أنا مع العروسة: مهاجرون بربطات عنق

أنا مع العروسة: مهاجرون بربطات عنق

19 مايو 2014
مشهد من الفيلم
+ الخط -

تخبرنا حادثة شهيرة أنّ مغربيّاً كتب سيناريو فيلم عن "الهجرة غير الشرعيّة"، وقدّمه إلى جهات في بلده كمؤلّف ومخرج، فنال المشروع إعجابها وقررتْ تمويله على الفور، بمساهمة جهات إسبانية دخلت على الخط الإنتاجي. المغاربة والإسبان اتفقوا على أنّه عمل توعوي مهم.

عندما حُدّد موعد التصوير وصل إلى الأراضي الإسبانية ما لا يقل عن مئة شخص؛ ممثلون وتقنيون وعمّال، فاحتفل الإسبان بهم أيما احتفال. وفي اليوم التالي، لم يكن هناك أحد، اختفى الجميع، ليتبيّن أن أفراد الطاقم ليسوا سوى هاربين دفعوا للمؤلف مبالغ كبيرة مقابل تهريبهم.

لا تبعد فكرة فيلم "أنا مع العروسة" كثيراً عن فكرة ذلك المهرّب المغربي، إلاّ بفارقَيْن لمصلحة هذا الفيلم، الأول أنّ خدمة التهريب مجانية، والثاني أن الفيلم خرج إلى الضوء اليوم.

العمل الذي اشترك فيه، فكرةً وكتابةً وإخراجاً، كل من الإيطاليَيْن أنتونيو أوغوليارو وغابريّلِه دِلْ غراندِه والفلسطيني خالد سليمان الناصري؛ انطلق في البداية من الرغبة في مساعدة هؤلاء المهاجرين الذين يصلون إلى ميلانو بهدف بلوغ السويد، فكانت الفكرة أن تبدو القافلة، وهي تعبر حوالي الثلاثة آلاف كيلومتر في أوروبا خلال أربعة أيام، زفة عرس تجنّباً للشبهات.

تروي الرحلة من ميلانو إلى ستوكهولم، بين 14 و18 نوفمبر/ تشرين الأول 2013، قصص خمسة مهاجرين فنتعرّف إلى ما جرى لهم في سورية، ومع المهربين، وفي البحر. خمسة مهاجرين يظهرون في غاية الأناقة لغايات التنكّر التي اقترحها الفيلم، لدرجة أنه لن يخطر على بالنا أنهم قادمون من حرب وبحر.

نرى صورة أخرى لأوروبا من خلال تضامن شبّانها الذين فتحوا بيوتهم للقافلة، في ألمانيا والدنمارك والسويد، مستخفين بكل القوانين المتزمتة في سبيل تحقيق غاية إنسانية. "العربي الجديد" رافقت القافلة في الأراضي الألمانية، حين باتت ليلتها في مدينة "بوخم" في ولاية "شمال الراين".

الشخصيات الرئيسية في الفيلم: منار، مغني راب من دمشق في الثانية عشرة من العمر، وصل مع أبيه علاء إلى سواحل صقلية بعد 14 يوماً من خروجهما من مصر على متن قارب صغير؛ الشاب الفلسطيني ـ السوري عبد الله الذي كان طالباً في جامعة دمشق وواحداً من قلة قليلة نجت بعد غرق قاربهم قرب جزيرة لامبيدوزا في 11/10/2013؛ الفلسطيني ـ الأردني أبو نوار وزوجته السورية منى اللذان انطلقا من ليبيا حيث تركا خلفهما أولادهما الثلاثة.

خلال أسبوعين بالتمام انتهت كل الترتيبات، كُتب الفيلم، قُسمت المهام السينمائية، دُرست الطرق، حُدّدت الاستراحات والمضيفون، اشتُريت البدلات الأنيقة وثوب العروس.

الفيلم هو التجربة السينمائية الأولى لكل من الصحافي غابريّلِه دِلْ غراندِه والشاعر خالد سليمان الناصري، لكنه بالنسبة لأنطونيو أوغوليارو التجربة الإخراجية الطويلة الأولى، بعد أفلام قصيرة عدة.

يقول صانعو الفيلم في بيان أصدروه اليوم: "عندما يعرض هذا الفيلم، قد نتعرض لمساءلات قانونية ونواجه حكماً بالسجن لمدة تتراوح بين خمس سنوات وخمس عشرة سنة، لأننا ساهمنا بإنجاح هجرة غير شرعية. لكننا مستعدون لتحمّل المسؤولية بعد كل هذا الكم من القتلى في سورية وهذه الحرب التي عجز العالم عن إيقاف نزيفها. ونقول: إنّ مساعدة شخص واحد فقط على الهروب من حمّام الدم ذاك يُشعرنا بأننا نقف إلى جانب الحق".

المساهمون