جاك ريفيت: نهاية محاولة لتقديم فكرة عن العالم

جاك ريفيت: نهاية محاولة لتقديم فكرة عن العالم

29 يناير 2016
(ريفيت في كواليس "المتديّنة"، تصوير: بيير زوكا)
+ الخط -

عن 87 عاماً، رحل المخرج الفرنسي جاك ريفيت، أحد مؤسّسي ومنظّري تيار "الموجة الجديدة" التي أسّست لسردية وجمالية مغايرة في السينما الفرنسية، إلى جانب جون لوك غودار وفرانسوا تريفو وكلود شابرول.

راكم ريفيت حوالي 30 عملاً سينمائياً خلال نصف قرن، كما عُرف بتحليلاته النظرية حول الفن السابع، وكان رئيس تحرير مجلّة "دفاتر السينما" البارزة، والتي واكبت تحوّلات السينما الفرنسية ابتداءً من الخمسينيات.

وُلد ريفيت في مدينة رُوّون في آذار/ مارس 1928. أخرج فيلمه القصير الأوّل "في الزوايا الأربع" عام 1949. في العام نفسه، التحق بباريس؛ حيث التقى بشابرول وتريفو وغودار عندما كان يرتاد مكتبة باريس للسينما "لاسينيماتيك"، وتمخّضت صداقة هذا الرباعي المفتون بالفن السابع والأدب مجلة "لاغازيت دو سينما" التي ستُعلن عبر صفحاتها ميلاد حساسية سينمائية جديدة.

في بداية شبابه، اشتغل ريفيت مساعداً للمخرج جان رونوار، قبل أن يُخرج فيلمه الطويل الأول "باريس لنا"، الذي واجه صعوبات كبيرة في تمويله. لكن الشريط سرعان ما سيكرّسه، رغم نفسه التجريبي الراديكالي، كواحد من أكثر المخرجين الفرنسيين موهبةً في بداية الخمسينيات.

مثل رفاقه في الموجة الجديدة، كان ريفيت يكتب مقالات منتظمة في "دفاتر السينما". في نهاية الخمسينيات، سيقوم بانقلاب جذري في المجلّة ضد التيار الذي كان يقوده إيريك رومير المدافع عن السينما الأميركية، في حين أن ريفيت كان يدعو إلى تخصيص صفحات المجلّة للتجارب السينمائية الأوروبية والسينما الناشئة في الدول النامية، والانفتاح على الأدب والنقد والعلوم الانسانية.

وذلك ما قام به عندما تولّى رئاسة تحرير المجلّة ابتداءً من 1963، حيث بدأ تجربته تلك بسلسلة حوارات مع رولان بارت وكلود ليفي شتراوس وميشال فوكو وجيل دولوز وبيار بوليز وآخرين.

بالموازاة مع اشتغاله في "دفاتر السينما"، أخرج ريفيت سنة 1965 فيلمه الثاني "المتديّنة" المستوحى من عمل للكاتب الفرنسي ديدرو. تعرّض الشريط إلى الرقابة ثم المنع من طرف حكومة الرئيس شارل دوغول ووزير ثقافته آنذاك الكاتب أندريه مالرو، ولم يُسمح بعرضه حتى 1967، بعد معركة قضائية مدوّية.

أخرج ريفيت العديد من الأفلام التي طبعت تاريخ السينما الفرنسية الحديث؛ مثل: "الحب المجنون" و"جسر الشمال" و"36 منظراً لجوف سان لوب"، إضافةً إلى عشرات المسرحيات. وكانت له رؤية خاصة في الإخراج ترتكز على إرساء علاقة خاصّة مع الممثّلين والممثّلات، وتفضيل الارتجال، بدل الارتكان إلى السيناريو. وكانت السينما بالنسبة إليه "محاولةً لتقديم فكرة عن العالم"، وليست استنساخاً له.


اقرأ أيضاً: خمس رصاصات في القلب

المساهمون