"الأخدود 143": اختفاء الجندي الكردي

"الأخدود 143": اختفاء الجندي الكردي

18 ابريل 2015
مشهد من فيلم "الأخدود 143" المقتبس عن الرواية
+ الخط -

حين أصدرت "دار سوره مهر" الطهرانية أخيراً طبعة جديدة من رواية الكاتبة الإيرانية نرجس آبيار (1971)، "العين الثالثة"، استبدلت عنوانها بعنوان فيلم "الأخدود 143"، المقتبس عنها، ووضعت على الغلاف شريطاً يتضمن عبارة "أفضل أفلام العام"، بغية رفع مبيعات هذا العمل الذي صدر عام 2006 عن دار نشر أخرى.

قدّمت آبيار روايات وقصص كثيرة، يتناول معظمها الحروب التي اختبرها المجتمع الإيراني، ومعاناة أبنائه من جراء ذلك. ولا تبتعد رواية "الأخدود 143" عن هذا المحور، بل تشكّل تتويجاً لأعمال آبيار السابقة، لمقاربتها موضوع العلاقات التي تنشأ بين الجنود أثناء الحرب، وبين ذويهم.

تسرد الرواية قصة 13 شاباً كردياً يغادرون قريتهم للمشاركة في الحرب. فبعد صدور الفتوى التي تسمح للشباب بالالتحاق بالحرب العراقية الإيرانية من دون موافقة الوالدين، يندفع هؤلاء الشباب لتسجيل أسمائهم في معسكرات التدريب، ويختلطون مع شبّان من مختلف بيئات المجتمع الإيراني، فيعيشون تجربة يتعرّفون فيها إلى أشياء جديدة وغريبة عن بيئتهم، قبل أن ينتقلوا إلى خط الجبهة الأمامي.

تجري أحداث الرواية ضمن خط زمني متسلسل، تستعين به الكاتبة لربط حاضر الشخصيات في المعارك وماضيها في قرية "بيجار"، ولوصف ما يعيشه ذووها من قلق وترقّب. أما القصة، فتروى على لسان أحد أبطالها، باقر سرابي، الذي نطّلع من خلاله على مشاعره ومشاعر رفاقه قبل وصولهم إلى خط النار وتحوّل الحرب إلى حقيقة يهابون فيها الموت أو الإصابات والعجز المحتمل.

ولأن ستة منهم سيقعون في الأسر، يتحوّل مسار الرواية إلى حياة الأسر وما يقبع خلف القضبان من انتظار وقلق. وفي هذا السياق، تتعمّد الكاتبة التركيز على شخصية واحدة هي أمّ يصلها خبر اختفاء ابنها مع بقية أبناء القرية، ما يوجّه السرد في اتجاه البحث عن مصير واحد من آلاف المفقودين في الحرب، فتنسج آبيار بمهارة خمس عشرة سنة من الفقدان والشوق لأمٍّ لا ينقطع أملها يوماً في عودة ابنها.

في بداية روايتها، تقتحم الكاتبة بيئة معينة من المجتمع الإيراني محاولةً الخوض في تفاصيله، وتقديم لون محدد لروايتها، لكنها تبقى ضمن القالب الكلاسيكي الذي تتميّز به روايات الحرب العراقية الإيرانية، أو ما يسمى في إيران بأدب "الدفاع المقدس". قبل أن تتدارك الأمر وتُخرِج نصّها من مأزق التقليد حين تركّز على شخصية الأم "اختر".

لكن تبقى الرواية مهمة على مستوى حبكتها المشغولة، ولغتها السردية المميّزة، وتسارع الأحداث المشوّقة فيها، وأسلوبها الواقعي البعيد عن أي تصنّع وزخرفة.

المساهمون