حسن المنيعي: حركية الفرجة وهموم التلقي

حسن المنيعي: حركية الفرجة وهموم التلقي

27 مارس 2015
موهو دريسي / المغرب
+ الخط -

يدين النقد المسرحي في المغرب للباحث حسن المنيعي، ليس فقط لأن له دوراً ريادياً في وضع ملامح مدرسة نقديّة في المغرب، أو لأنه انتقل بها من مجال الانطباع والهواية إلى مناهج نقدية صارمة، بل أيضاً لتطويره مجموعة من المباحث المسرحية وحفره فيها، إضافة إلى ترجمته لتجارب مسرحية غربية، والتعريف بالمسرح المغربي على الصعيد العالمي.

منذ بداية مساره، اعتبر المنيعي أن ميزة المسرح تتمثّل في شساعة عوالمه، لذلك ظل باحثاً عن آفاق أرحب في المسرح على الدوام. ورغم انحيازه أحياناً إلى التشكيل والنقد الأدبي، فقد ظل النقد المسرحي هو مهمته، سواء من داخل أسوار الجامعة حيث يدرّس، أو من خارجها.

المهم لدى المنيعي هو بحثه المتواصل في أشكال العرض المسرحي، واستقراره على مفهوم الفرجة في المسرح الذي اعتنى به وطوّره، منذ كتابه "المسرح المغربي من التأسيس إلى صناعة الفرجة"، وصولاً إلى كتابه الأخير "حركية الفرجة في المسرح ـ الواقع والتطلعات"، (أواخر 2014).

هموم التلقي وصناعة الفعل المسرحي حاضرة بشكل أكثر تطوراً في كتاب "حركية الفرجة"، الصادر عن "منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة"، بفصول مختلفة كـ"المسرح العربي بين مرحلتين"، و"تحولات الفرجة المسرحية العربية من 1971 إلى الربيع العربي"، و"المسرح العربي ما بعد الدراما"، و"مسرح الاحتجاج في المغرب". ويرى المنيعي في البداية أن ما توصل إليه في بحوثه هو "حصيلة قراءة ذاتية قائمة على مشاهدة العروض المسرحية، والتشبّع بالنظريات الغربية".

ويعتبر المنيعي أن الطيب الصديقي هو صاحب تحوّل بارز في مفهوم الفرجة في المسرح المغربي، إذ تُعتبر مسرحيته "مقامات بديع الزمان الهمذاني"، نقطة بداية حقيقية، رغم ما سبقها من دعوة ومحاولات لتوظيف التراث بهدف خلق مسرح أصيل.

هذا العمل، وفق الكاتب: "أحدث ضجة في العالم العربي، من خلال أسلوبه الجديد، الذي حوّل المقامة كجنس أدبي إلى فرجة تتميّز بالتشويق، مع الاستناد في إخراجه على توظيف ذكي لعناصر بصرية وغنائية وحركية، تحرّر جسد الممثلين وتجعلهم يشاركون في ولادة مسرح يقوم على المتعة".

لم يعد المسرح العربي، في نظر المنيعي، فصولاً ومشاهد متناسقة ومتعاقبة غير قابلة للتطوير، إذ يبيّن أن الفضاء "أصبح مفتوحاً يختلط بالقاعة والجمهور، ويتجلى ذلك في مسرح العبث في العالم العربي، ثم في تجارب الصديقي ومحمد قاوتي وعبد العاطي لمباركي".

هذا بموازاة التطور في الاشتغال على النص المسرحي أيضاً الذي "قام على التوليف وتقطيع الحدث إلى لوحات وحركات، بفعل الاستفادة من المسرح العالمي واستثمار عناصره، وكذلك من ظهور جيل من المخرجين المحترفين".

كل هذه العوامل، بحسب المنيعي، لعبت دوراً كبيراً في تغيير ملامح اللعبة الإخراجية منذ بداية المسرح العربي إلى الآن ، حيث ظل المسرح دائم البحث عن هوية عربية لم تستقر على وجه واحد، وهو ماضٍ في التطور، لأن التجديد يدخل في صلب العمل المسرحي نفسه.

المساهمون