أخبرني عن الحلم يا مارتن

أخبرني عن الحلم يا مارتن

28 اغسطس 2014
طفلة عراقية لاجئة (سفيان حامد/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

قبل 51 عاماً أطلق مارتن لوثر كينج صرخته "عندي حلم"، رسم فيها غد الولايات المتحدة الموعود، الذي يسوده التآخي والمساواة والعدالة، لم يكن يقصد الجانب العرقي فقط بل الإنساني عامةً، كان حلماً بإبادة كلّ أنواع الظلم وألوان العنصرية.

أثناء إحدى المسيرات المطالبة بالمساوة والتخلّص من العنصرية ضدّ السود عام 1963، وعند نصب لنكولن، ألقى كينج خطاباً مؤثّراً، وحين انتهت الورقة التي أعدّها، صاحت المغنية ماهاليا جاكسون من بين الحشود "أخبرهم عن الحلم يا مارتن"، فارتجل مارتن الجزء الشهير في خطابه، الذي بدأه قائلاً "عندي حلم"، مكرّراً العبارة ست مرّات، حاصداً تأثّر وتفاعل الحشود...

ألهم الخطاب الفنون قبل السياسة والتحركات المدنية والحقوقية. تحوّل عنوان "عندي حلم" أو I have a dream أيقونة جماهيرية وبصمة في تاريخ الفنّ والثقافة.

إضافة إلى كونه من أبلغ خطابات القرن العشرين، ومفصلاً في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية وحركات العدالة العالمية، انتقل تأثيره إلى أرجاء واسعة من العالم، ولكنه يناضل بضراوة في بلادنا العربية الموعودة بإجهاض الأحلام.

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يأتي الثامن والعشرون من أغسطس/آب، ذكرى الخطاب، يضيء تلك الصفحة من الدستور الإنساني العالمي، التي خطّها كينج نيابة عن الملايين الذين صاروا مليارات.

اغتيال كينج لم يقتل حلمه، وهذا لم يثبت بسرعة، بل احتاج سنوات، لذا فإنّ اغتيال وقتل وإجهاض أحلام الحرية والعدالة لن يعني أبداً انهزامها. هذا ما يريد مارتن قوله اليوم للمجرمين الذين يحكمون مصائرنا، ويظنّون أنّ استفحال جرائمهم دليل قوة وانتصار.

لعلّ أشهر اقتباسات الخطاب كانت أغنية فريق الآبا السويدي عام 1979. حملت الأغنية العنوان نفسه "عندي حلم" وإن اختلفت أحلام الشبان السويديين عن أحلام كينج في المفردات، إلا أنّها استلهمت روح خطابه ولاقت تماهي الملايين، إذ حقّقت الأغنية نجاحاً جماهيرياً واسعاً، وأعاد تأديتها مغنّون كثيرون، كما أعادت إنتاجها وإصدارها الفرقة السويدية "ويست لايف"، عام 1999، فعادت بعد عشرين عاماً إلى تصدّر قائمة أفضل الأغاني وأكثرها رواجاً.

مؤخّراً استلهمت ديزني العبارة في فيلم "تانغلند"، المستوحى من القصّة الشعبية "رابونزل"، في أغنية أصبحت واحدة من أفضل أغاني أفلام الرسوم المتحركة.

كلّ غنى حلمه بطريقته، بعباراته وأحاسيسه، وفي لحظة تاريخية حرجة نعيشها اليوم أفكّر في آلاف ومئات ألوف البشر الذين يحبسون أغنيتهم في قلوبهم، وهم يفرّون من حدود إلى أخرى للنجاة بحياتهم وإنسانيتهم المهدّدة بالتطرّف والأصولية والاستبداد وبعنجهية وغباء الإمبراطوريات المتناحرة.

للطفلة الأيزيدية حلمها، للمرأة العراقية والشاب السوري والفتية اللبنانيين والفلسطينيين والمصريين.. أحلامهم السجينة. ذكرى خطاب مارتن مناسبة لنتضامن مع أوجاعهم ورعبهم من القادم.

المساهمون