علاء الديب.. "الكاتب المتفرد" يستعاد دائماً

علاء الديب.. "الكاتب المتفرد" يستعاد دائماً

04 فبراير 2018
(علاء الديب)
+ الخط -

بمناسبة صدور عدد خاص من مجلة "بانيبال" يتناول تجربة الكاتب المصري علاء الديب (1939-2016) تحت عنوان "كاتب متفرد"، يقيم "بيت السناري" في القاهرة بالتعاون مع "صالون قنديل أم هاشم الثقافي" في "مكتبة الإسكندرية" حفل إطلاق للعدد الستين عند السابعة والنصف من مساء اليوم الذي يتزامن أيضاً مع ذكرى مولد الكاتب في 4 شباط/ فبراير.

يشارك في الحفل، الذي يتزامن أيضاً مع مرور عقدين على إصدار أول عدد من "بانيبال"، رفيقة درب الكاتب الراحل والمستعربة ورئيسة تحرير المجلة مارغريت أوبانك، إلى جانب الروائي العراقي صموئيل شمعون مؤسّس "بانيبال"، ومدير مهرجان "برلين العالمي للأدب" أولي شرايبر.

في العدد أيضاً ترجمة مقتطفات مترجمة من رواية "زهر الليمون" التي كتبها الديب عام 1987، ومقالات عنه كتبها روائيون وشعراء مصريون من بينهم؛ محمود الورداني، وياسر عبداللطيف، ومنصورة عز الدين، وإبراهيم فرغلي، ويوسف رخا، ووعلاء خالد. قام بترجمة النصوص والشهادات، جوناثان رايت، وسالي جمعة، وعادل بابكر، وناريمان يوسف، وبن كوربر، وسونيلا موبائي وپول ستاركي.

الشهادات حول تجربة الديب تنوّعت في زواياها، فمنها ما هو شخصي ومنها ما يتعلّق بأدب صاحب "قمر على المستنقع"، و"أيام وردية"، الذي عرف بصوته المختلف منذ أن أصدر "القاهرة" عام 1964، سنجد الروائية المصرية منصورة عز الدين تكتب عن "المثقف اليساري المهزوم" وتصفه "لطالما نُظِر إليه باعتباره الزاهد أو القديس في حياة ثقافية موسومة بالمجاملات والمصالح، ولطالما اعتبر الأدباء -على اختلاف أجيالهم- أن كتابة الديب عنهم تعميد لهم وصكّ اعتراف بهم. هذه المكانة نالها الروائي الراحل عن استحقاق لموضوعيته واهتمامه بتشجيع الأصوات الجديدة التي يراها جديرة بالتشجيع والتقديم بغض النظر عن أيّ اعتبارات أخرى. يشبه علاء الديب أبطاله إلى درجة كبيرة".

بينما يرى الروائي المصري إبراهيم فرغلي أن الديب "كان مشغولاً بالتغيّرات النفسية للشخصية المصرية وخاصة للمثقفين، وبدا ذلك جلياً في النص (ثلاثيته)، وفي الإحساس العام للبطل بالتغيرات التي مرّت بها مصر وتغيرت وتشوهت. بتصوير الحنين للريف والقرية باعتبارها المكان الحصين للنقاء الذاتي، والمكان الذي لم يتشوّه أهله بنفس القدر الذي أصاب سكان المدينة. هذه التغيرات أو التشوهات هي أحد أهم ما شغل الديب، وجعلته بعيداً ومنعزلاً تماماً عن الوسط الأدبي في مصر، حتى أنه ذكر في سيرته مرة أنه لم يمر بتجربة السجن في العمل السياسي، لكنه قرر أن يسجن نفسه في بيته".

أما الروائي المصري محمود الورداني فيتناول في مقالته بالتحديد رواية "القاهرة" بالتحليل والقراءة، ثم يقول "في حوار ممتع أجريته مع الأستاذ علاء الديب حول سنوات الجامعة، شرح لي كيف كان تجواله في قاهرة خمسينات القرن العشرين، قاهرته التي أحبها. كان يسير في "مناخ ساج"، كما يصفه بدقة، في طريقه للجامعة. تشعر في حديثه بأن الكون كله متسق معه في سيره اليومي. برغم كل الزخم السياسي لقاهرة الخمسينات إلا أنها لم تكن حائلاً لشعوره بالاتساق والتوحد مع نفسه، كانت المدينة لازالت كتلة حية بالنسبة إليه ولم تتحوّل بعد إلى قاهرة مسيطرة، أو إلى نموذج أبوي بالمعنى الفرويدي الذي تود قتله والتخلص منه أو الهرب. كانت القاهرة وقتها لها نظام أبوي حان في نظر علاء الديب، وهي أيضا نظرته للأبوة، كما حكى لي في علاقته بأبيه، نوع من التقدير وليس الصدام. هذا الإحساس الأبوي بقاهرة الخمسينات من القرن الماضي بالمدينة سيفقده بطله بعد ذلك خلال سيره في قاهرة الستينيات من القرن نفسه، ربما بضغط الحس الأبوي الشمولي الذي كان يفرضه نظام عبد الناصر".

يتابع الورداني "دائما ما نلتقي في الإسكندرية في غرفته بفندقه المطل على البحر، وهناك يحدثني عن مرسى مطروح، المكان الذي يبعد كثيراً عن قاهرته. الإسكندرية ومطروح هما قاهرته الجديدة/ القديمة التي يستعيد فيهما حالة الاتساق والتفاعل الحي. لم يعد هناك مركز للإلهام إلا بعيداً. ولكن تظلّ الروح الساجية التي امتلكها الأستاذ علاء الديب والتي فرشت ظلالها ومحبتها على الجميع، والتي جعلته ينظر لحياته وللآخرين من مكان ظليل، كأنه كان يسير في نزهة طويلة امتدت لعشرات من الأعوام".

عرف الديب بمقاله الشهير "عصير الكتب" في مجلة "صباح الخير"، وترجم أعمالاً أدبية وسياسية، منها مسرحية "لعبة النهاية" لـ صموئيل بيكيت في العام 1961، و "إمرأة في الثلاثين" مختارات من قصص هنري ميلر في العام 1980، "عزيزي هنري كيسنجر" في العام 1976 للفرنسية دانيل أونيل، و "الطريق إلى الفضيلة" في العام 1992، وهو نص صيني مقدس كتبه الفيلسوف الصيني لاو تسو. كما كتب الراحل جانباً من سيرته الذاتية بعنوان "وقفة قبل المنحدر، من أوراق مثقف مصري 1952 - 1982".

المساهمون