غازي طالب.. حكاية من فلسطين اغتالها الاحتلال

غازي طالب.. حكاية من فلسطين اغتالها الاحتلال

15 ديسمبر 2023
غازي طالب في أحد العروض التي نظّمها "مركز وطن" في غزة
+ الخط -

"لو كنتُ من الناجين بعد هذه الحرب، أنا كحكواتي، كيف سأروي للأطفال قصصاً ترفيهية، وأنا أري بعينيَّ قصصاً دموية؟". كانت هذه العبارات من آخر ما دوَّنه الفنّان والحكواتي والمصوّر الفلسطيني غازي طالب، الذي قتلته، بصُحبة عائلته، غارةٌ صهيونية في التاسع من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وذلك في سياق حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها "إسرائيل" على غزّة منذ أكثر من شهرين.

وقد نعت وزارة الثقافة الفلسطينية الفنّان عبر حسابها على فيسبوك، لافتة إلى نشاطه الاجتماعي أيضاً، بوصفه قائداً كشفياً ومُبادراً، إلى جانب عمله في "مركز وطن للثقافة والفنون"، وعضواً في "اللجنة الإعلامية الكشفية الوطنية".

تناول في أعماله قضايا التحرّر وعلى رأسها حرّية الأسرى في سجون الاحتلال

شارك طالب في العديد من الأعمال الفنّية التي لاقت صدى واسعاً في الشارع الفلسطيني والعربي، فقدّم أفلاماً منها: "عملية الوهم المُتبدِّد" (2012)، وهو شريطٌ وثائقي يُحاكي العملية الفدائية التي أسرت فيها المقاومة أحد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 2006، حيث جسّد طالب شخصية أحد المقاومين، وفيلم آخر بعنوان "بيّارة الموت" (2019). أمّا على مستوى الدراما التلفزيونية، فشارك في مسلسلات عديدة، منها: "الروح"، و"الفدائي" في جزئه الثاني، و"عنقود" (2020).

الصورة
غازي طالب - القسم الثقافي
من أحد العروض التي قدّمها الحكواتي الشهيد

في أحد اللقاءات المُصوَّرة مع الفنّان الشهيد، نجدُه يظهر بالزيِّ التقليدي مُعتمِراً طربوشه المُعتاد، ليتحدّث عن فنّ الحكواتي في فلسطين، وعن إرث الجدَّات الخاصّ، والفوارق التي راحت تنشأ بين أجيالٍ مُختلفة ممّن احترف هذه المهنة، خاصّة في زمن التطوّر التكنولوجي، والتحدّيات التي طرأت على هذا الفنّ، سواء كان موجّهاً للأطفال أم للكبار، ثم شرع طالب بتقديم حكاية على طريقته حول التسامح.

وفي تسجيل آخر يحكي، بصحبة عازف الناي نعيم الهسّي، مرويّة قصيرة عن الإعلامية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، يُكثّف فيها إرث الصحافية الوطني، التي اغتالها الاحتلال في الحادي عشر من أيار/ مايو 2022، وكيف كانت العائلة تطمئنّ لـ"الخبر الصافي" الذي تنقله شيرين، وأنّها غطّت انتفاضات واجتياحات في مدن فلسطينية عديدة. في ذلك التسجيل، لم يكن طالب بزيّه التقليدي، بل اختار أن يتّشح بالكوفية، ويرتدي قميصاً كُتب عليه "سنحيا كراماً".

عروضٌ فنّية مختلفة قدّمها الفنان الفلسطيني الشهيد، ظلّ يركّز فيها على قضايا فرضها الواقع الاستعماري الاستيطاني على البلاد، لكن قضية الأسرى كانت الأكثر تناولاً في أعماله، إلى جانب جريمة الحصار الممتدّ على قطاع غزّة منذ سبعة عشر عاماً.

يُتابع الحكواتي تدوينته الأخيرة التي تساءل فيها: كيف سيروي القصص بعد ما شهده خلال هذا العدوان الإجرامي الذي لم ينتهِ بعد، فيكتب: "هل أروي لهُم عن طفلٍ رضيع وُلد ولم يرَ النور بعد وأهله كلّهم شهداء، أم أروي لهم أنهم قصفوا مستشفىً، أم أروي لهم... ولهم... ولهم... من القصص التي بشّع الاحتلال فيها بحقّ شعبي؟ أقول لهم ولكم: نحن - إن شاء الله - إن كنّا من الأحياء سنروي قصص البطولات والمجد، سنروي قصص التاريخ المجيد والحاضر العريق والمستقبل البهيج".

المساهمون