امتحان الكاريكاتير

امتحان الكاريكاتير

01 ابريل 2015
محمود كحيل (1936 - 2003)
+ الخط -

لا يتورّع حرّاس بوابة الشعر التقليدي عن طلب إثبات أهليّة الشعراء بكتابة قصيدة عمودية واحدة على الأقل لمنحهم "لقب شاعر"، ومن ثم يستطيع الناجح كتابة قصيدة تتحرّر من التفعيلة والصدر والعجز.

الأمر ذاته يحدث في فنون أخرى، حين يُطلب من رسامين يافعين إنجاز "بورتريه" كامتحان قبول في عالم الفن. مطالبات لا تلتفت إلى الفكرة ومآلاتها بقدر ما تلتفت لامتحانات قبول المهنة.

يفلت فن الكاريكاتير من هذا الفخ. إذ يكفي اليوم أن تقدّم رسمة تسمّيها "كاريكاتير" حتى تأخذ جواز مرورها نحو الجمهور. هل سمعتم بكتاب نقدي عربي يستهدف الكاريكاتير؟

قد يكون استعصاء النقد الموجّه للكاريكاتير، أنه يبدو مثل صفٍّ من النكات التي تتقافز في شكلها وبنيتها بين مستويي الجودة العالية والرداءة المطلقة، لكل منها جمهورها الذي يبتسم ويصفق لها.

جمهور في معظمه لا يلتفت إلى وظيفة الكاريكاتير الأصيلة، ولا لمواصفاته التي وُضعت كي تبعده عن فخ اختزاله في سخرية، إلى تكثيف الواقع وخلخلة الثابت الاجتماعي والسياسي فيه.

لا يحتاج فن الكاريكاتير، باعتبار وظيفته، إلى امتحانات قبول؛ لكنه يحتاج إلى وعي يمنع انحداره مثلما انحدرت أشكال فنية أخرى، كالشعر والقصة وغيرها، في مربعات الاستسهال والاستعجال والادّعاء.

دلالات

المساهمون