نزيه أبو نضال.. غالب هلسا المثقّف والثورة

نزيه أبو نضال.. غالب هلسا المثقّف والثورة

06 ديسمبر 2023
غالب هلسا وأبو نضال في ندوة بمخيم اليرموك قرب دمشق خلال الثمانينيات
+ الخط -

في محاضرته التي قدّمها أمس الثلاثاء في "الجمعية الفلسفية الأردنية" بعمّان، توقّف الباحث الأردني نزيه أبو نضال عند شخصية غالب هلسا وانخراطه المبكر في الأحزاب اليسارية العربية، وكذلك في صفوف المقاومة الفلسطينية، واشتباكه الحادّ مع الواقع السياسي الذي ميّزه عن كتّاب آخرين.

ونبّه المحاضِر إلى أن أهمية أيّ كاتب أو فنان تظل متصلة على الدوام بمدى إسهامه في قضايا شعبه التاريخية لصناعة المستقبل، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، موضّحاً أن الروائي الأردني (1932 - 1989) اختار منذ بدايات تشكّل وعيه التخندق المُدافع عن حرية الإنسان وحقّه المقدس في العدالة والديمقراطية.

كما استعرض أبو نضال، في محاضرته التي حملت عنوان "غالب هلسا المثقّف الشامل"، سيرة الراحل منذ انضمامه إلى "الحزب الشيوعي الأردني" ودخوله بسبب ذلك السجن؛ التجربة ذاتها التي عاشها في لبنان وسورية ثمّ في مصر التي أُبعد عنها إلى العراق، بسبب مواقفه المعارضه للنظام المصري، وفي مقدمتها توقيع اتقاقية السلام مع العدوّ الإسرائيلي (كامب ديفيد)، ومن بغداد هرب إلى لبنان ليلتحق بالثورة الفلسطينية.

كرّس هلسا كتااباته للدفاع عن برنامج الثورة وكشف كل السياسات المساومة والمتراجعة

وأوضح أبو نضال أن هلسا كرّس كتاباته للدفاع عن برنامج الثورة وكشف كل السياسات المساومة والمتراجعة، وأن كل ما كتبه من روايات ودراسات ومقالات - وبغض النظر عن الاتفاق معه حول هذه المسألة أو تلك - كان تعبيراً عن قناعته ومبادئه التي آمن بها، وحتى حين كان يوجه نقده لبعض القوى السياسية، فإنما سعى إلى تصويب بعض المسارات الخاطئة والمساومة لديها.

ورأى أن هذه المسألة تحديداً جعلت من صاحب رواية "السؤال" إشكالية حقيقية، فهو في معظم الأحوال في حالة اشتباك مع هذا الطرف أو ذاك، مبيناً أن ذلك لا يعني أه لم يجانبه الصواب في العديد من هذه الاشتباكات والمواقف، بل إن غالب نفسه كان لا يلبث أن يدرك أخطاءه بل ويعترف بها، ويرجعها عادة إلى طبعه الانفعالي في الكتابة، وهذه ميزة مهمة يفتقدها الكثيرون، وفق أبو نصال.

ولفت إلى أن هلسا امتلك فوق ذلك جرأة نادرة في نقد وتقييم كتاباته السابقة، بما في ذلك رواياته ودراساته النقدية، مستشهداً بما ورد في مقدمة أحد كتبه في معرض تعليقة على أولئك الكتّاب الذين يتبنون فكرة ثابتة ولا يحيدون عنها: "ولقد تبين لي أن كل واحد من هؤلاء ينطلق من موقف ثابت ومحدد.. لا يغيره أو يخرج عنه. وبدا لي الأمر وكأن كل واحد منهم قد وقع أسير تعويذة، سيطرت عليه وعجز عن الفكاك منها"، ثم يضيف: "وهذه المسألة تحيرني... كيف يظل الإنسان سجين فكرة واحدة لا يحيد عنها، وخاصة أن هذه الفكرة جزئية وغير باهرة، فأسال نفسي وأعلم أنني عاجز عن الإجابة: متى نشأت هذه الفكرة؟ ولماذ تثبتت بكل هذا الرسوخ؟ وما الذي يجعل الإنسان يخضع لحتمية فكرة كهذه؟".

يخلص أبو نضال إلى أنّ غالب هلسا امتلك وعياً نقدياً في مواجهة أسئلة الثورة وانعطافاتها، وكذلك في خوضه الصراع من أجل الديمقراطية في الأردن والبلدان العربية التي عاش فيها، وأيضاً في سجالاته المتعددة ضمن الحياة الثقافية العربية حتى غادر الدنيا في الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر 1989 في دمشق، حيث نُقل جثمانه إلى الأردن في اليوم التالي، ودُفن فيها.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون