حمزة نمرة: منع لـ"مصلحة الوطن"

حمزة نمرة: منع لـ"مصلحة الوطن"

23 نوفمبر 2014
+ الخط -

لم يعد سراً أن النظام في مصر يتخبّط في موقفه من الحريات. يفتح باباً من جهة، ويغلق عشرةً من جهةٍ أخرى. منذ أقل من أسبوعين، مثلاً، أوقفت السلطات المصرية فعالية "الفن ميدان"، لتعود وتسمح بها. واليوم، جاء الدور على المغني والملحن حمزة نمرة، الذي أصدر رئيس الإذاعة المصرية، عبد الرحمن رشاد، أخيراً، قراراً بمنع بثّ أعماله على أي إذاعة.

يُعرف حمزة نمرة (1980) بتوجّه خاصّ في الغناء. خرج عن الأسلوب المألوف في الأناشيد الدينية المؤطّرة ضمن المدائح النبوية والذكر، واتجه إلى الأغاني ذات النزعة الإنسانية، مُخاطباً من خلالها فئة الشباب. 

من هنا، يحاول كثيرون تصنيف "لسّه العدل غياب"، إذ يرونه نموذجاً للفن الذي ينتجه التيار الإسلامي؛ فألبومه الأول كان من إنتاج شركة "أواكيننغ ميوزيك" المعروفة بـ"الالتزام"، والتي سبق وأنتجت أعمالاً لكل من سامي يوسف وماهر زين.

في تصريحاته حول الموضوع، أرجع رئيس الإذاعة المصرية سبب منع بث أغاني نميرة إلى "معارضة" الفنان الشاب للنظام المصري الحالي: "إن من يعارض النظام الحاكم يعارض بالتبعية إعلام الدولة الرسمي، بل وجموع الشعب المصري؛ لأن هذا النظام هو الذي يحارب الإرهاب حالياً نيابة عن كل المصريين"!

ويضيف رشاد: "الشعب هو الذي خرج في ثورة 30 يونيو التي لا يعترف بها نمرة ويقدم أعمالاً فنية تترحم على ثورة 25 يناير2011 التي يراها انتهت في 30 يونيو 2013، لأنها أدت إلى انقلاب عسكري وليس إلى ثورة".

وحول الاتهامات التي تُوجَّه إلى الإعلام الحكومي، والقائلة إنّه يتبنّى وجهات نظر النظام الحاكم ويمنع كل من يخالفها الرأي، قال رشاد: "أصبح لزاماً علينا أن نصطف في خندق الوحدة والتآلف الذي يحاول النظام فرضه حالياً، وألا نقف في خندق المعارضة التي تضرّ بمصالح الوطن".

وعلى المقلب الآخر، أعلن فنانون مصريون رفضهم موقف رئيس الإذاعة، من بينهم الفنان محمود العسيلي الذي كتب عبر حسابه في "تويتر": "حمزة نمرة فنان مصري يقدّم فناً راقياً ومختلفاً. رأيه السياسي وتوجهاته ليس لها علاقة بفنه الذي لم يستخدمه قط في التحريض على العنف أو الإرهاب".

وكتب المخرج عمرو سلامة: "يعني إيه مغني زي حمزة نمرة لأنه رأيه السياسي مش عاجبكم تمنعوا أغانيه، وأغانيه حتى لا دخل لها برأيه السياسي؟ أتمنى تضامن كل الفنانين معاه". وأكد الفنان أمير عيد رفضه القرار هو الآخر: "أنا متضامن مع حمزة نمرة وضد هذا القرار الرجعي، وعلى فكرة أنا معرفش حمزة شخصياً ومش بسمعه بس ده قرار ضد الحرية".

من جهتها، نشرت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" على موقعها الخاص بياناً يرفض قرار المنع، الذي رأت فيه قمعاً لحرية التعبير، مستغربة "أن يصدر عن شخص يتولى منصب رئيس الإذاعة"، وهو الموقف نفسه الذي أعلنه كينيث روث المدير التنفيذي لـ"هيومان رايتس ووتش".

ومن المعروف أن للنظام المصري تاريخاً حافلاً بقرارات منع بث أعمال فنانين على المحطات والإذاعات الحكومية، لأسباب غير فنية، أو، بالأحرى، سياسية. من أبرز هذه القرارات ذلك الذي صدر بحق أم كلثوم بعد "ثورة 23 يوليو" 1952، التي قام به "الضباط الأحرار" ضد الحكم الملكي آنذاك.

وكان اسم "كوكب الشرق" قد عُدّ واحداً من رموز العصر البائد، في ذلك الوقت. وعليه، صدر قرار بمنع بث أغانيها نهائياً، إضافة إلى طردها من منصب نقيب الموسيقيين. وكما جرت العادة، فقد كان القرار فردياً، اتّخذه الضابط المشرف على الإذاعة.

ما جرى مع أم كلثوم حصل أيضاً مع الفنانة ليلى مراد، التي لاحقتها تهمة العمالة لإسرائيل، ومنعت أغانيها، وخضعت إلى تحقيق صارم، إلى أن ثبتت براءتها.

المساهمون