"الفقير جهده كبير" مثل ينطبق أكثر ما ينطبق على أهالي مدينة رفح الذين قدّموا ا كلّ ما يملكون لإخوانهم الهاربين من القصف الإسرائيلي الذي يعانون منه اليوم.
اليوم، ونحن نعود إلى زمن ما قبل اكتشاف الكهرباء، نحن نشكر الربّ كثيراً لأن الجو البارد لا يساعد على تلف أطعمتنا القليلة سريعاً، والتي لا نحصل عليها بسهولة.
فجأة، وجدتُ نفسي وكأني أنزلق في غيابة جبٍّ عميق، أعمق مما قد يتخيّله خيال إنسان، هكذا أصبحت ومن معي مثل العميان، وحولنا كلّ مشاعر الخوف، وبداخلنا قلوبٌ تنتفض بأحاسيس لا نعبّر عنها إلا بالبكاء.
شعرتُ بالفرحة والذعر معا، وأنا بين أحضان صديقتي وابنتيها في بيتٍ غريب، ومع أناس غرباء بدأوا يلمسونني ويتحسّسون شعري، ويبدون إعجابهم بجمال شكلي، فأطلقت مواءً فهمت منه صديقتي أن عليها أن تختار لي مكانا آمنا في هذا البيت الضيق.
نجوْنا في هذه الجولة، وفقدنا بيتنا، وكل ما نملك فيه، وأصبحنا لاجئين مشرّدين عند عائلة أخرى في غزّة لنعيش بينهم ومعهم، ونتشارك الخوف واللقمة ثلاثة أيام، حتى وصل القصف إلينا، فكان علينا أن نخرج لكي نجري وننجو بأنفسنا...
الآن أنت المهاجَم والمباغت، فلأول مرّة، يتمكّن مسلّحون فلسطينيون من اقتحام مستوطنات غلاف غزّة برّاً وجوّاً، والاشتباك مع القوات الإسرائيلية من مسافة صفر، وأسر عشراتٍ من جنودهم، وذلك بعد أن طفح الكيل مما تقوم به إسرائيل من اغتيالات وقتل وتشريد.
قلة من يجيدون الحب مع الوفاء، وقلة من يرون أنّ الحياة كانت بالأحباب أو الأصدقاء الراحلين. ولذلك كثيرون يهاجمونهم، وكأن هذا الحب جريمة، وربّما لأن قسوة الحياة اليوم لا تجد فيها متّسعا للمشاعر الإنسانية بين الأحياء، فكيف ستكون بين حيّ وميت؟
تبقى الكوارث الطبيعية بحاجة لدراساتٍ مستفيضةٍ وأبحاثٍ دؤوبة ومستمرّة لتجنّبها وتقليل مخاطرها ومنع حدوثها إن أمكن، ومع ذلك فإنّ فيضان سدّي درنة في ليبيا، أخيرا، يشير إلى أن الفساد البشري السبب الأول في عدم القدرة على مواجهة مثل هذا الفيضان.
الجريمة لا تبرّر، ومحاولة تبرير تحوّل إنسان إلى قاتل بسبب ظروف أسرية غير سوية مرفوضة، فنحن أمام جريمة فقط، ومن يرتكبها يستحقّ أقسى العقوبة، وإن لم يمنع ذلك الإشارة إلى أنّ مسلسل "سفّاح الجيزة" الذي صوّر لنا السفّاح مسلياً وظريفاً.