"حرب الذاكرة": عن فلسطين خارج المكان

"حرب الذاكرة": عن فلسطين خارج المكان

02 اغسطس 2018
تيسير البطنيجي/ فلسطين
+ الخط -
"فلسطين.. حرب الذاكرة" عنوان المحاضرة التي يقدّمها أستاذ الآثار والكتابات القديمة عمر الغول عند السابعة من مساء السبت المقبل في "منتدى الفكر الاشتراكي" في عمّان، ويتناول فيها علاقة الفلسطيني بالأرض من خلال قراءة صلته بالمكان الذي عاش فيه قبل النكبة عام 1948.

يقف صاحب كتاب "دراسات في مخطوطات البحر الميت" (2012) على بعض المرويات الدينية ليفكّك حضورها كحقائق راسخة، وإظهار تناقضها الواضح مع الكشوفات الأركيولوجية، في عدد من أبحاثه ومقالاته ومنها "الذاكرة سلاح" التي نشرت في كانون الثاني/ يناير الماضي.

في هذا المقال، يشير إلى سعي الرحالة الغربيين إلى فلسطين في القرن التاسع عشر، ومن بعدهم المهاجرين المستعمرين إلى فلسطين بعد قيام الحركة الصهيونية في أواخر ذلك القرن، إلى خلق صلات ما بين المواقع الفلسطينية المعاصرة ومواقع ذُكرت في العهدين القديم والجديد من الكتاب المقدس، بناء على التشابه في الأسماء مرةً، أو على التناظر في الموقع الجغرافي مرةً أخرى، وجاءت هذه الصلات متخيلة، ليس لها ما يسندها في الواقع.

في المقابل، راح الفلسطينيون ينسبون إلى بعض التجمعات السكنية الصهيونية أسماء عربية لم تكن موجودة يوماً في فلسطين، لكنهم جعلوها – عن طريق هذا التعريب المتعسف – جزءاً من حكاية علاقتهم بالمكان، بل وراحوا يشتكون من تهويدها، ويعبِّرون تعبيراً متعدد الأشكال عن الحنين إليها، بحسب الغول.

يضرب المحاضر مثلاً صارخاً على مثل هذه الصلة بـ"المكان غير الموجود" هو تعريب اسم مدينة "تل أبيب" باسم "تل الربيع" على نحو يوحي بأنه كان في فلسطين مدينة على الساحل اسمها "تل الربيع" وأن الصهاينة هودوه بأن ترجموه إلى العبرية، إذ إن كلمة “أبيب” العبرية تعني "ربيع" في العربية، أما كلمتا "تِل" العبرية و"تَل" العربية، فلهما المعنى نفسه، وعليه، فهذه الترجمة صحيحة، ولا يؤخذ عليها سوى أن فلسطين لم تعرف في تاريخها مكاناً اسمه "تل الربيع".

ويلفت إلى أن المستوطنين من جمعية "أحوزة هبَّيت" الذين أسسوا مستعمرة "تل أبيب" جنوبي مدينة يافا عام 1909 على أرض عربية، اشتروها اسمها كرم الجبالي، استجلبوا لها اسمها الحالي من التاريخ اليهودي القديم، لاقترانه في الفكر اليهودي بمفهوم الغربة والعودة؛ إذ إن "تل أبيب" اسم أطلقه اليهود على ذلك الموقع الذي أنزلهم فيه البابليون يوم سبوهم إلى هناك بعد احتلالهم للقدس في عام 586 قبل الميلاد.

المساهمون