البحث عن فرصة عمل في إسرائيل!

22 يونيو 2022
حركة مقاومة إسرائيل تقوى رغم اتساع رقعة التطبيع/ الأناضول)
+ الخط -

ظللنا سنين طويلة في دائرة التطبيع الرسمي، حكومات عربية تُطبّع مع دولة الاحتلال سواء في العلن أو السر، وفي المقابل تسمح للنقابات المهنية والأحزاب بمهاجمة هذا النوع من التطبيع.

لكن في السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ العام 2020، انتقلنا بسرعة من التطبيع الرسمي الخجول إلى التطبيع الاقتصادي والمالي والتجاري والاستثماري الشرس والفج، والحديث الموسع عن صفقات ومصالح وبزنس تجمع بين حكومات عربية، في مقدمتها الإمارات، والاحتلال، بل وعن مشروعات كبرى تضر دول عربية أخرى كما هو الحال مع المشروعات التي تهدد قناة السويس وخط سوميد لنقل البترول العربي إلى أوروبا وغيرها.

ومؤخرا انتقلنا لمرحلة أخطر وهي محاولة الحكومات فرض التطبيع على الشعوب على أنه أمر واقع، وقرار سيادي، وربط التطبيع بمصالح واحتياجات الشعوب الأساسية، وابرام اتفاقات رسمية لتصدير عمالة وسياحة عربية إلى إسرائيل، والسماح بنفاد المنتجات والسلع الإسرائيلية إلى الأسواق العربية، وتسيير خطوط طيران منتظمة.

حكومات تربط التطبيع باحتياجات شعوبها، وابرام اتفاقات لتصدير عمالة وسياحة إلى إسرائيل، والسماح بنفاد السلع الإسرائيلية إلى الأسواق العربية

وقبل سنوات كانت زيارة وسفر أي مواطن عربي لدولة الاحتلال تثير الحساسيات والرفض الشعبي الواسع، بل وتقع تحت بند خيانة القضية ودم الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في العرب التي خاضها العرب ضد إسرائيل.

وقد تُلقي السلطات العربية القبض على المواطن عقب عودته إلى بلاده، وربما يصل الأمر إلى حد اتهامه بالتجسس والاتصال بعدو خارجي وايداعه غياهب السجون.

عموما كانت الشعوب ترفض الدخول في أي نوع من أنواع التطبيع مع هذا الكيان الذي اغتصب الأراضي العربية في فلسطين وسورية ولبنان ومصر وقتل آلاف الشهداء العرب، ولا يزال يمارس أبشع أنواع العنصرية ضد الفلسطينيين.

وكان الشباب الذين يبحثون عن فرصة عمل داخل إسرائيل يذهبون إليها تحت جنح الظلام وعن طريق دولة ثالثة، ويواجهون اللوم و"التجريس"، بل والاتهام بالخيانة من قبل من حولهم، وربما التبرؤ منهم من أسرهم وذويهم، ومن المجتمع بشكل عام.

الآن، أصبح سفر هؤلاء الشباب إلى إسرائيل في وضح النهار و"على عينك يا تاجر"، بل وباتت بعض السلطات العربية تشجع الشباب على السفر إلى دولة الاحتلال واقتناص فرصة عمل بها بحجة تفاقم البطالة وندرة فرص التشغيل داخل بلادهم.

هناك خطوط طيران مباشرة بين تل أبيب وعواصم عربية عدة، وهناك اتفاقات رسمية تنظم سفر العمالة العربية إلى دولة الاحتلال

فهناك خطوط طيران مباشرة بين تل أبيب وعواصم عربية عدة، وهناك اتفاقات رسمية تنظم سفر العمالة العربية إلى دولة الاحتلال، وهناك مشروعات يتم إقامتها بأموال واستثمارات عربية داخل المستوطنات تبحث عن عمالة.

أحدث مثال صارخ على هذا الأمر هو اعلان وزيرة الداخلية الإسرائيلية أيليت شاكيد، يوم الثلاثاء، عن قرب توقيع اتفاقية بين الرباط وتل أبيب، يتم بموجبها جلب اليد العاملة المغربية للعمل في دولة الاحتلال.

"اتفاقية كهذه ستساعد في تطوير سوق الإسكان في إسرائيل وتسريع عمليات البناء لمشاريع إسكانية، وتحل مسألة النقص في الأيدي العاملة الأجنبية في مجال رعاية المسنين والمرضى الذين يحتاجون رعاية على مدار الساعة"، وفق ما نقله موقع "يسرائيل هيوم" عن مسؤولين إسرائيليين.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد جرى إبرام اتفاق مغربي إسرائيلي يقضي بتشكيل فريق عمل مشترك للعمل على دراسة إمكانية جلب العمال المغاربة للعمل في قطاع التمريض داخل دولة الاحتلال، وإمكانية الإعفاء من التأشيرة.

السؤال هنا، هل جاء اليوم الذي يذهب فيه الشباب العربي إلى دولة الاحتلال للمساهمة في تقوية الاقتصاد الإسرائيلي وتحقيق فوائض مالية يشتري بها جيش الاحتلال السلاح الذي يوجهه نحو قلوب وديار أهالينا في غزة وجنين وطولكرم ورام الله وغيرها من العواصم والمدن العربية، وأن يعالج العرب أزمة ندرة العمالة داخل دولة الاحتلال؟

هل جاء اليوم الذي يذهب فيه الشباب العربي إلى دولة الاحتلال للمساهمة في تقوية اقتصاده وتحقيق فوائض مالية يشتري بها جيش الاحتلال السلاح الذي يوجهه نحو أهالينا في فلسطين

وهل سيتم السماح للشباب العربي بالعمل في مجالات ذات أهمية داخل دولة الاحتلال مثل الأنشطة المالية والبنوك والطب وتكنولوجيا المعلومات، أم يتم إلحاقهم بمهن ينفر منها المواطن الإسرائيلي مثل أعمال النظافة والبناء والتشييد والزراعة والتمريض وغيرها من الأنشطة التي لا يقبل عليها هذا المواطن؟

وفي حال قيام حرب مستقبلية بين العرب وإسرائيل لمن ينضم هؤلاء الشباب، ولمن يكون الانتماء، هل سيعملون وقتها داخل مصانع إسرائيلية تنتج السلاح الذي يقتل به جيش الاحتلال الشعوب العربية؟

عار على الشباب العربي البحث عن فرص عمل داخل دولة مغتصبة لأراضينا ولا زالت تقتل الفلسطينيين وتحتل الجولان، حتى لو كانت هناك تسهيلات وتشجيع ومباركة من حكوماتهم.

وعار على الحكومات العربية إبرام مثل هذه الاتفاقات التي تشجع على هجرة الشباب إلى دولة الاحتلال، خاصة مع امتلاك تلك الحكومات ثروات نقدية تقترب من 3 آلاف مليار دولار يمكن أن تخلق ملايين من فرص العمل في حال توجيهها لإقامة مشروعات داخل دول بالمنطقة بدلاً من ايداعها في البنوك الأميركية والأوروبية وشركات "الأوف شور" والملاذات الأمنة.

أو بدلاً من أن يتم توجيه هذه الأموال العربية لتمويل إقامة مشروعات استثمارية ضخمة داخل دولة الاحتلال وتأسيس شركات داخل المستوطنات والأراضي المحتلة، وبالتالي توفير فرص عمل ورفاهية للشباب والشعب الإسرائيلي.

المساهمون