أوركسترا طهران.. ليلة العودة

أوركسترا طهران.. ليلة العودة

26 مارس 2015
+ الخط -

في ليلة ربيعية ممطرة، اصطف جمهور غفير أمام مسرح "وحدت"، وسط العاصمة الإيرانية، في انتظار دخول قاعة انتظرت طويلاً عودة أعضاء فرقة "أوركسترا طهران" إليها، بعد أن توقف عملها منذ نحو أربع سنوات لأسباب عديدة، أبرزها المشكلات المالية وانخفاض الميزانية التي من المفترض أن تتولاها الحكومة، فضلاً عن عوامل أخرى تتعلق بـ"جدل" حول الموسيقى في الساحة الإيرانية.

حماس العازفين خلف الكواليس كان واضحاً، فجميعهم كان يعلم أن تلك الليلة قد تؤسس لعودة قوية إلى الساحة الإيرانية، وربما خارجها. وكان لافتاً حضور مسؤولين ووزراء في حكومة حسن روحاني، الذي كان قد وعد بإعادة الأوركسترا إلى المسرح.

عنوان العرض الأول كان "السلام"، وعزف فيه أعضاء "الأوركسترا السيمفونية التاسعة" لبيتهوفن، وأدّوا مقطوعات أوبرالية بأصوات فنانين وفنانات من إيران، يعتبرون أن الموسيقى تستطيع أن تكون أداة مؤثرة لتغيير صورة إيران أمام العالم.

وقال مساعد قائد الأوركسترا وأحد أبرز أعضائها، أرسلان كامكار، إن رسالة الحفلة واضحة للجميع، فالموسيقى أداة لإيصال ما نريد في الداخل وللخارج، ومن الإيجابي تلاقي الخطاب السياسي للحكومة الحالية مع الموسيقى.

وأضاف كامكار، لـ"العربي الجديد"، أن أعضاء الفرقة بذلوا جهداً هائلاً، إذ لم يتمرنوا معاً إلا خلال أسبوع واحد، مشيراً إلى أن مستواهم عالٍ جداً، رغم توقف عملهم معاً لسنوات. وعن أسباب التوقف، ذكر كامكار أن انخفاض الميزانية وعدم الاهتمام بتأمينها جعلا ملامح موسيقى الأوركسترا تختفي مع مرور الوقت.

مرت "أوركسترا طهران" بمراحل متذبذبة كثيرة منذ تأسيسها عام 1933، فتطور عملها أحياناً وتراجع أحياناً أخرى، وكانت مستقلة وغير حكومية حتى بداية السبعينيات، لكن الاهتمام الذي كانت تحظى به من قبل أهل الفن جعلها تزدهر وتتقدّم.

وبعد الثورة الإسلامية، خصوصاً بعد عام 1990، لم تتسلّم قيادة الفرقة شخصية ثابتة، ما أدى إلى تبعات سلبية أثّرت على عملها. ومنذ تأسيسها، مرّ على الأوركسترا قادة إيرانيون وغربيون.

وبعد الثورة، درّبها المايسترو الألماني ماتياس غروغار مرة واحدة فقط. لكن عندما تسلّمها كلّ من مرتضى حنانه وحشمت سنجري، عُرفت هذه المرحلة بمرحلة نضج للأوركسترا، كونهما كثفا العمل خلالها.

يقول المايسترو علي رهبري، قائد الأوركسترا الذي أحيا حفلة الانطلاق، إنه رغم عمر الفرقة الذي تجاوز الثمانية عقود، فإن عدم الاهتمام بها خلال الأعوام الأخيرة أدّى إلى توقف عروضها، مبدياً تفاؤله بالمستقبل.

وأضاف رهبري، لـ"العربي الجديد"، أن هناك تحديات كثيرة تواجه عملهم، معتبراً أن هذا الأمر طبيعي في إيران، في ظل اختلاف الآراء حول العديد من الجوانب الفنية بشكل عام، والموسيقى بشكل خاص.

التأثيرات السلبية على الساحة الموسيقية تثير جدلاً كبيراً في الداخل الإيراني، فهناك مشكلات تعترض الموسيقى الغربية وإن كانت كلاسيكية، وتعترض حتى الموسيقى الإيرانية التقليدية التي تُستخدم فيها أدوات شرقية بحتة.

فخلال الأشهر الماضية، أُلغيت حفلات كثيرة لعدة فرق، كما أن "هيئة الإذاعة والتلفزيون" لا تعرض حفلات مصوّرة، فضلاً عن أن العديد من الفنانين، لا سيما فناني البوب، ينتظرون دورهم للحصول على تراخيص لألبوماتهم وحفلاتهم، كونهم يفضّلون عرض فنهم في بلدهم على الهرب إلى الخارج. وهذا لا يعني منع الموسيقى في إيران، بل تأثّرها أحياناً بتغيّر الحكومات وبآراء بعض رجال الدين المتشددين، ما يؤدي إلى تذبذب الوضع.

الغناء المنفرد للنساء، نقطة أخرى تثير الجدل، فعدد من الفنانين، بل وحتى عدد من المسؤولين، يعتبرون أن هذا أمر يجب حلّه، عبر السماح للنساء بأداء غناء منفرد وعدم إبقائهن كجزء من الكورال.

دلالات

المساهمون