الدراما السوريّة بين الرقيب والأمن السوري

الدراما السوريّة بين الرقيب والأمن السوري

24 أكتوبر 2014
لقطة من مسلسل "الحقائب" (العربي الجديد)
+ الخط -


إنَّ أكثر ما نجحت فيه المسلسلات السوريّة، عقب خفوت وتراجع مستوى الدراما التلفزيونية المصريّة، التي كانت صاحبة السبق والرقم الأول لدى المشاهدين العرب لسنوات طويلة، خصوصاً في سنوات (2000 -2010) بسبب افتقار الكتابات المصرية إلى التجدد إلا فيما ندر، وبقاء التصوير على عهد رتيب ومتشابه ومتكرر، كان نقلَ المخرج السوريّ للتصوير من ضيق الاستديو إلى رحابة وتنوع شوراع المدن والأرياف السورية، ومن الداخل المصطنع والضعيف الشكل غالباً إلى فضاء الخارج، الذي شكل إطاراً حياً لمسلسلات بدت في ظاهرها أقرب إلى مجرى حياة حقيقية، وذلك من خلال ترك الاستوديو المغلق، إضافة إلى المهارة الفنية التي اعتمدت على أداء ممثلين بارعين، ذوي خبرة مسرحية أساساً، ومخرجين جدد نقلوا تقنيات السينما إلى التلفزيون، ناهيك عن الجيل الجديد الشاب من خريجي المعهد العالي العالي للفنون المسرحية

الملاحظات السابقة تتناول الجانب الفني والتقني وأهمية مواقع التصوير، وهو الجانب الذي مدَّ سوق الإنتاج بكوادر باتت أكبر عدداً وأكثر مهارة في مستوى التنفيذ، بعدما تزامن ذلك مع توظيف أموال طائلة في خدمة الإنتاج التلفزيوني، واستيعاب سوق الفضائيات الخليجية، ورغبتها في شراء وتمويل إنتاج مسلسلات سورية، حدّ أن كثيرين من المؤلفين والكتاب تحولوا إلى كتاب سيناريو، لما كانت تدرّه المهنة من أموال. 

إذن، بات على منتجي الدارما السورية حينها، والحال هذه، إرضاء المموِّل من جهة، وعدم تجاوز الرقيب الأمني السوري من جهة مقابلة، خصوصاً عندما كان الإثنان واحداً، وهي الحالة الغالبة. كان ذلك حصاراً مزدوجاً لم يعترف به كثيرون من المشتغلي في الفنّ الدرامي السوري، الذي طالما افتخر به مقرّبون من النظام، حدّ قولهم إن دمشق ستتحول إلى هوليود عربية في غضون سنوات قليلة! 

كان صعود التلفزيون على حساب السينما والمسرح، وليس هذا فقط، إذ اقترن الصعود بانتقاء مواضيع محددة لتناولها، فيما ظلت حالات كثيرة خارج التناول، وعدا هذا وذاك، فقد تشكلت لغة حواريّة تقلصت شيئاً فشيئاً، وهي تكاد لا تقول شيئاً وتهرب من معناها المباشر، سرعان ما تحولت إلى قاعدة عامّة في الكتابة، وهذا ما حجّرها ومنع تبدّلها، مما جعل لغة الكتابة ومواضيع الدارما تلتقيان في مكان واحد هو إعادة ما أنتج سابقاً مع تغيير الاسم فقط. 

لسبب ما، كانت الدراما قناعاً على نوع من التواطئ، نوع من تقديم صورة زاهية عن بلد كان يتعفن يوماً بعد آخر.  
يبقى أمام الممثلين والكتاب والمخرجين السوريين الآن سؤال آخر ومختلف: أي شيء يمكنكم نقله الآن بعدما تجاوز الواقع الخيال، وصار التاريخ جزءاً من شارع طالما كنتم من مادحيه؟! وهل التقنية والمهارة وحدهما كافيتان كي تصنع فناً صار الابتكار فيه أصعب من ذي قبل؟  
  

المساهمون