار إذا تمت فإنها ستخلق حالة انتعاشة اقتصادية تأتي بعد هذا الدمار والكساد والمؤشرات الاقتصادية الكارثية، والمتمثلة في ⁠ارتفاع الفقر إلى 90% وارتفاع نسبة البطالة إلى 80% وتدمير 95% من المنشآت الاقتصادية ضمن سياسة إسرائيلية ممنهجة في حال بدأت عملية الإعمار بحرية دون أي عوائق.

ويعتقد أبو قمر أن هذه النسب الكارثية ستنخفض خلال عامين من 80 إلى 30% للبطالة ومن 90 إلى 45% للفقر في حال بدأت عملية الإعمار بحرية دون أي عوائق، سواء عوائق المعبر أو عوائق مالية وعدم توفر أموال للإعمار. 

تأثيرات صادمة للحرب 

من جانبه، يقول الأكاديمي والمختص في الشأن الاقتصادي رائد حلس، إن تأثير الحرب على غزة من الناحية الاقتصادية بمثابة الصدمة التي عصفت بها، حيث تركت الحرب آثارا هائلة على كافة الصعد نتيجة الدمار الشامل والتدهور الكبير في البنية التحتية والفتك بالقاعدة الإنتاجية الاقتصادية.

ويؤكد حلس لـ "العربي الجديد" أن كافة القطاعات الاقتصادية تكبدت خسائر اقتصادية بسبب التوقف في الإنتاج وتعطل الحركة التجارية، تضاف إلى ذلك تكلفة إعادة الإعمار التي سوف يتم الحديث عنها غداة كل حرب والتي في الغالب ما تكون هائلة نتيجة الدمار الهائل الذي أحدثه الاحتلال، مما يزيد من الضغوط على الاقتصاد المحلي الذي مزقته الآلة العسكرية في هذه الحرب.

ويشدد على أن تأثير الحرب على غزة على الاقتصاد المحلي يعتبر كارثيا، نتيجة ما ترتب عليه تدمير البنية التحتية بشكل كبير وصل إلى نسبة تفوق 80%، وفقدان الوظائف بنسبة وصلت إلى 100%، وتعطيل الأعمال التجارية. ووفق تقديرات الأمم المتحدة، فإن عدوان عام 2014 شهد تدمير 89 ألف منزل بين جزئي وكلي أو كلي بليغ، فيما قدرت تكلفة إعادة الإعمار بنحو أربعة إلى ستة مليارات دولار، بما يشمل القطاعات الاقتصادية والزراعية والبنية التحتية إلى جانب الإسكان.

وشهد عدوان عام 2021 تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي قرابة 1500 منزل بشكلٍ كامل، إلى جانب الأضرار الجزئية والأضرار التي طاولت البنية التحتية في القطاع حيث بلغت كلفة القطاع نحو 497 مليون دولار، فيما كانت التقديرات قبل العدوان الحالي بحاجة غزة إلى نحو ملياري دولار.

المساهمون