"مسعفو غزّة".. توثيقٌ حيّ لوقائع الإبادة الصهيونية

"مسعفو غزّة".. توثيقٌ حيّ لوقائع الإبادة الصهيونية

07 يناير 2024
مسعفو "الهلال الأحمر الفلسطيني" في رفح عقب غارة صهيونية عليها، 12 الشهر الماضي (Getty)
+ الخط -

منذ اليوم الأول للعدوان على غزّة، والاحتلال الإسرائيلي يضع طواقم الإسعاف الفلسطينية في مرمى نيرانه، ويقتل مُتعمّداً من يهبُّون لنجدة المُصابين ونقل الشهداء والجرحى إلى المستشفيات. مع ذلك، فإن الواقع يكشف عن تفاني المُسعفين الذين يسابقون الزمن في مهام الإنقاذ، وهذا ما يُضيئه وثائقي "مسعفو غزّة: الفرقة 101"، الذي بثّه مؤخَّراً "التلفزيون العربي"، في محاولة للكشف عمّا يُواجهه المُسعف الفلسطيني، وما تختزنه ذاكرته من مشاهد العدوان ومآسيه.

أُنتج الشريط (26 دقيقة) بين منتصف تشرين الأول/ أكتوبر ونهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وفي بداية التخطيط لإنتاجه تواصل "التلفزيون العربي" مع الصحافي رشدي السرّاج، الذي استُشهد باستهداف منزله في اليوم نفسه الذي كان من المُخطّط أن يبدأ فيه التصوير.

كما تمّ التواصل مع الصحافي محمد الصوّاف الذي شرع بالفعل في تصوير الفيلم. وفي مراحل الإنتاج الأخيرة، استهدف الاحتلال منزل عائلته فاستشهد والدُه الصحافي مصطفى الصوّاف ووالدته، ولاحقاً استشهد شقيقاه منتصر ومروان الذي كان بدوره ضمن فريق عمل الفيلم.

شهادات حيّة تُلخّص أبعاد الجرائم الإسرائيلية بحقّ الفرق الطبيّة

يونس عبد القادر، المُسعف في "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني"، أحد أبرز الوجوه التي يقدّمها الشريط، يقول إنه كان يعتقد أن العدوان الذي شنّه الاحتلال عام 2014 على القطاع الفلسطيني المُحاصر، كان الأعنف على الإطلاق، لكنّ القصف الذي تشهده غزّة حالياً خالف توقّعاته، مضيفاً: "حرب 2014 توازي يوماً واحداً من الحرب الحالية".

ويتابع: "طواقم الإسعاف تعمل أساساً تحت ضغط نفسي وسط القصف والخوف والقلق، ولا سيّما أنّ الناس كلّهم يحتاجون إلى المُسعفين الذين يكونون بالنسبة إليهم بمثابة الملاك المُنقذ".

يتحدّث عبد القادر، خلال الفيلم، عن انتشال جُثث 14 شهيداً من بينهم 11 طفلاً لعائلة نازحة من شمال غزّة، ويصف استهداف الاحتلال لسيارتهم التي حملوا فيها أمتعتهم، بعدما وصلوا إلى جسر وادي غزّة قبالة البحر.

من جهته، يلفت المُسعف سالم أبو الخير، إلى أنّ أغلب المُسعفين ينطلقون إلى مهامّهم وهم يتساءلون إن كانوا سيعودون إلى منازلهم أحياء، ويذكّر بأنّ المسعفين هدف للاحتلال، بالإشارة إلى الاستهداف الدوري لسيّارات الإسعاف وإصابة واستشهاد عدد من المسعفين، معتبراً أنّ "كلّ تلك الأحداث لن تدفعنا للتخلّي عن مهمّتنا مهما فعل الاحتلال الإسرائيلي، حيث سنستمرّ بتقديم الخدمة الإنسانية للجميع حتى ولو على أجسادنا وأرواحنا".

الصورة
الإسعاف الفلسطيني - القسم الثقافي
جندي إسرائيلي يصوّب بندقيّته تجاه سيارة إسعاف فلسطينية، جنين، 13 كانون الأول/ ديسمبر 2023 (Getty)

بدوره، يشير محمود صالح إلى أنّ الاحتلال لا يتورّع عن استخدام "الضربة الثانية"، خلال تجمّع الناس في المكان عقب استهدافه بالضربة الأُولى، ويلفت إلى ما يُواجهه الُمسعف حينها على الأرض من ضرورة التعامل مع الشهداء والجرحى، والضغوط التي يسبّبها الخوف من قصف قد يستدعي إسعاف المُسعفين أنفسهم ومن حولهم.

أمّا جبر زيدان، فيختم بالحديث عن أزمة قطع الاحتلال الاتصالات عن قطاع غزّة، ما يؤثّر بشكل مباشر على قدرة المسعفين على الحضور السريع والفوري لإنقاذ حياة المُصابين.

نقلت مَشاهد "مسعفو غزّة" الواقع وحجم التضحيات الفلسطينية من "المسافة صفر"، كما بات يُقال، حيث اكتملت فيه الشروط الفنّية والبصرية، بقدر ما أوصل للمُشاهِد رسالة إنسانية، تُبيّن مدى الإجرام الإسرائيلي بحقّ الكوادر الطبيّة.

المساهمون