الجزائر: الأسعار والتخزين يهددان منتجي البطاطا

17 مايو 2024
بائع بطاطس في سوق بالعاصمة الجزائر في 15 سبتمبر 2022 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المزارعون في عين الدفلى، بما فيهم نور الدين ميلودي، يواجهون أزمة بسبب وفرة إنتاج البطاطا التي أدت إلى انخفاض الأسعار دون تكلفة الإنتاج، مما يجبرهم على تخزين الفائض ويهددهم بالخسارة.
- يأمل المزارعون في تدخل الدولة أو القطاع الخاص لشراء المحصول أو مساعدتهم في التصدير لتجنب الإفلاس، في ظل تحديات مثل ارتفاع تكاليف التخزين وقلة غرف التبريد.
- إسماعيل عباري وزملاؤه يعانون من ضغوط مالية بسبب ديون متراكمة لمتعاملي البذور والأسمدة والعمال، ويطالبون برفع الأسعار لضمان هامش ربح، مما يسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع الزراعة.

 

يعيش المزارع الجزائري نور الدين ميلودي، المقيم في مدينة عين الدفلى غرب العاصمة الجزائرية، حالة من القلق الشديد على محصوله من البطاطا الذي بلغ إنتاجه منها هذا العام رقماً قياسياً فاق 400 طن، بعد أن وجّه ثلثي الإنتاج للتخزين في غرف تبريد خاصة بالمنطقة، رافضاً بيعها بثمن يقلّ عن تكلفة إنتاجها.

ويربط المزارع في تصريح لـ"العربي الجديد" مستقبل نشاطه بإيجاد حلّ لمعضلة عمّت مدينته بقوله: "ننتظر أن تشتري الدولة محصولنا من البطاطا أو يساعدنا القطاع الخاص في تصديره وإنقاذنا من الإفلاس".

دفعت "أزمة وفرة إنتاج البطاطا" مزارعي عين الدفلى التي يعيش نصف سكانها المقدَّر عددهم بـ800 ألف نسمة من مداخيل الزراعة على غرار باقي مزارعي البطاطا في الجزائر، إلى عقد اجتماعات دورية من أجل إيجاد حلّ لمخزونهم من البطاطا التي تحولت وفرتها إلى نقمة على المزارعين بفعل انخفاض حاد في الأسعار الذي وصل إلى 30 ديناراً جزائرياً للكيلوغرام الواحد (0.32 دولار) في أسواق بيع الخضر بالجملة. وهو سعر يصفه المزارعون الذين تحدثت إليهم "العربي الجديد" بـ"الكارثي"، وسيسبب لهم خسائر فادحة بفعل ارتفاع تكلفة الإنتاج، خصوصاً الأسمدة المستعملة للحفاظ على جودة البطاطا بالإضافة إلى غلاء أسعار البذور.

وما زاد من أوجاع المزارعين ارتفاع أسعار التخزين بسبب قلة غرف التبريد المخصصة لتخزين البطاطا، حيث يُعَدّ تخزين البطاطا من أهم العوائق التي تواجه مزارعي البطاطا لتطوير إنتاجهم من حقولهم الممتدة على آلاف الهكتارات، إذ تشير أرقام الاتحاد العام للمزارعين الجزائريين إلى وجود عجز في أماكن التخزين المجهزة يُقدَّر بـ400 ألف متر مكعب.
وأرهق المزارعون الآلية التي أقرّتها الحكومة الجزائرية القاضية بتكفل مؤسسة برودا (شركة تسيير المنتج) باقتناء الفائض من مخزون البطاطا، إذ بقيت مستحقاتهم عالقة لدى المؤسسة العمومية التي تشتري محصول البطاطا السنوي من المزارعين بسعر مرجعي ثابت على المستوى الوطني يُحدَّد كل سنة، ويُخزَّن في غرف التبريد قبل توجيهها إلى الأسواق في أوقات الندرة التي تتزامن مع فصل الخريف، للحفاظ على توازن الأسعار في الأسواق.

ما زاد من أوجاع المزارعين ارتفاع أسعار التخزين بسبب قلة غرف التبريد المخصصة لتخزين البطاطا


يؤكد المزارع إسماعيل عباري الذي تقع مزرعته على مساحة 20 هكتاراً، في محافظة غليزان (250 كيلومتراً غرب العاصمة)، أنه صار على استعداد لبيع محصوله الوفير من البطاطا للدولة (معدل الإنتاج 170 قنطاراً للهكتار الواحد) رغم المماطلة الكبيرة في دفع مستحقات الفلاحين بعد أن تفادى، للسبب نفسه، التعامل مع مؤسسة "برودا" في الموسم الزراعي الفائت، ووجّه محاصيله إلى عدة أسواق في المحافظات المجاورة، متكبداً عناء التنقل وبطء عملية البيع".

ويبرر تراجعه هذه المرة "بغياب حلول أخرى من شأنها إنقاذ محصوله هذه السنة، نتيجة الوفرة الهائلة ودخول ولايات أخرى على خط إنتاج المادة نفسها".

وفي ظل غياب ضمانات واضحة لعدم تكرار سيناريو الموسم الزراعي الفائت، الذي قدرت فيه وزارة الزراعة والتنمية الريفية والصيد البحري حجم الإنتاج الوطني من البطاطا في البلاد بـ5 ملايين طن حسب أرقام رسمية، يبقى مزارعو البطاطا في حالة قلق بسبب وجود ديون عالقة عليهم لدى متعاملي البذور والأسمدة والعمال الذين يُرافقون عملية الزرع وجني المحصول.

وهذا هو حال المزارع كمال جغدال، الذي قال لـ"العربي الجديد" إنه مدين بمبالغ كبيرة، وينتظر انفراج المشكلة وتحصيل عائدات بيعه البطاطا للوفاء بالتزاماته التي أصبحت تؤرقه.
وعكس باقي المزارعين، يتمسك جغدالي برفض بيع محصوله بالأسعار الحالية، ويقترح رفع سعر الكيلوغرام الواحد على الاقل بـ15 ديناراً، لضمان هامش بسيط من الربح.

المساهمون