التحالف يفشل في تأمين سفن البحر الأحمر والبضائع تتراجع للنصف

التحالف يفشل في تأمين سفن البحر الأحمر والبضائع تتراجع للنصف

12 يناير 2024
هجمات الحوثي ترفع أسعار الشحن والبضائع في إسرائيل وأوروبا (Getty)
+ الخط -

كشفت بيانات صادرة الخميس، عن تأثر أنشطة التجارة الدولية بالهجمات التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية على السفن المارة في البحر الأحمر وقبالة باب المندب، وبحسب معهد IfW Kiel ومقره ألمانيا، الخميس، فإن حجم البضائع المنقولة عبر البحر الأحمر تراجع إلى "أكثر من النصف".

ورغم هذا التهاوي في أنشطة السفن الملاحية في البحر الأحمر، إلا أن قائدا كبيرا في البحرية الفرنسية أكد أن 80% من حركة الملاحة ما زالت تمر عبر مضيق باب المندب، بفضل الجهود العسكرية الدولية وفق "رويترز" أمس.

وأدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر على السفن المتعاملة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي دعما لصمود قطاع غزة، إلى تراجع التجارة العالمية بنسبة 1.3% في الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2023، وفقا لما أعلن معهد الأبحاث الألماني الاقتصادي المتخصص، الخميس.

وأفاد معهد كايل الألماني للاقتصاد العالمي IfW Kiel إن هناك حاليا نحو 200 ألف حاوية تمر عبر البحر الأحمر يوميا، انخفاضا من 500 ألف يوميا في نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي هذا الصدد، قال مدير مركز أبحاث سياسات التجارة في المعهد جوليان هينتس "ارتفعت تكاليف الشحن ووقت النقل في حركة البضائع بين شرق آسيا وأوروبا".

وأضاف أن "عمليات تحويل مسار السفن بسبب الهجمات أدت لقطع السفن رحلات أطول بين مراكز الإنتاج في آسيا وأسواق الاستهلاك الأوروبية، بما يصل إلى 20 يوما إضافية".

وأوضح في بيان أن ذلك "انعكس أيضا على أرقام التجارة المتراجعة في ألمانيا والاتحاد الأوروبي، إذ لا تزال السلع المنقولة في البحر، ولم يتم تنزيلها في الموانئ في المواعيد المقررة".

ونتيجة الهجمات، ترسل شركات الشحن العملاقة مثل "ميرسك" و"هاباغ لويد" سفنها في رحلات أطول وأكثر تكلفة حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا.

وصعّد الحوثيون في اليمن هجماتهم على السفن في منطقة الخليج في الأشهر الأخيرة، لإظهار دعمهم للمقاومة الفلسطينية التي تتصدى لعدوان الاحتلال المستمر على قطاع غزة.

وحسب المنطقة، أظهر مؤشر التجارة الصادر عن المعهد الألماني لشهر ديسمبر، انخفاض الصادرات من الاتحاد الأوروبي والواردات إليه بنسبة 2% و3.1% على التوالي. كما شهدت الولايات المتحدة انخفاضا بنسبة 1.5% في الصادرات وانخفاضا بنسبة 1% في الواردات، على الرغم من أن طريق البحر الأحمر التجاري أقل أهمية بالنسبة إليها.

وخالفت التجارة الصينية هذا الاتجاه، حيث ارتفعت الصادرات بنسبة 1.3% والواردات بنسبة 3.1%، الأمر الذي عزاه المعهد على الأرجح إلى العام الصيني الجديد القادم.

ومن جانبهم، قال خبراء في مخاطر مسارات السفن في البحار إن الموانئ الإسرائيلية تواجه مقاطعة دولية صامتة وسط تجنب العديد من شركات الشحن البحري الرسو في تلك الموانئ، والفشل الذي يواجهه التحالف الدولي الذي تقوده أميركا لتأمين حركة السفن التجارية في البحر الأحمر. كما يواجه التحالف البحري انتقادات من الدول الأوروبية، خاصة تلك المطالبة بوقف الحرب.

وحتى الآن لم تفلح العملية العسكرية في تأمين السفن بالبحر الأحمر، إذ قالت شركة الأمن الخاصة "أمبري إن" الأميركية، لوكالة أسوشيتد برس، أمس الخميس، إن "أربعة إلى خمسة مسلحين" صعدوا على متن ناقلة النفط سانت نيكولاس.

وكانت الناقلة قبالة مدينة البصرة بالعراق لتحميل شحنة من النفط الخام إلى ميناء ألياجا بتركيا لصالح شركة التكرير التركية توبراس. وأظهرت بيانات تتبع الأقمار الصناعية التي حللتها الوكالة أن الناقلة كانت ترفع علم جزر مارشال.

وقالت نائبة الرئيس الإسباني، يولاندا دياز، في تصريحات نقلتها صحيفة الباييس الإسبانية في مدريد، إنه "من النفاق الشديد" أن يسارع المجتمع الدولي لحماية المصالح التجارية في البحر الأحمر، لكنه يظل سلبيًا عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن السكان المدنيين في غزة.

ومع زيادة المخاطر التي تواجه الملاحة في البحر الأحمر تنامى عدد الشركات التي قررت التوقف عن الإبحار في البحر الأحمر ليتجاوز عددها 390 سفينة. على صعيد تلك الشركات، قالت تقارير غربية، إن شركة كوسكو الصينية العملاقة، صاحبة رابع أكبر خط ملاحي في العالم، لن تقوم بعد الآن بشحن البضائع إلى إسرائيل.

كما أصدرت شركة إيفرغرين التايوانية إعلانًا مشابهًا، قائلة إنها ستتوقف مؤقتًا عن قبول البضائع الإسرائيلية، ثم قامت بإزالتها من موقعها على الإنترنت.

وفي المقابل، قالت السفن الصينية والروسية والتايوانية إنها ستواصل الإبحار في البحر الأحمر كعادتها، ولكن هناك سفن تعلن أنها صينية، أو أنها لا تملك أي اتفاقيات والارتباط بإسرائيل".

وحتى الآن أدت هجمات الحوثي على السفن الإسرائيلية، وتلك التي تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية، إلى ارتفاع كبير في أسعار شحن البضائع والمنتجات من الصين ودول آسيوية أخرى، خاصة حاويات الأثاث والألعاب وناقلات السيارات.

كما أدت الهجمات إلى منع نحو 30% من حاويات العالم من المرور عبر البحر الأحمر. وهو ما أدى إلى انخفاض مخزونات السلع والبضائع في الدول الأوروبية.

وربما يقود ذلك إلى حدوث أزمات في بعض الاقتصادات الغربية في العام الجاري. وكانت الهجمات قد رفعت أقساط التأمين وأدت إلى تأخير وصول البضائع بسبب طول رحلة الإبحار حول أفريقيا، كما ارتفعت أسعار الحاويات.

وتوقع محللون أن تضيف الهجمات الحوثية إلى سعر السيارات في الدول الأوروبية بما يراوح بين 1000 إلى 2000 دولار لسعر السيارة خلال العام الجاري، وبالتالي ربما تعيد التضخم إلى اقتصاديات أوروبا.

كما ارتفع الشحن البحري بين 4 و8 أضعاف للحاويات التي يبلغ طولها 20 قدمًا و40 قدمًا، وهناك بالفعل مؤشرات على أن شحن حاوية MSC سيكلف 10000 دولار في الشهر المقبل، حسب ما ذكرت قناة "سي أن بي سي" الأميركية. وقبل ذلك، كانت الأسعار في حدود 1700 دولار.

وقال المحلل الألماني، أندي إيكاردت في تحليل لقناة "سي أن بي سي"، تراجعت التجارة العالمية بنسبة 1.3% في الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني إلى ديسمبر/ كانون الأول 2023 بسبب تكثيف الحوثيين هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر.

في ذات الصدد، يقول الرئيس التنفيذي لشركة ويندوارد البريطانية المسجلة في ليفربول وتعمل في مراقبة المخاطر البحرية، عامي دانيال، إن المزيد والمزيد من خطوط الشحن تتجنب مخاطر الإبحار إلى إسرائيل.

وقال الأربعاء في تعليقات لصحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، إن توسع هجمات الحوثي ضد السفن الغربية في البحر الأحمر العابرة إلى المحيط الهندي وإلى أجزاء أكبر من بحر العرب، جعل مهمة التحالف البحري الذي تقوده أميركا شبه مستحيلة.

وأضاف دانيال القول، "لحماية سفينة شحن أو حاوية، يجب ألا تكون السفينة الحربية على بعد أكثر من 2000 ياردة منها، وإذا كان هناك 260 سفينة في المنطقة المهددة، من شمال غرب اليمن إلى جنوب شرق عدن، عليك أن تقف مسافة ميل من كل واحدة منها". وأشار إلى أن ذلك يتطلب الكثير من السفن الحربية لتوفير الحماية، وهذه مهمة مستحيلة".

ولفت الرئيس التنفيذي لشركة ويد وارد، إلى أن عملية التحالف التي أطلق عليها، "حارس الرخاء"، وأعلنت عنها الولايات المتحدة للرد على هجمات الحوثي بدأت تتراجع وتواجه العديد من العقبات.

وقال: "بات من الواضح أن الولايات المتحدة وبريطانيا لا تزالان تقودان العملية، ولكن هناك دول مثل فرنسا وإسبانيا انضمت وخرجت من التحالف، وأن هنالك عشر دول أخرى لم تحدد موقفها من العملية".

ووصف هذا التحالف بأنه ضعيف التنظيم، كما أن القوات تعمل بشكل مستقل، ومن المحتمل أن يقوم الفرنسيون، على سبيل المثال، بحماية سفن الشركة الفرنسية CMA CGM بشكل أساسي، أما الهنود الذين لم ينضموا إلى العملية، فقد نشروا مدمرات في أعقاب الهجوم على السفينة النفطية في المحيط الهندي.

وقال دانيال لـ"غلوبس"، إن "ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية في البحر الأحمر هو بمثابة بجعة سوداء للمسارات البحرية"، أي كارثة كبرى لقطاع الشحن البحري.
وتحلل شركة Windward حركات الشحن العالمية وتوفر المعلومات الاستخبارية للقوات البحرية وخفر السواحل في الدول الغربية.

وأوضح محللون أن بعض قباطنة السفن يطلبون صراحة عدم مرافقة السفن الأميركية لهم، إلا إذا كان الأمر يتعلق بعدة سفن من قوات التحالف، وبدعم من الأمم المتحدة، وهو أمر يصعب الحصول عليه للغاية في الوقت الراهن.

ويقول دانيال، إنهم يقولون في الأساس "أفضل ألا أكون محميًا من قبل الأميركيين، وهذا اتجاه جديد لم نشهده من قبل".

وأضاف، لقد رأينا بالفعل عدة سفن تبث عبارة "ليس لدينا أي صلة بإسرائيل" في تقارير مواقعها، ردًا على إعلان الحوثيين أنهم سوف يهاجمون أي سفينة تبحر إلى إسرائيل، أو تحمل بضائع إسرائيلية، أو تتاجر مع إسرائيل.

المساهمون