"ملتقى القصة القصيرة": تجريب ومظلومية

"ملتقى القصة القصيرة": تجريب ومظلومية

02 مايو 2016
تيباري قنطور، المغرب
+ الخط -

"الأقصوصة جنس أدبي سردي أقلّيٌّ"؛ لعلّ هذه العبارة التي وردت في ورقة تقديم "الملتقى الأول للقصة التجريبية" في تونس، تشير إلى شعور بالمظلومية لدى كتّاب القصة ونقّادها عربياً، مقارنة بالرواية أو الشعر، ظهر في مداخلات المشاركين في التظاهرة التي انتظمت في "المكتبة المعلوماتية" في تونس العاصمة، يومي 29 و30 نيسان/ أبريل.

تضمّنت التظاهرة مجموعة من المحاضرات، مثل "أجناسية القصة القصيرة" لـ عبد الرزاق السومري و"مظاهر التجريب في الأقصوصة التونسية والفلسطينية" لـ بشير الجلجلي و"التجريب في الأقصوصة العربية: مستوياته وأبعاده" لـ الأمين بن مبروك و"في المعايير الأجناسية للأقصوصة" لـ محمد آيت ميهوب و"الواقع الموازي" في القصة" لـ فتحي بن معمّر وغيرها.

في كلمته، تحدّث الباحث، حاتم السالمي، استناداً إلى مجموعة "حرف الحاء" للكاتب المصري بدر ديب، عن الفروقات بين الكتابة الروائية والكتابة الأقصوصية حين اعتُبرت الرواية جنساً حوارياً وبوليفونياً بحسب باختين، أما الأقصوصة فهي جنس أحاديّ، هذه الرؤية بحسب الباحث تجعل الأقصوصة تبدو جنساً مُحنّطاً، إذ يؤكّد أن العناصر الفنية فيها لا تبنى بالسرد فحسب، ولكنها ممكنة باسترفاد فنون أخرى مثل اللوحة التشكيلية او الأغنية أو المسرح.

أما الباحث، عبد القادر العليمي، فقد تناول الجانب المفهومي من التجريب، وكون هذه الظاهرة في الأدب تبدو كمرادف للحداثة، خصوصاً وأن النص التجريبي لا مكان فيه لسلطة القواعد والانسجام والمثال المسبّق.

من زاوية أخرى، تحدّث الكاتب، سمير بن علي المسعودي، عن "الأقصوصة حين تذهب إلى السينما" مشيراً إلى أننا "نتخيّل بأن الحكي ينتقل بسهولة إلى صورة، غير أن الحقيقة غير ذلك فالعناصر الأساسية للقصة تتغيّر عند الانتقال من وسيط إلى آخر"، باعتبار أن الأدوات تُفضي إلى عوالم جديدة وليس فقط الى معان جديدة كما يشير الى ذلك منهج الميديولوجيا.

خلال النقاش الذي تلا المحاضرات، تحدّث منسّق الملتقى، الناقد رضا بن صالح، عن "القصة كأصل والتجريب كفرع محمول عليه"، وقد حاول من خلال مجموعة من الأسئلة أن يعقد مقارنات بين القصة في أصولها الأوروبية وبين حضورها العربي، وكذلك الأمر مع التجريب فيها، فـ "الأقصوصة العربية، شأنها شأن غيرها من أقاصيص الشعوب والقوميات الأخرى، لم تجد محيداً يحول دون وقوعها في التجريب".

يتساءل بن صالح "هل كان التجريب سبباً في إحباط القصة العربية وسقوطها؟ وهل يمكن أن لا يكون الكاتب العربي اليوم تجريبياً؟ لكن ألم يتحوّل التجريب إلى عبء أكثر منه إلى إضافة، أي أقرب إلى ركض وراء موضة؟" ليخلُص إلى أنه ينبغي للكاتب العربي أن يتبنّى موقفاً متعدّداً من الحداثة حيث توجد حداثات لا حداثة واحدة، وكل منطقة في العالم لها حداثتها.

حول هذه الملاحظات، يردّ المسعودي بأن التجريب في الغرب تطوّر مع تطوّر القراءة والبحث العلمي في الأدب، على عكس العالم العربي الذي ظهر فيه التجريب في ظل انحسار القراءة، هكذا جاء التجريب في وقت سيّىء.

ضمّ الملتقى شهادتين لكل من الكاتبين القصصيّين، وليد سليمان وعمر السعيدي، الثاني تحدّث عن تبلور تجربة الكتابة لديه من خلال مسيرته، والفضاءات التي توفّرها الساحة التونسية، أما سليمان فقد لفت في كلمته إلى أن "الكاتب العربي عليه أن ينتبه إلى ما وصل إليه التجريب في العالم"، إذ يميل إلى القول إن "كل شيء قيل في القصة القصيرة تقريباً، وإن التقنيات كلها جرّبت" معتبراً أن الكثير مما يسمّى تجريباً ليس سوى عمليات تكرار.

من جهة أخرى، تحدّث سليمان عن ضرورة الوعي بمعوقات التلقي والقطيعة بين القرّاء والكتّاب، معتبراً أن محاولة استعراض العضلات أمام القارئ أحد أسباب هذه القطيعة، ويرى أن تجاوزها ممكن من خلال احترام الحكاية كشرط ضمن النصوص الأدبية.

المساهمون